تعرف أسواق مدينة قسنطينة قبل أيام من شهر رمضان، إنزالا كبيرا لاقتناء مختلف السلع والمواد الغذائية، حيث وصف تجار ومسيرو مراكز تجارية مستوى الإقبال بغير المسبوق مقارنة بالسنوات الماضية، فيما سجلت أسعار الخضر استقرارا مقارنة بالأيام الماضية لكن اللحوم البيضاء والحمراء عرفت ارتفاعا محسوسا، في حين طغت مشاهد طوابير الزيت على مختلف الواجهات التجارية الكبرى.
و وقفنا في جولة استطلاعية بالمقاطعة الإدارية علي منجلي، التي تحولت إلى الوجهة التجارية الأولى للقسنطينيين والقاطنين بمختلف الولايات الشرقية المجاورة، على إنزال على مختلف الأسواق والواجهات التجارية الكبرى بالوحدتين الجواريتين 19 و 2 فضلا عن الوحدة السادسة، حيث أن حركة المرور داخل المدينة أصبحت لا تطاق نتيجة الازدحام الكبير، إثر توافد الآلاف من المواطنين لاقتناء حاجياتهم تحضيرا لشهر رمضان، لاسيما في الفترة المسائية.
ومما يلفت الانتباه أن حظائر المراكز التجارية تعج بسيارات تحمل ترقيم ولايات سكيكدة، أم البواقي، ميلة وقالمة، وحتى سوق أهراس وتبسة، فيما لاحظنا أن السلع الأساسية سرعان ما تنفد من الرفوف.
وبالمركز التجاري «رتاج مول» الذي أصبح المقصد الأول لسكان قسنطينة وبعض الولايات المجاورة، أكد لنا مدير الإعلام عمر أوراغ، أن المركز ومنذ فتحه لم يشهد مستوى الإقبال المسجل خلال هذه الأيام، حيث عرفت مغازة بيع المواد الغذائية وكذا فضاء بيع الخضر واللحوم إقبالا كبيرا منذ السبت الماضي وتم إحصاء أزيد من 50 ألف متسوق ، وهو رقم لم يسجل من قبل.
ولفت المتحدث، إلى أنه وعلى سبيل المثال فإن إحصائيات العام الماضي الخاصة بالأيام الأخيرة التي تسبق شهر رمضان، تُبين عدد زيارات يتراوح بين 27 إلى 28 ألفا كما أن عدد المتسوقين اليوميين في الأيام العادية يتراوح ما بين 17 ألف إلى 20 ألف خلال الأيام الذروة، مشيرا إلى أن مختلف السلع وخاصة الأساسية سرعان ما تنفد بسبب حمى التسوق.
وبادر المركز التجاري إلى تنظيم حملة تطوعية تحت اسم أيام الرحمة، حيث سيتم تخفيض أسعار الخضر والفواكه، فضلا عن اللحوم الحمراء والبيض، وكذا المواد الغذائية داخل المغازة الكبرى، حيث قال مدير الإعلام أنه سيتم التخفيض من هامش ربح التجار مع توفير كميات كبيرة من مختلف السلع، حتى يتمكن كل المتسوقين من اقتناء حاجياتهم. وستنطلق العملية اليوم على أن تستمر على مدار 4 أيام كما سيعمل المركز على متابعة الأسعار بأسواق الجملة من أجل تحيينها في سوق التجزئة.
واقتربنا من العديد من المواطنين، حيث كانوا يشتكون من غلاء الأسعار فقد سجلت زيادات في أسعار مختلف السلع التي يستخدمها الجزائريون عادة في شهر رمضان على غرار الجبن والحلوى الطحينية، حيث ذكرت لنا سيدة أنها أضحت من الكماليات، في حين وقفنا على ارتفاع في أسعار الحليب المجفف حيث قال لنا صاحب المتجر أن نسبة الزيادات تقدر بـ 100 بالمئة كما لفت إلى أن الزيادات في مختلف السلع لم تسجل عشية رمضان وإنما بدأت منذ دخول العام الجاري، وهي ترتفع بحسبه يوما بعد يوم.
استغناء عن الكماليات
وأكد محدثنا، وهو صاحب متجرين بمركزين تجاريين بعلي منجلي ومدينة قسنطينة، أن تركيز المتسوقين هذا العام على المواد الأساسية فقط، حيث تنفد مواد غذائية بسرعة على غرار الطماطم الصناعية و«الدويدة» والحليب المجفف والسكر وغيرها، أما الكماليات فقد استغنى عنها المستهلكون بشكل كبير إذ أطلعنا على وضعية الرفوف فقد كانت السلع بها على حالها في حين تم عرض أخرى بأثمان أقل نظرا لاقتراب انتهاء صلاحيتها، لكنه أشار إلى أنها صالحة للاستهلاك لأشهر.
