ما تزال أشغال تجديد تيليفيريك قسنطينة متوقفة منذ قرابة عام، حيث تبقى ورشاته الثلاث خالية تماما من العمال، بعدما كان يُفترض تسليمها منذ أوت 2019 حسب الآجال التي قدمتها الشركة الفرنسية التي أسند لها المشروع.
وتواجدت النصر نهار أمس، بالورشات الثلاث لتجديد المصعد الهوائي، من أجل معاينة نسبة تقدم الأشغال، بعد قرابة 10 أشهر من آخر زيارة قمنا بها لذات المواقع، ففي المحطة النهائية بحي الأمير عبد القادر، المعروف بـ «الفوبور»، دخلنا الورشة بكل أريحية خاصة أنها لا تتوفر على أبواب ولا حواجز تحول دون دخول غرباء.
توغلنا داخل مساحة محاذية للورشة، حيث كان المكان خاليا من العمال وكأننا تواجدنا في مكان مهجور منذ سنوات، كما لاحظنا انتشار بعض الصفائح الحديدية والأعمدة المستعملة في عملية التجديد مرمية بشكل فوضوي، وعليها غبار كثيف يؤكد عدم استعمالها منذ فترة طويلة، فيما لم نصادف أي عامل باستثناء عون أمن يسهر على حراسة تلك التجهيزات والقطع، فيما تعتبر هذه المحطة الأكثر جاهزية مقارنة بالورشتين الأخريين.
ومقارنة بآخر زيارة قمنا بها إلى هذه المحطة، لم نقف على أي تقدم للأشغال، حيث لم يتواجد أي عامل بالموقع منذ قرابة 10 أشهر، وقبل مغادرتنا لاحظنا أن الشيء الوحيد الذي تغير هو تجريد الورشة من سياج حديدي كان يحيط بها.
توجهنا بعدها إلى المحطة الثانية الواقعة مقابل المستشفى الجامعي ابن باديس، ومباشرة عند إلقائنا لنظرة من خارج الورشة، تبين لنا أن الظروف تتشابه رغم اختلاف الموقع مقارنة بالأول، حيث كان المكان مهجورا ولا تميزه إلا بقايا عمليات التجديد التي كان يخضع لها المكان، من حجارة كبيرة وصغيرة وكذا جدران متضررة بسبب تجريدها من مربعات الخزف التي كانت تزينه.
وانتشرت بمختلف زوايا الورشة أعمدة حديدية، فيما كانت الأسلاك الكهربائية مترامية في كل الأرجاء، كما تم وضع آلات بناء وبعض الأدوات المستعملة في أشغال الإنجاز على غرار السلالم الحديدية بجانب الورشة، و لفت انتباهنا سيارة مركونة داخلها علمنا في ما بعد أنها تخص عون الأمن الذي يحرس المكان.
وخلال جولة قمنا بها قرب الورشة، لاحظنا أن السور الإسمنتي المحيط بها والذي يحول دون ولوج غرباء، كان قد تضرر جزء مهم منه، ما اضطر المشرف على حراسة المكان إلى تعويضه بسياج حديدي، ومن خلال الجولة التي قمنا بها داخل الورشة لاحظنا أن الأشغال متوقفة وكأننا عدنا لزيارتها بعد ساعات وليس منذ 10 أشهر.
تنقلنا بعدها إلى محطة سيارات الأجرة المقابلة لمدخل المستشفى الجامعي، من أجل أخذ آراء بعض المواطنين، وأكد جل من تحدثنا إليهم أنهم يتأسفون كثيرا على «تدمير» مشروع التيليفيريك الذي اعتبروه رمزا من رموز السياحة في قسنطينة، وأضاف أحدهم أنه يقطن في حي الزيادية وكان يتنقل إلى شارع طاطاش بلقاسم في وسط المدينة في ظرف دقائق بفضل هذه الوسيلة، ولكنه أصبح يأخذ وقتا طويلا من أجل الوصول إلى وجهته.
كما تحدثنا مع صاحب محل تجاري محاذي لمحطة «تيليفيريك»، والذي عبر عن أسفه على الوضعية التي آل إليها مشروع التجديد، وقال لنا إنه كان متفائلا في بادئ الأمر وخاصة بعد القيام بعمليات تثبيت الأرضية لمنع الانزلاقات، وهي آخر الأشغال التي قامت بها الشركة المشرفة على المشروع، و أضاف المواطن أن المصعد الهوائي كان يضفي على المكان حيوية وحركية كبيرة.
توجهنا بعدها إلى المحطة الثالثة الواقعة بشارع طاطاش بلقاسم بوسط المدينة، والتي لم تختلف عن سابقتيها، حيث كانت خالية تماما من العمال، فيما تم رفع بعض الآلات والمستلزمات المستعملة في الأشغال من وسط الورشة، ليتواصل الغموض حول تلك الورشات التي تبقى مهجورة منذ أشهر.
وقد تم تحديد مهلة 16 شهرا لإعادة تجديد الجهاز بداية من يوم 2 أفريل 2018، لتراوح الأشغال مكانها إلى غاية اليوم 23 سبتمبر 2020، علما أن تيليفيريك قسنطينة الذي تجاوز الحجم الساعي لاستغلاله 30 ألف ساعة، كان قد دخل الخدمة في شهر أفريل من سنة 2008، وكان يخضع لتسيير المؤسسة العمومية للنقل الحضري وشبه الحضري، قبل استحداث المؤسسة الجزائرية للنقل بالمصاعد الهوائية، التي تكفلت بتسييره منذ 2017.
وكان الوالي السابق عبد السميع سعيدون قد صرح للنصر قبل نحو 7 أشهر، أنه راسل الوزارة وأطلعها بوضعية المشروع كاملة ومن المنتظر كما أكد حينها، أن يتم تدعيم المشروع بالغلاف المالي المطلوب، فيما سبق لمساعد المدير العام للمؤسسة الجزائرية للنقل بالمصاعد الهوائية، العربي بومدين، أن أكد للنصر شهر جانفي الفارط، أن نسبة إنجاز النظام الالكتروميكانيكي قاربت 70 بالمئة، أما أشغال الهندسة المدنية والترميم في محطة المستشفى الجامعي فوصلت إلى 50 بالمئة، فيما تجاوزت 75 بالمئة بمحطة طاطاش بلقاسم، مرجعا توقفها إلى مشكلة مالية فضّل حينها عدم التفصيل فيها، لكنه وعد بتسويتها، وقد اتصلنا بالمعني يوم أمس وتبين أنه يتواجد في عطلة، كما تعذر علينا الاتصال بمدير النقل على مستوى الولاية.
حاتم بن كحول