عادت مشكلة التسربات المائية إلى الظهور مجددا على مستوى جسر سيدي راشد الحجري بوسط مدينة قسنطينة، فيما تؤكد مديرية الأشغال العمومية، أن الأمر لا يشكل خطرا حيث سيتم إصلاح قناة قديمة لتصريف والكشف عن مصدر المياه بالتنسيق مع شركة سياكو.
وتنقلت النصر، أمس إلى أسفل جسر سيد راشد، أين وقفنا تحت أقواسه على وجود تسربات مائية على مستوى القوسين الثالث والرابع، لكنها كانت أكثر حدة بالقوس رقم 3 فقد كانت المياه تنهمر بغزارة من الأعلى، دون أن يظهر المكان الذي تسيل منه بشكل مباشر.
وتشكلت برك مائية أسفل القوسين، كما بدأت مظاهر تعري الطبقات السطحية للأحجار التي شيد بها الجسر بسبب سيلان المياه من الأعلى، فيما ذكر لنا تقنيون وجدناهم بالمكان، أن المشكلة في القوسين الخامس والسادس قد بدأت بالتسربات المائية ثم توسعت شيئا فشيئا حتى أصبحا مهددين بالانهيار، ليتم بعدها إجراء عملية ترميم وصيانة شاملة على عدة مراحل آخرها في عام 2016، مشيرين إلى أن الماء هو العدو الأول لأي بناء أو منشأة فنية.
وأوضح لنا سكان يقطنون أسفل الجسر، أن المياه ظهرت منذ قرابة الأسبوع ثم بدأت قوة التسرب تزيد شيئا فشيئا إلى أن وصلت إلى الوضع الحالي، محذرين من خطر تزايد حدة التسربات، حيث قالوا إن الاختلالات التي ظهرت سابقا كانت كلها بسبب المياه، كما ذكروا أيضا بالحوادث السابقة سواء تلك المسجلة في الثمانينيات، أو في عامي 2011 و 2016 .
وأوضح رئيس مصلحة بمديرية الأشغال العمومية، للنصر، أن فرقة تقنية من المديرية قد عاينت التسربات المائية المسجلة، حيث تم الحفر على مستوى رصيف الجسر، أين تم الوقوف على انكسار قناة قديمة خاصة بتصريف المياه وسيتم، مثلما قال، إصلاحها.
وتابع المتحدث، أن المياه المتسربة هي نتاج تراكمات قديمة إذ تجمعت بشكل معتبر ثم تسربت عبر أحجار الجسر، مشيرا إلى أنه سيتم العمل مع شركة المياه والتطهير «سياكو» للكشف عن مصدرها، قبل أن يؤكد بأن المشكلة لا تشكل أي خطر على هذه المنشأة الفنية، كما ذكر أن المديرية تتابع بشكل دوري مختلف عمليات الصيانة.
وقبل عقود ظهرت تسربات مائية حدد مصدرها من منبع مائي بأعالي منطقة المنصورة، وهو ما تسبب في أضرار على مستوى القوسين 5 و 6، حيث تم حفر بئرين ما يزالان إلى الآن لتصريف المياه وتخزينها، كما أنجزت السلطات المحلية العديد من العلميات الاستعجالية لإنقاذ الجسر من الانهيار كان أبرزها تدعيم الجزء المتضرر، بقوس فولاذي سنة 1979، وذلك من أجل تحمل ثقل المركبات و المارة و تخفيف الضغط على الهيكل الأصلي.
وأنجزت مديرية الأشغال العمومية سنة 2011 عملية ترميم أخرى لوقف الانزلاقات و التقليل من التشوهات الناجمة عن انهيار بعض الأجزاء، حيث تمت عبر ثلاث مراحل شملت الأولى إنشاء فجوات تسمح بامتصاص القوى الضاغطة على الجسر، أما المرحلة الثانية و التي تطلبت ترحيل سكان الحي القصديري أسفل المنشأة، فشملت تدعيم محيطه و إنجاز أوتاد لتقوية الدعامة الحديدية فضلا عن إنشاء أنظمة لتصريف المياه، كما تمت إعادة بناء القوس رقم 5 من طرف مؤسسة «سابطا» العمومية المتخصصة في بناء وصيانة الجسور.
وتم في المرحلة الأخيرة من المشروع الإستعجالي لترميم جسر سيدي راشد، غلقه بشكل نهائي أمام حركة المرور في سنة 2016، ليتم فتحه أمام حركة المرور بعد غلقه لثلاثة أشهر، فيما تم إنجاز شبكة لتصريف المياه مؤخرا، على مستوى مسار المركبات إثر تشكل برك كلما تساقطات قطرات من الأمطار حتى تحول المكان إلى نقطة سوداء.
و يبلغ طول جسر سيدي راشد 447 مترا و يصل عرضه 12 مترا، حيث يعد أكبر جسر حجري بالعالم، كما أنه من أبرز معالم قسنطينة السياحية، لكن أسفله ومحيطه، قد تحولا إلى مكب للنفايات ومكان للمنحرفين، مثلما وقفنا عليه أمس.
لقمان/ق