الجمعة 18 أكتوبر 2024 الموافق لـ 14 ربيع الثاني 1446
Accueil Top Pub

ناجون وأهالي يسردون للنصر تفاصيل "رحلة الموت": قسنطينة تودّع ضحايا مجزرة وادي ورزق

* ارتفاع حصيلة القتلى إلى 18 وأغلب الضحايا نساء وأطفال     *  وضع سائق الشاحنة المتسببة في الحادث تحت التوقيف للنظر

المجزرة المرورية بوادي ورزق بقسنطينة
ارتفـاع حصيلة القتلى إلى 18 و ناجـون يروون تفـاصيل الحادث
معظم المتوفين نساء وأطفال
ارتفعت فجر أمس، حصيلة ضحايا حادث المرور الذي وقع على مستوى منطقة وادي ورزق بولاية قسنطينة، إلى 18 قتيلا معظمهم نساء وأطفال من عائلة واحدة كانوا قادمين من أحد شواطئ مدينة جيجل، حيث تم تشييع جثامينهم ببلدية حامة بوزيان التي ينحدر أغلبهم منها في جو جنائزي مهيب. وقد جمعت النصر شهادات مؤثرة لناجين من هذه «المجزرة» المرورية التي لم تُحدد أسبابها بعد، ونقلت أجواء الصدمة وسط أهالي الضحايا الذين سردوا لنا آخر الذكريات التي جمعتهم بهم.
الحادث المروع وبحسب المعلومات النهائية التي أوردتها مصالح الحماية المدنية نهار أمس، وقع في حدود الساعة السابعة و 47 دقيقة من مساء الجمعة، بالطريق الوطني رقم 27 وتحديدا المكان المسمى واد ورزق التابع لبلدية بني حميدان، حيث نجم عن اصطدام بين حافلة لنقل المسافرين من نوع “كواستر تويوتا” كان على متنها الضحايا، وشاحنة من نوع “شاكمان” محملة بالحصى الاسمنتي.
وقد خلف الحادث في البداية مقتل 9 أشخاص بينهم 5 نساء و3 أطفال، و 13 جريحا، لترتفع الحصيلة حتى الساعة الواحدة من فجر أمس إلى 18 قتيلا، 13 منهم إناث، وتتراوح أعمارهم بين عامين و 85 سنة، حيث تم نقلهم إلى مصلحة حفظ الجثث بالمستشفى الجامعي بقسنطينة، بينما حُولت جثة إلى ولاية ميلة.
وأسعِف 11 جريحا منهم 6 إناث، ثم تم إجلاؤهم إلى استعجالات المستشفى ذاته، بعد تجنيد العديد من أعوان الحماية المدنية وتسخير 10 سيارات إسعاف تابعة لقسنطينة و4 لولاية ميلة، بينما ذكرت المجموعة الإقليمية للدرك بقسنطينة في بيان أن “أسباب وظروف الحادث قيد التحقيق من طرف أفراد الفرقة الإقليمية للدرك الوطني ببني حميدان”، أما المكلفة بالإعلام بالمجموعة فذكرت أن السبب يتعلق بعامل بشري يجري التحقيق بشأنه.
استنفار بمصلحة الاستعجالات الجراحية

