الأحد 22 سبتمبر 2024 الموافق لـ 18 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

الحكمة الدولية السابقة سمية فرقاني للنصر


أعرف كواليس المستديرة وقدمت لمرسلي صورة عن الفساد المستشري
أكدت الحكمة الدولية السابقة سمية فرقاني على أن إقدام وزارة الشباب والرياضة على قطع أولى الخطوات الميدانية، في إطار محاربة الفساد الكروي يكشف عن النوايا الجادة للوصاية، في انتهاج سياسة جديدة تهدف إلى تطهير المحيط الرياضي، من الأساليب والسلوكات التي ظلت تشوهه وتلطخ صورته.
حــاورها: صالح فرطــاس
فرقاني، التي تعد أول من مثلت الصفارة الجزائرية على المستوى الدولي، أوضحت في حوار مع النصر، بأنها استغلت فرصة التكريم الذي حظيت به في نهاية الأسبوع الفارط، للحديث مع كاتب الدولة المكلف برياضة النخبة نور الدين مرسلي عن مخطط محاربة الفساد، كما استعادت ابنة البرواقية في هذا الحوار، ذكريات مغامرتها في سلك التحكيم، وكذا مع المنتخب الوطني، فضلا عن تجربتها السياسية بعد عهدة قضتها تحت قبة البرلمان، وأمور أخرى، نقف عندها بالتفصيل في رحلة الأسئلة والأجوبة التي كانت على النحو التالي:
لم أسلم من عنف الملاعب ومن المفارقات ذهابي ضحية اعتداء لاعبة !
*نستهل هذا الحوار بالحديث عن التكريم، الذي نظمته وزارة الشباب والرياضة نهاية الأسبوع الماضي، على شرف بعض الرياضيات السابقات، وكنت من بين المكرّمات، فما تعليقك؟
هذه المبادرة تعد بمثابة اعتراف من الوزارة بما قدمه العنصر النسوي، من تضحيات للنهوض بالرياضة الجزائرية في مختلف التخصصات، كما أنها نفضت الغبار عن بطلات عانين التهميش في السنوات السابقة، وتحرك البطل الأولمبي السابق نور الدين مرسلي ميدانيا، بعد تعيينه في منصب كاتب الدولة مكلف برياضة النخبة، كان وراء تكريم أبطال وبطلات صنعوا الحدث في فترة صعبة كانت بلادنا قد مرت بها، وقد كنت من بين المكرّمات، بصفتي أول امرأة جزائرية اقتحمت سلك التحكيم في عالم كرة القدم وظفرت بالشارة الدولية، إلى جانب حكمات دوليات في اختصاصات أخرى، أمثال دنيا حجاب ونجاة زناقي، إضافة إلى زميلتي السابقة في المنتخب الوطني النسوي نعيمة لعوادي، وكذا بطلة العالم في الكاراتي دو أمينة سيكيو، ولو أنني استغليت هذه الفرصة لتثمين الإجراءات الأولية التي قطعتها الوزارة، في إطار محاربة الفساد الرياضي، سيما بعد لجوئها إلى العدالة في قضية تخص كرة القدم.
* نفهم من هذا الكلام أنك لا تزالين على صلة بعالم المستديرة رغم مرور سنوات على اعتزالك التحكيم؟
علاقتي بكرة القدم لم تكن مقترنة بالمغامرة، التي خضتها في سلك التحكيم أو حتى عندما تقمصت الألوان الوطنية، بل إنها تواصلت حتى بعد تعليقي الصفارة، حيث أن الرئيس السابق للفاف محمد روراوة، كان قد أدرجني ضمن قائمة الأعضاء الشرفيين في الجمعية العامة للاتحادية، كما أن تجربتي السياسية والتي قضيت بموجبها عهدة تحت قبة البرلمان كنائبة، جعلتني أواصل الحديث عن قضايا الرياضة وتطوراتها، وكنت دوما أطالب بضرورة تطهير المحيط من الدخلاء والطفيليين، الذين ما فتئوا يتلاعبون بالمال العام على مستوى النوادي، وهذه هي الرسالة التي عمدت إلى إيصالها إلى نور الدين مرسلي خلال حفل التكريم، لأن احتكاكي بعالم كرة القدم لفترة طويلة، مكنني من أخذ نظرة واضحة عن الواقع المتردي الذي تعيشه المنظومة الكروية الوطنية، والفساد تجاوز كل الحدود على مستوى الفرق، لكن غياب الرقابة وعدم تحرك الهيئات المعنية للضرب بيد من حديد، ساهم في تفاقم هذه الظاهرة، وفسح المجال أمام المسيرين للتلاعب بالأموال العمومية مع تهميش الشبان، ولو أن الخطوة التي قطعتها الوزارة، في قضية التسجيل الصوتي، زعزعت كل الأطراف الفاعلة في الساحة الرياضية، لأن طرح أول قضية على مستوى العدالة كفيل بفتح الكثير من ملفات الفساد.
