حققت ولاية الوادي خلال، السنوات الأخيرة، نهضة فلاحية مكنتها من تسجيل طفرة في إنتاج عديد المحاصيل الزراعية على المستوى الوطني وأصبحت بمثابة سلة غذاء الجزائريين بشتى أنواع المحاصيل، بما فيها منتجات كانت حكرا على مناطق دون غيرها، على غرار البطاطس الطماطم والحبوب، وتعد بلدية بن قشة الحدودية، منطقة فلاحية رائدة محليا في زراعة الحبوب خاصة القمح الصلب والشعير، إذ تساهم بما يزيد عن 90 في المائة من الإنتاج المحلي من الحبوب مزروعة على مساحة تفوق 8200 هكتار.
وذكرت المصالح الفلاحية في عرض قدمته خلال إعطاء إشارة انطلاق موسم الحصاد بذات المنطقة، نهاية الأسبوع الماضي، أن بلدية بن قشة التابعة إداريا لدائرة الطالب العربي على الحدود التونسية، تعد المساهم رقم واحد في إنتاج الحبوب بولاية الوادي وعلى رأسها القمح الصلب ومادة الشعير، بالمناطق المحاذية للحدود الدولية والولائية بجانب ولايتي تبسة وخنشلة.
وتتوقع مصالح مديرية الفلاحة، إنتاج ما يزيد عن 319 ألف قنطار من القمح الصلب، بمردود يتراوح بين 55 و 50 قنطارا وأزيد من 71 ألفا من الشعير الذي يتراوح مردوده في الهكتار بين 25 و 30 قنطارا، إلى جانب محصول القمح اللين بما بين 60 و 65 قنطارا، مزروع على مساحة 69 هكتارا ويتوقع إنتاج 4140 قنطارا.كما أشارت المصالح ذاتها، إلى أن بن قشة بمناطقها الفلاحية التي تتميز بتربة خصبة مزجت بين الطينية والرملية، على غرار الشارع والشكشاكو بوحبلين وبفضل المرافقة التقنية، نجحت في تجربة عديد المحاصيل الإستراتيجية الأخرى، حيث ينتظر توسيع مساحتها أكثر، ومنها الشوفان، التريتكال والسلجم وعباد الشمس.
وضع 44 آلية تحت تصرف الفلاحين
وتوفر تعاونية الحبوب والبقول الجافة، بفرع ولاية الوادي، أزيد من 44 آلية يحتاجها الفلاح، سواء للحصاد أو لنقل محصوله، إضافة إلى الهياكل المخصصة لتجميع وتخزين الحبوب وعلى رأسها القمح بنوعيه والشعير.كما ذكرت مصالح تعاونية الحبوب والبقول الجافة بالوادي، أنها وفرت مختلف الإمكانات المادية والبشرية لإنجاح موسم الحصاد والتحضير للموسم المقبل، بتوفير 10 آلات حاصدة و 4 آلات الربط، بالإضافة إلى 4 جرارات تتراوح قوتها ما بين 150 و 80 حصانا و 20 شاحنة لنقل الحبوب التي يتم حصدها، إلى جانب 6 صهاريج، مؤكدة أهمية توفير هذه الآليات في تسهيل عملية الحصاد.
وقالت مصالح تعاونية الحبوب الجافة، بأنه تم تخصيص نقاط أساسية لجمع وتخزين 350 ألف قنطار من الحبوب، منها وحدة الطريفاوي بسعة 320 ألف قنطار و 25 ألف قنطار بتكسبت وسط المدينة، إلى جانب نقطة جواريه بمنطقة الشارع في بلدية بن قشة الرائدة في الإنتاج، تتسع لـ5 آلاف قنطار، ناهيك عن تخصيص نقطتين احتياطيتين تابعتين للخواص، تتسعان لجمع 700 ألف من مادة الحبوب.
كما نوهت تعاونية الحبوب بالوادي، بالبرنامج الذي تشرف عليه والخاص بتطوير زراعة البذور النظامية وتكثيفها لتكون بمثابة قاطرة للأمن الغذائي في مجال الزراعات الكبرى، كبرنامج مستقل وبرنامج آخر لتكثيف البذور العادية بمراقبة مباشرة من المعهد الوطني لمراقبة وتصديق الشتائل.