وقد تنقلت النصر نهار أمس إلى المستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة، وتحديدا مصلحة الاستعجالات الجراحية التي حُول إليها الجرحى وفارق فيها 7 أشخاص الحياة، حيث وجدنا أهالي الضحايا ينتظرون في البهو وعلامات القلق و التأثر الشديد بادية عليهم، وهم يتبادلون أطراف الحديث تارة، و يتفقدون أقرباءهم المتواجدين على الأسرة داخل القاعات، تارة أخرى.
و عاد أطباء ليسردوا لنا حالة الاستنفار القصوى التي عاشتها المصلحة ليلة أمس الأول، عندما بدأ الجرحى يصلون إليها تباعا منذ حوالي الساعة الثامنة والنصف مساء، ما جعل أطباء وشبه طبيين يقطعون عطلهم ويأتون للمستشفى من أجل تقديم يد العون لزملائهم، وهو نفس ما أكده المكلف بالإعلام بالمؤسسة الاستشفائية، عزيز كعبوش، الذي قال إن مختصين في الانعاش وإداريين قاموا أيضا بهبة تضامنية، بينما تأسف البروفيسور بلمير علي، الطبيب المسؤول بالقسم، لعدم وجود جهاز “سكانير” بالمصلحة، حيث كان ذلك ليسمح بالتكفل بالمصابين بشكل أسرع.
طفلة في حالة حرجة
وفي تصريح للنصر، ذكر البروفيسور بوالشعير زهير، وهو الطبيب الجراح الذي كان مناوبا بمصلحة الاستعجالات الجراحية بالمستشفى الجامعي، مساء الحادث، أنه تم في البداية استقبال 9 جرحى بينهم 6 أطفال، إضافة إلى رجل و امرأتين، حيث خضع طفل لعملية جراحية على مستوى البطن، بينما لا تزال طفلة عمرها 8 سنوات في حالة حرجة، بعد تلقي إصابة خطيرة على مستوى الرأس و الصدر.
كما أصيب 5 أشخاص بكسور متعددة إضافة إلى مريض أصيب في العمود الفقري والرأس، بينما تعرض رجل وامرأة لجروح سطحية ما يسمح لهما بالخروج خلال ساعات. وأضاف البروفيسور أن الطفلة المتواجدة في حالة حرجة و الستة أشخاص الذي تعرضوا لكسور، سيظلون في المستشفى لعدة أيام حتى تستقر حالتهم، لكنهم تجاوزوا نسبيا مرحلة الخطر، وفق تأكيده. وقد فارق 7 أشخاص الحياة على مستوى مصلحة الاستعجالات الجراحية، أما المتوفون المتبقون فحولوا مباشرة إلى مصلحة حفظ الجثث وعددهم 10.
ناجٍ يرفض ترك ابنه المتوفى
و روى لنا أطباء تفاصيل مشهد مؤثر لأحد الناجين الذي كان يحمل طفله الصغير المتوفى بين يديه، ورفض تركه من هول الصدمة، ويتعلق الأمر بالسيد بن زعيمة حمزة البالغ من العمر 34 سنة، حيث توفيت زوجته وابنه ذو السنتين، وكذلك أعمامه و زوجاتهم وأبناء عمومته. النصر اقتربت من الناجي الذي كان مستلق على السرير و وجهه قد امتلأ بالكدمات والجروح، حيث قال لنا وهو بالكاد يستطيع التحدث «وجدنا الشاحنة تتجه نحونا فجأة، ليُقذَف البعض عبر نوافذ الحافلة ويُرمى الآخرون و يموت البعض الآخر”، ليضيف بصوت مختنق وهو يغالب دموعه «كل العائلة ذهبت”.
في نفس القاعة وجدنا الطفل بن فرج بدر الدين البالغ من العمر 12 سنة، حيث بدا وضعه الصحي مستقرا، وقال لنا “هناك من كانوا نيام بينما كنت أمرح مع صديقي. ثم في ظرف ثوان أدرت رأسي لأجد شاحنة تتجه نحونا، فقدت الوعي واستيقظت بعدها لأجد نفسي ملقى على أرض زراعية بمفردي».
و يضيف بدر الدين الذي تحدثنا إليه بحضور والده الذي بدت عليه علامات الحزن والتأثر “من شدة الخوف بدأت أبحث عن عمتي لكوني خشيت أن تكون قد فارقت الحياة لأنني أحبها كثيرا. بدأت أنادي على عمتي وكنت أشعر في نفس الوقت بألم في البطن، قبل أن تأتي الحماية المدنية».
يتوقف بدر الدين عن الكلام، ثم يطلب منه والده أن يحدثنا عن صديقه، فيتابع في حزن «صديقي عبد الرؤوف كان جالسا في مقدمة الحافلة لأن السائق يكون عمه لذلك تأثر كثيرا. لقد كان حيا و تم تحويله معي، حيث حاولت الحماية المدنية إنقاذه و كذلك فعل الأطباء في المستشفى، لأسمع أحد الأطباء يقول الله أكبر فاكتشفت أنه يتحدث عن صديقي، ثم علمت أن عمتي أيضا فارقت الحياة”، يختم بدر الدين كلامه، بينما كان أحد الأطفال في القاعة يصرخ من شدة الألم وقد تم تجبيس يده اليمنى.
«أريدُ رؤية أمي!”
في إحدى القاعات وجدنا الطفل بن زعيمة يوسف وسيم البالغ من العمر 8 سنوات، حيث وبمجرد اقترابنا منه راح يخبرنا أنه بصحة جيدة وبأن الجبس الذي وضع في يده سيُزال خلال أيام، لكنه بدأ يبكي بعد ذلك بثوان وراح يسأل شقيقته التي كانت برفقته، عن مكان وضع جثة أمّه، لتنهار هي أيضا بالبكاء لكنها تحاول مواساته وسط تأثر شديد لأفراد العائلة الذين حضروا للاطمئنان على أقاربهم الناجين، في مشهد مؤلم يُظهر حجم الفاجعة التي ألمّت بأسر الضحايا.
انتقلنا بعدها إلى القاعة التي وضعت بها النساء المصابات، أين كانت إحداهن وهي فتاة شابة، منهكة وشبه فاقدة للوعي حيث علمنا أن والدتها وأفرادا من عائلتها فارقوا الحياة، كما وجدنا السيدة بوعناقة لمياء البالغة من العمر 39 سنة، حيث غطت وجهها، العديد من الجروح والكدمات وكانت آثار الدماء ما تزال موجودة.
«رأيتُ شاحنة تتجه نحونا فجأة”

