يسجل سائقو سيارات الأجرة ما بين الولايات بقسنطينة تراجعا في نشاطهم منذ عودتهم إلى العمل مع بداية العام الجاري، فقد انخفض عدد الركاب بشكل ملحوظ مقارنة بما كان عليه الوضع سابقا، فيما أرجعه السائقون إلى تبني التعليم عن بعد في الجامعات وتوقف حركة المطارات نحو الخارج ونقص حركية التجارة، كما قدر مسؤول نقابي ولائي الانخفاض بحوالي ثلاثين بالمئة.
وتحدثنا إلى سائقين في محطة المسافرين لولاية قسنطينة، حيث أوضح لنا سائق كان ينتظر الركّاب المتوجهين إلى الجزائر العاصمة أنه في المحطة منذ حوالي ساعة دون أن يقصده راكب واحد، مشيرا إلى أن معدل الانتظار للسائق الواحد قد صار يتراوح ما بين ساعة وساعتين في أسوأ الحالات، خصوصا في منتصف الأسبوع أو في الساعات المتقدمة من النهار، بينما أكد لنا أن كثيرا من زملائه أصبحوا يتجنبون العمل خلال أيام منتصف الأسبوع ولا يأتون إلى المحطة إلا مع بداية الأسبوع أو في نهايته. وذكر لنا نفس المصدر أن عدد المقاعد المسموح بشغلها بالركاب قد حدد بأربعة احتراما للبروتوكول الصحي الوقائي من فيروس كورونا، عوضا عن 7 مثلما كان معمولا به قبل الجائحة، لكن وقت الانتظار صار أطول مما كان عليه سابقا، على عكس ما كان متوقعا بخفض عدد المقاعد.
وتحدثنا إلى سائق أجرة آخر كان يعمل على خط ولاية عنابة، حيث أكد أن الحركية تراجعت بصورة كبيرة على هذا الخط بالنسبة لسيارات الأجرة، موضحا أن وقت الانتظار مشابه لما يسجل في الخطوط الأخرى. وأضاف محدثنا أن أكثر ما يضر سائق الأجرة بين الولايات هو العودة بمقاعد شاغرة من الولاية التي ينقل المواطنين إليها، حيث اعتبرها خسارة بأكثر من خمسين بالمئة من فائدته عند احتساب تكاليف الوقود وغيرها من أعباء الرحلة، في حين نبه إلى أنه يسعى إلى تدارك التراجع في عدد الركاب بتغيير الخطوط والعمل نحو ولايات قريبة، مثل ميلة، التي يؤكد أن الحركية منها وإليها أكبر من غيرها بسبب تنقل عدد معتبر من الأشخاص للعمل وعودتهم في الساعات المسائية.
وأجمع من تحدثنا إليهم أن أسباب التراجع تعود بالدرجة الأولى إلى توقف حركة المطارات نحو الخارج، فضلا عن تناقص النشاط التجاري، في حين ذكر لنا سائق أجرة يعمل على خط عنابة-قسنطينة أن الكثير من المواطنين كانوا يتنقلون من أجل إيداع طلبات الفيزا، فضلا عن أن اعتماد نظام التعليم عن بعد قلص من عدد الطلبة الذين يأتون إلى ولاية قسنطينة للدراسة مع بداية الأسبوع ويغادرونها عند نهايته أو الطلبة المنتمين لجامعات بولايات أخرى، مؤكدا أن فترة العطلة الجامعية قد سجلت ركودا كبيرا في النشاط.
من جهة أخرى، اشتكى بعض الركاب من سلوكيات بعض سائقي الأجرة لما بين الولايات، حيث يخرقون البروتوكول الصحي بملء 5 مقاعد دون أن يراجعوا التسعيرة، ما يجعلهم يستفيدون من ثمن مقعد إضافي، في حين ذكر لنا السائقون أن وتيرة النشاط الحالي ستجعل من تعويض جزء من الخسارة الكبيرة، التي تكبدوها خلال فترة التوقف التي استمرت لحوالي 10 أشهر من العام الماضي بسبب كورونا، تستغرق وقتا طويلا، مؤكدين أن الديون أثقلت كواهل الكثيرين، ومن بينهم من لم يتمكنوا بعد من تسديدها إلى اليوم، مثلما قالوا. وقدّر المنسق الولائي للنقابة الوطنية للناقلين وسائقي الأجرة المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين، يونس بن ديلمي، في تصريح للنصر، أن نسبة التراجع تتراوح بين 30 إلى 35 بالمئة في وتيرة النشاط، وعزا السبب الأساسي للوضع إلى ساعات الحجر الجزئي المسائية، التي جعلت الكثير من المسافرين من ولايات مجاورة يعزفون عن القدوم إلى قسنطينة لاتخاذها كمحطة عبور لركوب وسائل نقل متجهة إلى ولايات أخرى، ما جعل الحركية تصبح شبه منعدمة ابتداء من الساعة الثانية بعد الزوال، في حين نبه أن التعليم عن بعد ساهم أيضا في تناقص عدد الطلبة المتنقلين ما بين الولايات.
سامي .ح
