أعلنت بلدية عنابة، أول أمس، عن انطلاقها في استحداث مسار سياحي في المدينة القديمة، بشكل رسمي، حيث نظمت لقاء بحضور مختلف الفاعلين، بينهم أساتذة جامعيون و طلبة مختصين في مجال العمران، إلى جانب مهتمين بالتراث و المعالم التاريخية و كذا مكتب الدراسات العمومي «اربان» صاحب الدراسة.
و تضمن العرض التفصيلي للمسار السياحي المحدد من قبل مكتب الدراسات، حسب مشاركين في اللقاء للنصر، انطلاقه من شارع الأخوة جعطوط، مرورا بمسجد بومروان حتى شارع عيسات إيدير (على امتداد 634 م)، مع اقتراح إنشاء مرافق ترفيهية، رياضية و خدماتية، لإثراء الصورة السياحية بالمدينة العتيقة، كما اقترح المشاركون في اللقاء، إدراج أهم المعالم التاريخية التي تزخر بها المدينة ضمن المسار، على غرار جامع سيدي خليف، جامع الباي، ساحة 19 أوت 1956 و غيرها من المعالم الموجودة في محيط المسار السياحي.
كما التزمت مصالح بلدية عنابة، بالأخذ على عاتقها جانب إعادة تهيئة الطرقات و اعتماد الدهن الموحد للمباني، تهيئة المساحات الخضراء و إعادة تهيئة كل الفضاءات الحرة.
و أكد المشاركون في اللقاء، ضرورة استغلال المنطقة المصنفة كتراث إنساني، في ترسيخها كإحدى مقومات هوية المواطن العنابي و العمل على تسويق الصورة الجميلة على المدينة، التي تزخر بمقومات تراثية تمتد على مدى العصور من العهد الفينيقي و ما صاحبه من تأسيس لمدينة هيبون على يد الرومان و تحولها إلى محج للمسيحيين إلى يومنا هذا و مع الفيضانات التي ضربت عنابة، تحول مقر المدينة من هضبة هيبون إلى المدينة القديمة « بلاص دارم»، أين كانت لمسة العثمانيين و الاستعمار الفرنسي بارزة في عمرانها.
و وفقا لمصدرنا، فقد خرج اللقاء بتوصيات للمضي مباشرة نحو بداية إعادة الاعتبار للمعالم التاريخية بالمدينة القديمة، من دور، مساجد، حمامات و ساحات، عن طريق تفعيل تطبيق مخطط إنقاذ المدينة القديمة، للحفاظ على العمق القيمي و التاريخي لها و الاستفادة من التكنولوجيا و التقنيات العالمية المعتمدة على مستوى المدن القديمة عالميا و التي لا تتطلب تكلفة باهظة.
فيما أطلقت عدت مبادرات لتأسيس معلم سياحي بالمدينة القديمة «بلاص دارم»، من قبل جمعيات و ناشطين، كان أبرزها مبادرة «أضرب النح الدار دارك» التي نظمت الصيف الماضي و أطلقها نشطاء في المجال السياحي، كتأسيس لمسار سياحي جديد و تمكين الزوار من الدخول إلى البيوت العتيقة بالمدينة القديمة « بلاص دارم» و التي تعود بعضها إلى ما قبل العهد العثماني و كذا اكتشاف الحياة فيها مع عائلات ترفض التخلي عنها و توريثها من جيل إلى جيل.
و حسب المرشد السياحي بمتحف هيبون، راشدي صالح، للنصر، فقد كانت المبادرة تهدف لتسليط الضوء على المدينة العتيقة التي بدأت تنتعش الحياة فيها خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع إطلاق مبادرة «بلاص دارم» ينظفوها أولادها، سمحت، بفضل الوعي و الأعمال التطوعية، بترميم و تهيئة أزقة على غرار شارع «لاري فليب» الذي تحول إلى مزار للسياح الأجانب في موسم حج المسيحيين لكنيسة القديس أوغستين بعنابة و مع انتشار الصور بمواقع التواصل الاجتماعي، تحولت إلى نقطة استقطاب للزوار، لقرب هذا الشارع من ساحة الثورة.
و كان الهدف أيضا من خلق هذا المسار السياحي بفتح بيوت المدينة للزوار، وفقا لراشدي، هو الخروج من الصورة النمطية حول كون عنابة مدينة البحر و الشواطئ فقط، بل هي مدينة تزخر بتاريخ كبير مازالت معالمه موجودة في البنايات و المواقع الأثرية .
تجدر الإشارة، إلى وجود مقترح لتحويل المقر القديم لمحكمة عنابة إلى متحف، حسب ما أعلن عنه مسؤولون في وزارة الثقافة سابقا، كون موقعها يدخل ضمن حدود المدينة القديمة، إلى جانب استغلاله في عرض التحف الأثرية النادرة المخبأة في خزائن متحف هيبون و خلق حركية سياحية و اقتصادية بالمدينة، بينما مازال مقر المحكمة القديم مغلقا و يتواجد به الأرشيف القديم.
حسين دريدح