بصوت مختنق تسرد لنا لمياء تفاصيل وقوع الحادث المروع، قائلة «خرجت مع عائلة والدتي بعدما اتفقنا على تمضية يوم على شاطئ البحر. أمي لم تكن راغبة في الذهاب لكن شقيقتي الصغرى أرادت ذلك، فسافرنا إلى شاطئ الصخرة السوداء بجيجل و كنا فرحين كما نزلنا في مكان و أكلنا المثلجات، لكن في طريق العودة رأيت فجأة، شاحنة تتجه إلينا».
و تضيف لمياء «لم أفهم ما الذي حصل، فإذا بي أجد نفسي ملقاة أرضا فوق أرض فلاحية، محاطة بأشخاص موتى بينهم الأطفال. وجدت يدي منتفخة و مكسورة و لم أقوى على تحريكها، بينما كانت أختي فاقدة للوعي، ثم بدأت في الصراخ يما (أمي)».
تذرف محدثتنا الدموع، ثم تسترجع أنفاسها وتستطرد «السائق كان مسرعا قليلا. لم يكن الحادث سهلا.. يقولون أن أمي ما تزال على قيد الحياة، لكن بنات عمة أمي توفوا هم وأولادهم»، تقول الجريحة وهي تئن من ألم الإصابة و وجع فراق أحبائها.
وتم تسخير عدد كبير من سيارات الإسعاف لتحويل جثث الضحايا ودفنهم، بحضور مصالح الدرك والشرطة، و وسط حشد من أهاليهم، حيث شُرع في نقلهم من مصلحة حفظ الجثث حوالي الساعة الواحدة ظهرا.
  ياسمين بوالجدري

قـائمـة المتوفــين:
بن فرج حبيبة. 56 سنة
بن فرج شافية. 45 سنة
بن فرج عبد الرؤوف. 12 سنة
بن فرج ملاك. 14 سنة
بن فرج سعاد. 36 سنة
بن فرج فهيمة. 48 سنة
بن زعيمة لميس. 22 سنة
بن زعيمة زيد. سنتان
بوعناقة زينب. 21 سنة
بوعناقة بلال. 9 سنوات
بوعناقة أسيل. 5 سنوات
بلقيوش إيمان. 35 سنة
ناصري عمار. 57 سنة
زناتي المدعوة بيشة.
هنية حبيبة.
دواس منوبة.
بن فاضل بدر الدين.
المصدر:  مصلحة الاستعجالات الجراحية بالمستشفى الجامعي بقسنطينة