أفتخر كوني أول امرأة جزائرية تدير مباراة رسمية
*وما سر حديثك بحسرة كبيرة عن الوضع الراهن للرياضة الجزائرية وعلاقة ذلك بقضايا الفساد؟
العهدة التي كنت قد قضيتها في البرلمان، كانت الفرصة الأنسب لي لمطالبة مختلف المسؤولين بضرورة التحرك، والحرص على التطبيق الصارم للقوانين المعتمدة في تسيير وتنظيم النوادي الرياضية، وهذا المطلب مستمد من النظرة التي كنت قد استخلصتها من تجربتي الميدانية المزدوجة كحكمة وكذا كلاعبة، لأن الأندية تحوّلت إلى فضاء مناسب للتلاعب بالمال العام، في ظل عدم احترام الاتفاقيات التي يبرمها الرؤساء مع الوزارة عند الحصول على الإعانات، وهذا الصمت ساهم بصورة مباشرة في ظهور أساليب «البزنسة» في صفقات التعاقد مع اللاعبين والمدربين، خاصة في الفترة التي كانت فيها الجزائر تعيش «بحبوحة» مالية، وهي السنوات التي عرفت ارتفاع المعدل السنوي لمصاريف الأندية إلى الملايير، بعد اعتماد مشروع «الاحتراف»، ولو أن هذه الخطوة كانت فاشلة ميدانيا، واقتصرت على اتخاذ إجراءات إدارية بقت مجرد حبر على ورق، لكنها بالموازاة مع ذلك عبّدت الطريق أمام معظم المسيرين، لتحويل أموال الدولة إلى وجهات أخرى، مع كثرة الحديث عن نشاط «الكواليس»، بظهور كتلة «الوسطاء» التي تحترف «السمسرة»، سواء في مجال استقدامات اللاعبين وحتى في تعيينات الحكام.
فضلت التحكيم على مواصلة المشوار مع منتخب السيدات
*في ظل هذه الوضعية، هل ندمت على مغامرتك الشخصية في كرة القدم؟
تعلقي بعالم المتسديرة كان منذ الطفولة، إذ أنني كنت أشارك في مباريات كروية رجالية مع أبناء الحي ببلدية البرواقية، لأنني من عائلة رياضية، وهذا المحيط ساعدني على كسر «الطابوهات» دون عقدة، وفي ظل عدم وجود أندية لكرة القدم النسوية في بداية العشرية السوداء، فقد وجدت نفسي مجبرة على الانخراط في سلك التحكيم، وكان ذلك سنة 1991، ولو أن هذه المغامرة كانت في بدايتها صعبة للغاية، لأنني اكتفيت بالتكوين النظري على مدار 4 سنوات، دون نيل شرف إدارة أي مباراة حتى في الأصناف الصغرى للرجال، الأمر الذي جعلني أنتظر إلى غاية سنة 1995، لما علمت بوجود أندية لكرة القدم النسوية بمدينة عنابة تلعب داخل القاعة، فراودتني فكرة تنظيم دورة هناك، ومن تلك الدورة التي أشرفت عليها الجمعية الوطنية لتطوير الرياضة النسوية، تم وضع حجر الأساس لإنشاء أول منتخب وطني نسوي بالجزائر، وعملية الانتقاء تمت في دورة وطنية تم تنظيمها بملعب 5 جويلية الأولمبي، وكنت حينها أحمل ألوان نادي فتيات البليدة، وقد تم اختياري ضمن قائمة 22 لاعبة، بعدما اقتنع مدرب الحراس أوشان بالمستوى الذي قدمته، فأصبحت الحارسة الأساسية للمنتخب في أولى فتراته.
*وكيف كانت عودتك إلى سلك التحكيم بعد إلتحاقك بالمنتخب؟
الحقيقة أن رغبتي في التحكيم كانت قد تفوقت على مغامرة كلاعبة، رغم أنني كنت من ركائز المنتخب، وهذا الدافع أجبرني على العودة مجددا إلى السلك، سيما وأن المعطيات تغيّرت، بتنظيم دورات كانت تندرج في إطار برنامج تطوير الممارسة الكروية في أوساط العنصر النسوي، وهي المناسبات التي أتاحت لي الفرصة أكثر لتحسين قدراتي الشخصية في مجال التحكيم، خاصة وأنني كنت مواظبة على تلقي الدروس النظرية، ونقطة الانطلاق لمغامرتي الميدانية مع الصفارة كانت سنة 1995، لما تكفلت بإدارة مباراة في صنف الأصاغر ذكور، والتي جمعت إتحاد البرواقية بضيفه إتحاد البليدة، وقد تلقيت الكثير من الدعم والمساندة من مسؤولي الفريقين، لأن ذلك الأمر كان بمثابة حدث تاريخي في الجزائر، كوني أول امرأة تدير مقابلة رسمية، وقد واصلت العمل بجدية كبيرة، بعد منحي الشارة الفيدرالية وبعدها الدولية، لأن الفيفا كانت قد انتهجت في تلك الفترة، سياسة تهدف إلى تشجيع العنصر النسوي على اقتحام سلك التحكيم، ووجودي وحيدة في الساحة جعلني أنال هذا الشرف، وأصبح أول حكمة دولية في تاريخ كرة القدم الجزائرية.