مطالب بدعم أكبر بالكهرباء الفلاحية
وأجمع فلاحون ناشطون ببلدية بن قشة، على حاجتهم لمزيد من الدعم في الكهرباء الفلاحية، فتح المسالك وتعبيد الطرقات، دون إهمال المرافقة التقنية من الجهات الوصية وتسريع وتيرة الإجراءات المتعلقة بتسوية وضعية العقار الفلاحي. حيث أكد بعضهم للنصر خلال إعطاء والي ولاية الوادي، السعيد أخروف، إشارة انطلاق موسم الحصاد، أهمية برمجة المزيد من مشاريع الربط بالكهرباء، بما يضمن تغطية كافية للعدد الكبير للآبار ومعدات الرش المحوري، إضافة إلى تقوية شبكة الضغط العالي، منوهين بوجود فلاحين بالمنطقة يزودون جزءا من مستثمراتهم عن طريق مولدات الطاقة التي تشتغل بالمازوت.
كما طالب الفلاحون بفتح المزيد من المسالك الفلاحية وتعبيد الرئيسية منها على الأقل بمادة الإسفلت، لتسهيل وصول الآليات والشاحنات، وحمايتها من التأثر بعوامل المناخ وعلى رأسها مياه الأمطار التي تحولها إلى مجموعة حفر بعد غمرها بالمياه، وذلك لإنجازها من المادة الجبسية «التيف» التي تتأثر بالأمطار والرياح التي تنقلها في شكل غبار متطاير إلى أماكن أخرى.
في حين أشار فلاحون ببن قشة، إلى ضرورة برمجة مشروع بالمنطقة يقرب مكان تجميع وتخزين الحبوب وينهي معاناة نقل محاصيلهم إلى أقرب نقطة تبعد عن بلديتهم لمسافة تفوق 100 كلم، عن طريق شاحنات مخصصة بالأساس لنقل رمل وحصى البناء تؤدي إلى سقوط كميات من محصولهم في الطريق، جراء كثرة الحفر في المسالك والممهلات على طول الطريق الوطني الذي يسلكونه للوصول إلى أماكن التخزين.
كما أكد الفلاحون أهمية تسريع وتيرة تسوية الوضعية القانونية للعقار الفلاحي بالمنطقة، بما فيهم بعض الفلاحين الذين ينشطون من أواخر التسعينيات في بن قشة، حتى يتسنى لهم الاستقرار في هذا النشاط والاستفادة من عديد الامتيازات التي تتبع ذات العملية، ناهيك عن التقليل من الإجراءات الروتينية التي يصطدمون بها كل مرة في إصدار الوثائق العرفية.وأشار المعنيون إلى أهمية تكثيف برامج التكوين للفلاحين من طرف الجهات الوصية والمعاهد المتخصصة، خاصة في ما يتعلق بتزويدهم بأحدث المعلومات التي تخص زراعة المحاصيل الاستراتيجية التي اشتهروا بها على المستوى المحلي.
الوالي يعد بالتكفل بالانشغالات
كما وعد والي الولاية، السعيد أخروف، بالتكفل التدريجي بالانشغالات التي طرحت عليه من طرف فلاحي بلدية بن قشة، حسب درجة الأهمية وعلى رأسها تسوية وضعية العقار الفلاحي ودراسة ملفات طلبات حفر آبار للسقي، مؤكدا إسداءه تعليمات لمصالحه، من أجل تسوية وضعية العقار للفلاحين الناشطين فعليا وعدم التساهل مع المتخلفين عن خدمة الأرض.
وذكر والي الولاية، أن الجهات الوصية تسعى جاهدة في حدود ما تسمح به الأغلفة المالية المخصصة لدعم النشاط الفلاحي، خاصة في هذه المنطقة الخصبة التي اشتهرت بالمحاصيل الإستراتيجية، سواء بخصوص المسالك أو شبكة الكهرباء.كما أشاد أخروف بانخراط فلاحي بن قشة في الاستراتيجية التي رسمتها الدولة لدعم، تجريب وإنتاج كل المحاصيل الإستراتيجية، بما فيها العلفية الموجهة لتغذية الماشية، آخرها إعطاء إشارة انطلاق تجربة زراعة عباد الشمس ومادة الحمص في إحدى المستثمرات الخاصة. ونوه المسؤول بأهمية مشاريع الدولة الأخرى في ذات المنطقة، الرامية لاستقرار ساكنة القرى والمناطق الفلاحية، من خلال تقريب مختلف الخدمات الصحية والتعليمية لأطفالهم، إلى جانب السعي لإنجاز وحدات تدخل للحماية المدنية قريبة من مناطق النشاط الفلاحي، بما يضمن التدخل السريع أثناء الحرائق أو حتى لنقل المرضى والمصابين.
وتفوق المساحة الفلاحية الإجمالية عبر إقليم ولاية الوادي، 1 مليون و 47 ألف هكتار، منها قرابة 785 ألف هكتار مخصصة للرعي، نحو 86 ألفا منها مستغلة للفلاحة وأزيد من 176 ألفا قابلة للاستغلال.
منصر البشير