أهالي يسردون للنصر تفاصيل آخر اللحظات قبل "رحلة الموت"
قسنطينة تودّع ضحايا حادث وادي ورزق في جنازة مهيبة
ووري الثرى، أمس، بمقبرة عين توتة ببلدية حامة بوزيان، 17 شخصا من ضحايا المجزرة المرورية التي وقعت، أول أمس، بمنطقة وادي ورزق بقسنطينة، وسط أجواء مهيبة، حيث اقتربت النصر من أهالي الضحايا وهم جميعا من عائلة واحدة، و سردوا لنا تفاصيل عن المتوفين وعن الذكريات الأخيرة التي تركوها خلفهم قبل «رحلة الموت».
روبورتاج: حاتم بن كحول
وفقدت عائلات بن زعيمة وبن فرج وبوعناقة، خيرة من أبنائها في هذا الحادث الأليم، بينهم رضيع كان متلهفا لرؤية أمواج البحر، وعجوز تبلغ من العمر 85 سنة، رغبت في تمضية أوقات ممتعة مع العائلة والأقارب، كما راح ضحية للحادث، شبان في مقتبل العمر، نهضوا باكرا لتحضير مستلزمات السباحة، ظنا منهم أنهم سيقضون يوما جميلا، وكهول كانوا سعداء لإسعاد أبنائهم، فتوجهوا في رحلة استجمام حاملين تذكرة الذهاب دون الإياب.  
النصر تنقلت إلى بلدية حامة بوزيان وتحديدا إلى منطقتي عين بن سبع و بوستة الواقعتين على مستوى الطريق المؤدي إلى ميلة وجيجل، أين يقطن ضحايا حادث المرور، فبعد عشرات الأمتار من السير، صادفنا رجال الدرك الوطني يقومون بتنظيم حركة المركبات، ويشاركهم في ذلك شباب من المنطقة كانوا يرتدون قمصانا خاصة من أجل توجيه الراغبين في تعزية عائلات الضحايا.
وقد خيمت أجواء الحزن على حامة بوزيان، فقد ترك بائعو الخضر والفواكه طاولاتهم المنتشرة عبر طول الطريق، وأغلق تجار محلاتهم، من أجل مؤازرة ومساعدة عائلات الضحايا.
رجل يفقد 5 من أفراد عائلته
بمنطقة عين بن سبع، كان المواطنون يتوجهون عبر مجموعات تضم نساء ورجالا، إلى مقار سكن الضحايا من أجل تقديم واجب العزاء، حيث كان شباب وكهول وشيوخ يقفون تحت أشعة الشمس الحارقة، وهم يعيدون سرد الوقائع، والحزن يملأ أوجههم الشاحبة، وعلامات الدهشة والشفقة بادية عليهم.
توجهنا مباشرة إلى سكن عائلة بن زعيمة التي فقدت 6 من أبنائها في هذا الحادث، حيث سمعنا أصوات بكاء وصراخ من الجهة التي تتواجد بها النساء، ليقابلها هدوء وصمت رهيب بمكان تلقي رجال العائلة للعزاء، حيث كان يجلس بعض المسنين، بينما يقوم شاب بتلقي العزاء، وعلمنا أن أحد الجالسين فقد زوجته وزوجة ابنه وحفيده وابنة أخيه وابن أخيه دفعة واحدة، ولكن حزنه حال دون محاورته، خاصة وأنه ظهر متأثرا جدا وظل يذرف الدموع.
إحدى الضحايا كانت ستُزف عروسا بعد شهرين