وقد لاحظنا أن المواطنين يقبلون بشكل كبير على السلع التي تعرض وفقا لنظام التخفيضات، حيث كان جميع من يمر عبر ذلك الرواق يملء سلته بكميات من الجبن أو الزبدة أو الكعك، فيما ذكرت لنا سيدة كانت تشتكي من الأسعار بصوت عال، أن كل شيء التهب بشكل كبير وهو ما دفعها إلى عدم اقتناء الكماليات على خلاف السنوات الماضية، كما صرح لنا رجل بأنه لاحظ أن الزيادات مست كل السلع، لاسيما التي تستهلك في شهر رمضان على غرار البرقوق «عين بقرة».
وتعرف أسعار الخضر والفواكه عبر مختلف أسواق مدينة قسنطينة على غرار فيرندو وبومزو فضلا عن تلك الموجودة بعلي منجلي، استقرارا ملحوظا خلال الأسابيع الفارطة فقد نزل ثمن البطاطا إلى 90 دينارا في المتوسط، أما الطماطم فقد تراوحت بين 80 إلى 100 دينار، في حين حدد سعر البازلاء بـ 130 دينارا والخس بما بين 100 إلى 120 دينارا، مع تسجيل إقبال كبير على اقتنائها، في حين عرفت أسعار التمور استقرارا هي الأخرى، حيث تراوحت بين 300 إلى 600 دينار بحسب النوعية والجودة.
أما أسعار الفواكه فهي مرتفعة نوعا ما، فقد قفز ثمن الكيلوغرام من البرتقال إلى أكثر من 200 دينار بسبب نقص الإنتاج، حيث أنه في نهاية موسم جنيه، أما التفاح المحلي فقد وصل إلى أزيد من 350 دينارا بالنسبة للنوعية المتوسطة، أما النوعية الجيدة فقد وصلت إلى 600 دينار في حين بدأ سعر الفراولة ينزل إذ تراوح بين 220 و 250 دينارا.
أروقة اللحوم خالية من الحركية
وقد كانت أروقة بيع اللحوم شبه شاغرة من المواطنين فالحركية بها تكاد تكون منعدمة نظرا للارتفاع الكبير في الأسعار، إذ قاطع غالبية المستهلكين اقتناء مختلف أنواع اللحوم بسبب الغلاء ، مثلما أكده، لنا تجار بعلي منجلي، حيث قال لنا إنه يملك رفقة إخوة له أربعة محلات اثنين بعلي منجلي وآخرين بالخروب وقسنطينة، إذ سجلوا نسبة تراجع للمردودية التجارية بأكثر من 40 بالمئة خلال هذه الفترة.
وتراوح سعر لحم الخروف بين 1600 و 1700 كيلوغرام، كما وصل لحم العجل إلى 1300 دينار، وأكد لنا أصحاب محلات القصابة أن هامش الربح ضعيف جدا وقالوا إنه وفي حال مواكبة ما هو متداول في أسواق الجملة والمذابح، فإن الأسعار ستكون مرتفعة أكثر وقد تصل إلى ألفي دينار بالنسبة للحم الخروف.
وعادت أسعار اللحوم البيضاء إلى الارتفاع مجددا، حيث تراوح ثمن الكيلوغرام من الدجاج بين 420 إلى 430 دينارا، بعد أن كان لا يتجاوز 370 دينارا الأسبوع الماضي أما الشرائح فقد قفزت إلى أزيد من 750 دينارا وكان ثمنها لا يتجاوز 690 دينارا نهاية الأسبوع الماضي فقط، إذ برر بائعون الزيادات المسجلة بارتفاع سعر المنتج في المذابح.
وما زالت ندرة مادة الزيت مسجلة بحدة عبر مختلف الأحياء والواجهات التجارية، حيث لاحظنا العديد من الطوابير أمام المحلات، كما أكد لنا تجار أن الكميات الممنوحة لهم قليلة مقارنة بمستوى الطلب إذ ارتفع بشكل كبير منذ أسبوع وأصبحت كل الكميات تنفد دقائق بعد جلبها.
أما بالنسبة للسميد، فقد تراجعت حدة الأزمة بحسب تجار إذ تقلص الإقبال بعد اقتناء الجميع حاجياته متوقعين أن تعود الأمور إلى نصابها قبل دخول شهر رمضان، لكننا وقفنا على بيع الكيس بأثمان مرتفعة جدا فقد وصل سعر كيس 10 كيلوغرامات إلى 800 دينار أما كيس 25 كيلوغرام فقد بيع بـ 1750 دينارا.
لقمان/ق