جزائريات ضحايا جرّاحي تجميل مزيفين
تغيرت معايير الجمال كثيرا في السنوات الأخيرة، وذلك تماشيا مع تطور عالم الجراحة التجميلية، التي باتت تستهوي جزائريات يرغبن في مواكبة موضة الشفاه المنتفخة و الخدود المملوءة و الغمازات و الأجسام المنحوتة، وهو ما شجع «تجار الجمال»، على عرض خدماتهم بشكل واسع خصوصا على مواقع التواصل، الأمر الذي أفرز كوارث حقيقية سببها عمليات فاشلة غيرت ملامح نساء و شوهت وجوه بعضهن، الوضع الذي دفع أطباء وجراحين، إلى دق ناقوس الخطر للتحذير من « أخصائيين مزيفين» يسيئون لسمعة مجال جراحي واعد في بلادنا.
هوس قالب الجمال الموحد
البوتوكس و الفيلر و نحت الأنف، مصطلحات كثيرة قد لا يعرفها سوى من يتخصص في مجال التجميل، أو من تهمه معرفة طريقة حصول تلك التغيرات السريعة و الجذرية في وجوه وأجساد النساء حول العالم وتحولهن فجأة إلى نسخ متطابقة وكأنهن نتاج قالب واحد، يطبع نفس شكل العيون و الأنوف و الشفاه، وينحت الأجسام على طريقة لعبة « باربي « البلاستيكية، خصوصا بعدما توسع مجال الخضوع لعمليات النفخ و التكبير والتصغير، ليشمل النساء العاديات بعدما كان في السابق حكرا على نجمات الغناء والتجميل و عالم الترفيه عموما.
أضحت الجراحة التجميلية اليوم، من بين اهتمامات العديد من الجزائريات كما تبينه مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك على اعتبار أن قوالب الجمال المعلبة والجاهزة باتت موضة رائجة و متوفرة بتكلفة مقبولة نوعا، كما أن مفعول مساحيق التجميل و الكريمات لم يعد كافيا في ظل طغيان المظاهر و التأثير المتزايد لمنصات التواصل التي تروج لنموذج واحد لا تشوبه شائبة، « جسد ممشوق و عينان واسعتان، شفتان ممتلئتان و وجنتان بارزتان». وكلها تغييرات لم يعد الحصول عليها يوجب السفر إلى تركيا أو فرنسا أو تونس، لأن الكثير من مراكز التجميل هنا، تتنافس من حيث العروض المغرية قليلة التكاليف غير مضمونة النتائج.
عمليات حساسة تتم في صالونات الحلاقة
اعترافات مخيفة و حقائق صادمة ترويها و تتداولها الكثير من الشابات عبر مجموعات خاصة ومغلقة تعنى بعمليات التجميل في الجزائر، وفي صالونات التجميل و غرف الانتظار داخل عيادات أطباء الجلد وجراحي التجميل، و هي قصص تخص في العموم حالات لنساء أجرين عمليات جراحية أو خضعن لتدخلات تجميلية تسببت في تشويه ملامحن، و كثيرا ما يتحدثن عن التجربة بمرارة مع إرفاق المنشور بصورة لهن قبل وبعد العملية الفاشلة، التي يكشفن في النهاية، بأنها تمت على يد « دخلاء « على عالم الجراحة التجميلية المتخصصة، بل في مراكز تجميل و تصفيف أو عند حلاقة تدعي خضوعها لتكوين في الخارج و تتبجح بتعليق شهادة لا أحد يعلم صحتها.
و يؤكد أطباء بأن « الدخلاء» على المجال، يستخدمون وسائل و مواد رديئة أو مقلدة، وهو ما يفسر ضعف تكلفة العملية و نتائجها العكسية، لأنها تدخلات تتم عادة دون خلفية طبية خصوصا ما تعلق بقراءة التحاليل الطبية و العمل على أساس معطياتها.
و تتحدث الكثير من النساء عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن فشل التدخلات التي خضعن لها، حيث تقول شابة، بأنها قامت بعملية توريد و تكبير الشفاه التي تعرف « بـالفيلر» في صالون إحدى الحلاقات مقابل مبلغ مالي قدره 8 ملايين سنتيم، غير أن النتيجة كانت رهيبة، إذ تضخمت شفاهها و عانت من تقرحات، أثرت سلبا على حياتها وسببت لها الكآبة و دفعتها للعزلة، كاشفة عن نيتها في مقاضاة الجهة المسؤولة عن الخطأ.
و تطرقت أخرى إلى عملية شد وجه باستخدام «البلازما» قالت بأنها أجرتها بتكلفة منخفضة، لكن العملية حولت وجهها إلى « مصفاة» بسبب اتساع المسامات، وأنها تعاني منذ ما يزيد عن شهر، وتتجرع الندم.