فضلنا الحديث مع الشاب الذي كان أكثر تماسكا، واتضح أنه ابنه، وهو عماد بن زعيمة  فكان أول ما قاله «كانت أكثر من أمي»، وبعد برهة من الزمن استرجع أنفاسه، وتابع «فقدت 6 من أفراد من عائلتي، زوجة أبي التي كانت بمثابة أمي، فقد عوضتني طيلة 6 سنوات عن وفاة والدتي، وعشت معها أفضل أيام حياتي، لم تقصر معي يوما، ولما أشعر إطلاقا أني يتيم الأم».
وأضاف محدثنا «فقدت زوجة أخي وهي ابنة عمي في نفس الوقت، وابنها الغالي على قلبي كثيرا، لقد فارقنا قبل إتمامه سنتين.. غادرنا مبكرا. فقدنا أخت زوجة أخي والتي كانت ستزف في شهر أكتوبر، وابن صهر أخي، والذي كان سعيدا جدا بالتوجه للبحر بعد نيله نتائج دراسية مرضية، عقب عام شاق من التعليم الابتدائي، إضافة إلى والدة الطفل».
كما سرد عماد، وقائع تنظيم هذه الرحلة المميتة، موضحا أنه وبعد روتين العمل الذي نال من شقيقه الذي يعمل في قاعة متعددة الخدمات، قرر بالاتفاق مع قريبته من عائلة بن فرج والتي تعمل معه، تنظيم رحلة، واتفق مع سائق حافلة يعتبر صديقا له.
«تلك الطريق شكّلت لنا كابوسا بسبب الشاحنات»
وبعد اتفاق الجميع، شرع كل طرف في دعوة أفراد عائلته، وتم التوجه إلى ولاية جيجل الساحلية، وعن آخر اللحظات التي عاشها مع الضحايا، قال محدثنا «أتذكر جيدا أن زوجة أبي لم تنم إلى غاية ولوجي المنزل في حدود الساعة الحادية عشرة ليلا، كنت في العادة أجدها نائمة، ولكنها سهرت إلى غاية إخطاري أنها ستذهب في رحلة إلى البحر، وطلبت مني اقتناء الغداء في اليوم الموالي».
وأضاف عماد «أما ابن أخي..»، ليتوقف عن الحديثة لبرهة متأثرا باسترجاع بعض الذكريات، ليواصل حديثه قائلا «في العادة أنا آخر من يعود إلى المنزل ليلا، ولكن ابن أخي البالغ من العمر 20 شهرا، لم ينم ليلتها، وظل يطرق باب غرفتي للبقاء معي، رغم أنه تعود على النوم باكرا، خاصة وأنه تربطني به علاقة قوية، بحكم بقائه معي طيلة النهار في ظل ارتباط والده بالعمل، موضحا أنه رفض النوم إلا بعد إصرار والده وكان ذلك في منتصف الليل، ولم يسبق له وأن سهر إلى هذا الوقت منذ ولادته».
واستطرد محدثنا «لقد استيقظوا في حدود الساعة الخامسة بعد الفجر، وشرعوا في تحضير بعض الأطباق التي أخذوها معهم، جاهلين أنها ستكون آخر رحلة لهم». وبعد توقفه عن الحديث من شدة التأثر عدة مرات، أكمل الشاب الثلاثيني حديثه، مؤكدا أنه علم بالحادث من متصل عبر رقم مجهول، حيث أخطره أن شقيقه تعرض إلى حادث مرور، ليتوجه إلى مكان الحادث ويجد مجموعة من الجثث بمكان مليء بالدماء، وبعد فترة وجد شقيقة يحمل ابنه، وعن هذا الموقف المروع قال عماد «لقد كان ابنه ميتا إلا أن شقيقي ظل متمسكا به ولم أتمكن من نزعه» ليجهش بالبكاء، «كان يحاول حمايته ويده ظلت ملتصقة بجسد ابنه» ثم أضاف «كان شقيقي يردد عبارة لا إله إلا الله محمد رسول».
أما عن تفاصيل الحادث، فقد أوضح المتحدث «أعرف الطريق جيدا، وأمر عليها أكثر من 3 مرات يوميا، هي تشكل كابوسا بالنسبة لنا، والمرور عليها خطير جدا، خاصة في فصل الصيف، وقد ازدادت الخطورة بعد استعمالها من شاحنات أحد المصانع حيث تمر بحمولة تفوق طاقتها».