ناضلت في البرلمان لأجل سياسة تسيير رشيدة على مستوى الجمعيات
*وهل كان لك ظهور على الصعيد الدولي في تلك المرحلة؟
كرة القدم النسوية كانت شبه غائبة عن أغلب البلدان، وعليه فإن الفيفا كانت تستدعينا للمشاركة في تربصات وملتقيات تكوينية، في الوقت الذي كان فيه حضورنا على الصعيد الوطني مميزا، بدليل أنني سجلت تواجدي في مباراة رسمية للأكابر، وتندرج في إطار ربع نهائي كأس الجمهورية سنة 1998 بين نصر حسين داي وجمعية الشلف، وهي الخرجة التي سمحت لي بكسب الكثير من الثقة في النفس والإمكانيات، لأنه لم يكن من السهل إدارة لقاء «رجالي» أمام مدرجات مكتظة عن آخرها، ولو أنني كنت مرتبكة في البداية، سيما وأنني أعطيت حينها اهتماما لما كان يردده بعض المناصرين في المدرجات، والذين حاولوا استفزازي، من خلال مطالبتي بالعودة إلى المطبخ، وتحضير مختلف الأطباق عوض التواجد في الملاعب وإدارة المباريات الكروية، لكنني مع مرور الدقائق نجحت في إثبات وجودي ميدانيا، وقد تلقيت التشجيع من مسيري ولاعبي الفريقين.
*وما هي أهم المحطات التي تبقى راسخة في ذاكرتك؟
لقد حظيت بشرف إدارة 3 نهائيات لكأس الجمهورية للسيدات في صنف الكبريات، وهذا الانجاز يبقى سابقة في تاريخ التحكيم الجزائري، لأن اللجنة المركزية آنذاك، كانت قد عمدت إلى إعطاء الفرصة للحكمات من أجل الاحتكاك أكثر بأجواء المنافسة، ولو أن أحسن مقابلة كانت في نهائي سنة 2000، لما أدرت لقاء كان افتتاحيا للمباراة التي جمعت شباب بني ثور ووداد تلمسان، لأن المدرجات كانت مكتظة عن آخرها، وهي المرة الأولى والوحيدة التي أدرت فيها مقابلة، في وجود أزيد من 75 ألف متفرج، وقد كان تفاعل الجماهير معنا كبيرا، وأديت مهمتي على أكمل وجه، وغادرت الميدان تحت تصفيقات الجميع، وهي لحظة لا أستطيع أن أنساها، كما أنني لم أنس أيضا حادثة طريفة كانت قد وقعت لي، إذ أن مخاطر سلك التحكيم كثيرة، وقد كنت ذات مرة ضحية اعتداء جسدي، إذ تعرضت للضرب عند إدارتي مقابلة للسيدات، كانت قد جمعت فريق الجزائر الوسطى باتحاد البليدة، في إطار الدور الجهوي الأخير لتصفيات الكأس، إذ تلقيت لكمة من إحدى اللاعبات بعد نهاية اللقاء، وقد نقلت إلى المستشفى لتلقي العلاج، وهذه الحادثة كانت في أمسية رمضانية، لكنها تبقى الوحيدة في مشواري مع الصفارة، وقد شاءت الصدف أن تحدث مع السيدات، بينما قضيت 7 سنوات في إدارة اللقاءات الرجالية دون أن أتعرض لاعتداء.
حجر أساس بناء منتخب وطني للسيدات وضع في عنابة
*وكيف كانت تجربتك مع عالم السياسة وظفرك بمقعد في البرلمان؟
هذه المغامرة كانت ناتجة بالأساس عن السعي لإيصال صوت المرأة إلى أعلى الهيئات، لأنني درست تجارة دولية بجامعة بروكسل، وكانت لدي الكثير من الأفكار التي بحثت عن الفضاء الأنسب لتجسيدها، وهذا بعيدا عن أي ميولات سياسية أو حزبية، ومع ذلك فإن العهدة التي قضيتها بالمجلس الشعبي الوطني، جعلتني أرتدي الكثير من القبعات، بما فيها قبعة الرياضية التي تعمل على توظيف تجربتها الميدانية، في رسم المعالم الأساسية لخارطة الطريق المستقبلية، لأنني كنت شديدة الحرص على ضرورة حث الجمعيات والنوادي على لعب دورها الفعلي في المجتمع، ونبذ أساليب نهب المال العام،  مع الحث على ترشيد النفقات، من خلال إعادة النظر في السياسة المنتهجة في التمويل، وهي مطالب مازالت أضعها ضمن الأولويات، حتى بعد مغادرتي البرلمان، لأن الأمر يتعلق بالمصلحة العامة، والواقع الحالي للرياضة مبني على مصالح وحسابات شخصية، الأمر الذي زاد
 في تعفن الأوضاع.                           
ص.ف

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com