* أخصائية الطب التجميلي و الليزر الدكتورة بركات أوليزيا
نستعد لمقاضاة الدخلاء على المجال
حملت أخصائية الطب التجميلي و الليزر، الدكتورة بركات أوليزيا مسؤولية العمليات الفاشلة، « للدخلاء» على المهنة و لبعض الأطباء كذلك، وقالت، بأنهم أساءوا لمجال الجراحة التجميلية في الجزائر خصوصا وأنه تخصص يعرف الكثير من التقدم و التطور في بلادنا رغم حداثته، حتى أننا تجاوزنا من حيث الفعالية و الخبرة دولا سبقتنا إلى التخصص كتونس و المغرب، وذلك رغم الاعتقاد الشائع بأنهم أفضل منا و أكثر تطورا، ما يدفع الكثيرات لاختيار هذه الوجهات لإجراء التجميل قبل أن يعدن خائبات لتصحيح العيوب هنا في الجزائر.
و كشفت الأخصائية للنصر، بأنه يجري التحضير لإنشاء جمعية وطنية خاصة بجراحي التجميل، ستكون أولى مهامها هي مقاضاة من شوهوا سمعة المهنة و أفقدوا المواطن الثقة في ممارسيها الفعليين، و أكدت الطبيبة، بأن الكثير من الناشطين في المجال، يمارسونه بطريقة غير قانونية و خارج إطار الرقابة، مضيفة، بأن طب التجميل يحتاج إلى دراسة و تكوين متخصص ودقيق داخل الوطن وفي الخارج، لأنه تخصص حساس.
و حسب الدكتورة، فإن التحدي جزء من العمل الجراحي، وهي مسؤولية لا يمكن أن يرفعها سوى من تخصص علميا في المجال و يجيد التعامل مع الوضع و إيصال المريض إلى النتيجة المرجوة، عكس الدخلاء الذين تسببوا حسبها، في كوارث أفسدت ملامح الكثيرات، مؤكدة بأن القانون يمنع هؤلاء من القيام بمثل هذه التدخلات التي تعد خطيرة للغاية.
التدخلات الفاشلة تقتل الأنسجة و تسبب العمى و السرطان
و تشير الأخصائية، إلى الكثير من العمليات مثل عملية حقن الشفاه بالبوتوكس مثلا، تستوجب معرفة واسعة بعلم التشريح، و تحديد مكان شرايين الوجه و الأعصاب، لتفادي إصابتها أثناء التدخل، لأن الخطأ قد يسبب دخول المادة المستعملة إلى الشرايين ما سيقتل الأنسجة، ويحول الشفاه الوردية إلى سوداء ميتة، كما تحدثت الخبيرة أيضا، عن الفيلر لعلاج الخطوط بين الأنف و الفم، و حذرت من المادة الكيميائية المستعملة في هذه العملية، لأنها تقتل أيضا النسيج فيما تصيب عملية زرع الغمازات، الأنسجة المسؤولة عن الرؤية، ما يهدد بفقدان حاسة البصر، وقالت الطبيبة، أن التوظيف الخاطئ للأدوية يسبب السرطان مضيفة، بأن الدخلاء على المهنة، لا يحترمون حتى الإجراءات الصحية بداية بالتعقيم، ناهيك عن رداءة تجهيزاتهم، مؤكدة أن «الحلاقة» تعتمد على جهاز مقلد لا تتعدى تكلفته 2 مليون سنتيم، فيما يدفع الطبيب المختص ما يزيد عن 200 مليون سنتيم لاقتناء الجهاز الحقيقي، زيادة على ذلك، فإن المواد و الأدوية المستخدمة في العمليات، لا تشترى سوى من مخابر معتمدة لا تبيعها في العادة إلا للأطباء، و هو ما يطرح السؤال حول نوعية ما يستخدمه المقلدون ومدى خطورتها على الصحة.
ضحايا من مختلف المستويات
و الواضح أن عدوى عمليات التجميل، باتت تنتشر بين جميع الفئات الاجتماعية بما في ذلك سيدات مثقفات و متعلمات، وقعن أيضا ضحية لأخصائيين مزيفين و محتالين، وهو ما تؤكده شهادات بعض النسوة اللائي أغراهن ضعف التكلفة.
وقد تحدثت الدكتورة بركات، عن سيدات قصدن عيادتها لترقيع الأخطاء الطبية، بينهن كما قالت، مهندسات و تقنيات و أستاذات، عانين في معظمهن من ندوب و آثار جانبية غير مستحبة كتصبغ البشرة و التقرحات، و أشارات المتحدثة كذلك، إلى أن عمليات الغمازات التي تقوم بها الحلاقات في أيامنا، عالية الخطورة ويتوجب على النساء تجنبها أو على الأقل القيام بها عند أطباء مختصين، كاشفة، بأن العديد من الحالات التي عاينتها كانت في أغلبها لضحايا من الشرق الجزائري، فشلت عملياتهن و تركت في وجوههن ثقوبا و ندوبا دائمة، سببها الاستخدام الخاطئ للإبر. و دعت الدكتورة بركات في الأخير، إلى ضرورة الوعي أكثر و تفادي الاعتماد العشوائي على غير المختصين، تجنبا لنتائج لا يحمد عقباها، قد يعجز المختصون عن ترقيعها.
إيمان زياري