وعلى بعد 20 مترا، وصلنا إلى عائلة بن فرج التي فقدت 6 من أفرادها، أين وجدنا مجموعات أيضا كانت تتبادل وقائع الحادثة،  بروايات مختلفة.  حاولنا الحديث مع الشقيق الأصغر طارق، والذي تحدثنا بصعوبة بالغة، حيث أخبرنا أن كل الضحايا من أقربائه إلا أنهم ينقسمون إلى 3 عائلات، مضيفا بالقول «لقد فقدت ثلاثة شقيقات وأربعة من أبنائهن، وقريبتي وابن أخي وزوجة أخي، وابنة خالي وابنتيها وزوجها».
وتابع طارق «أتذكر جيدا أنه قبل أيام قليلة، التقوا بمنزلنا وبرمجوا الرحلة، لم نكن نعلم أنها رحلة ذهاب من دون عودة»، مضيفا «لقد كانوا جد سعداء بالتوجه للبحر. كنت رافضا الفكرة، وطلبت من ابني عدم مرافقتهم، وهو يقبع في المستشفى حاليا بجانب أخي. لا أحبذ الرحلات عبر الحافلات».
توجهنا بعد ذلك إلى مسكن عائلة بوعناقة التي تقطن في حي بوستة، حيث أخبرنا الشيخ محمود، أنه فقد 4 من أفراد عائلته، ويتعلق الأمر بزوجة شقيقه المتوفى، وابنة أخيه وزوجة ابن أخيه وحفيد أخيه، مضيفا أن زوجة شقيقه، لم يسبق لها وأن تنقلت إلى البحر، قائلا «حتى لما كان أخي على قيد الحياة كانت ترفض مرافقته إلى البحر، وتكتفي بطلب أخذ أبنائها، لا أعلم كيف قررت هذه المرة التوجه للبحر».
أرملة زارت الشاطئ لأول مرة ثم ماتت
ويستطرد الرجل في تأثر «زارت زوجة أخي الشاطئ أول مرة ولكنها لم تعد حتى لتخبرنا كيف كان شعورها، وكيف كانت أول تجربة، علمت أنها كانت رافضة الفكرة تماما، ولكن إصرار بعض الأقرباء، جعلها تقرر كسر روتينها اليومي، والحصول على انتعاشة في ظل الأجواء الحارة، لقد كانت مثالية. توفي زوجها وهو أخي قبل عام ونصف، وتحملت مسؤولية أبنائها، وكانت تقوم بدور الأب والأم في نفس الوقت».
وأضاف محدثنا أنه تلقى الخبر بينما كان يحضر نفسه لتناول وجبة العشاء، ليتنقل على الفور إلى مكان الحادث الذي وصفه بالمجزرة مشبها إياه «بساحة الحرب»، بعد تلك المناظر الأليمة، موضحا أنه لا يعلم حقيقة ما حصل تحديدا، ولكن الرواية التي سمعها  تقول بأن  سائق الشاحنة فقد السيطرة على المكابح وبأن الشاحنة كانت محملة بسلعة تفوق طاقة استيعابها، ليلقي بنفسه من الباب ويترك الشاحنة تسير فاصطدمت مباشرة بحافلة الضحايا،    وأضاف  «لما شاهدنا الحافلة ظننا أنه لم ينج أحد».
و قد وصلت سيارات الإسعاف حاملة الجثامين في حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال، وسط أجواء مهيبة، حيث تفرقت كل واحدة إلى مقار سكن العائلات التي توزعت على أربع مناطق، و تعالت الصرخات والتكبيرات عند إدخال الجثامين، وسط تأثر كل الحاضرين الذين ذرف العديد منهم الدموع، ليتم التوجه بعدها إلى المقبرة أين كان في انتظارهم الآلاف من المواطنين الذين قدموا من مختلف المناطق بقسنطينة.
ح.ب

المعني فقد السيطرة على المركبة بسبب عطل في المكابح
وضع سائق الشاحنة المتسبّبة في الحادث تحت التوقيف للنظر
أمر وكيل الجمهورية لدى محكمة زيغود يوسف بقسنطينة، أمس السبت، بوضع سائق الشاحنة المتسببة في حادث مرور على مستوى الطريق الوطني رقم 27 تحت التوقيف للنظر، وذلك إلى غاية استكمال التحقيق الابتدائي من طرف الدرك الوطني.
وبحسب بيان لوكيل الجمهورية لدى محكمة زيغود يوسف بقسنطينة، تلقت النصر نسخة منه، فإنه وتبعا لحادث المرور الذي وقع مساء الجمعة على مستوى الطريق الوطني رقم 27 الرابط بين قسنطينة و جيجل على مستوى منطقة وادي ورزق التابعة لبلدية بني حميدان، وأسفر عن وفاة 18 شخصا وإصابة 11 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، فإنه قد تم فتح تحقيق في الحادث.
وعن أسباب الحادث أوضح بيان وكيل الجمهورية، أن شاحنة من نوع «شاكمان» محملة بالحصى في طريقها من قسنطينة نحو جيجل، يقودها شخص يدعى «ه.خ» 59 سنة، وبسبب عطل في المكابح فقد السيطرة عليها، ثم توجيهها إلى الجهة اليسرى من الطريق، واصطدم بالحافلة، واستقرت الشاحنة على جانبها الأيسر فوق الحافلة، وأضاف ذات المصدر، أن التحقيق الابتدائي في الحادث لا يزال متواصلا من طرف الفرقة الإقليمية للدرك الوطني ببني حميدان، مع وضع سائق الشاحنة تحت التوقيف للنظر.
ق م

 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com