أكد متدخلون، في ملتقى دولي بجامعة قسنطينة 3 حول «التحول الرقمي وأثره على المجتمع و الاقتصاد والمدينة »، بأن التخطيط الحضري القديم للمدينة يشكل تحديا كبيرا أمام جهود تحديث البنية التحتية الجديدة من خلال التحول الرقمي، ويصعب من مهمة دمج التقنيات المعاصرة مثل أنظمة النقل الذكية و المرافق الحديثة، لذا فإن تحديث المدينة دون التأثير على هويتها التاريخية والمعمارية يتطلب حلولا مبتكرة تحترم الماضي و تحتضن المستقبل.
وأكدت البروفيسور سميرة دباش، من كلية الهندسة المعمارية بجامعة صالح بوبنيدر قسنطينة 03، بأن مدينة قسنطينة تواجه تحديات عديدة فيما يتعلق بتحديث بنيتها التحتية، متابعة بالقول بأنه وبالرغم من أن المدينة بدأت في الاعتماد على الحلول الرقمية في مجال التخطيط الحضري، إلا أنها جهود ما تزال في مراحلها الأولى.
ويمكن إرجاع هذا التأخير بحسبها، للتركيز على الحفاظ على الهوية التاريخية للمدينة، إلى جانب التحديات المتعلقة بالتمويل والقدرة التكنولوجية، والتركيز على تقليل الازدحام المروري وتحسين كفاءة وسائل النقل العامة، مما يجعلها أكثر وصولا للمواطنين.
وأكدت المتحدثة، بأن التخطيط الحضري القديم لقسنطينة يشكل تحديا كبيرا أمام جهود تحديث البنية التحتية، لأن المدينة بتضاريسها الفريدة بما في ذلك الوديان العميقة والجسور التي تميز مناظرها الطبيعية تجعل ملامحها ذات طابع بصري مميز، ولكنها تعقد من عملية تنفيذ البنية التحتية الجديدة وتُصعب دمج التقنيات المعاصرة مثل أنظمة النقل الذكية أو المرافق الحديثة.
ويتطلب تحديث البنية التحتية لمدينة قسنطينة، من خلال التحول الرقمي دون التأثير على هويتها التاريخية والمعمارية، حلولا مبتكرة تحترم الماضي بينما تحتضن المستقبل بحسب دباش، لأن تراثها الغني وهياكلها القديمة يستوجبان تخطيطا دقيقا واستراتيجيات تحديث مدروسة بعناية.
وأشارت المتحدثة في سياق متصل، إلى الأثر الإيجابي للتحول الرقمي على المجتمع والاقتصاد في الجزائر، و تعزيزه للنمو الاقتصادي، خاصة في مدن مثل الجزائر العاصمة و قسنطينة و وهران، كما أكدت أنه فتح فرص عمل جديدة في مجالات مثل الاتصالات والتجارة الإلكترونية.
وأوضحت، بأن هناك تحديات يجب التغلب عليها كنقص الوعي الرقمي ومحدودية البنية التحتية في المناطق الريفية، وصعوبة الوصول إلى التقنيات المتقدمة.
وأكدت دباش، بأن التحول الرقمي يوفر وظائف جديدة، و يقضي على أخرى في نفس الوقت، مما يؤدي إلى تغييرات عميقة في سوق العمل كما يمكن أن يزيد من تركيز القوة الاقتصادية في يد الشركات الكبرى في مجال التكنولوجيا.
ويمكن للتحول الرقمي للمدن «المدن الذكية» كما قالت، أن يحسن إدارة الخدمات العامة، لكنه يثير تساؤلات حول حماية البيانات والمراقبة، أما في الجامعات تضيف المتحدثة، فإنه يقوم بتحويل أساليب التعليم والتعلم لكنه قد يجعل الطلاب أكثر سلبية وأقل قدرة على التفكير النقدي.
وأضافت الأستاذة بكلية الهندسة المعمارية بجامعة قسنطينة 03، بأن التحول الرقمي المتزايد يؤدي إلى جعل الأفراد يعتمدون بشكل متزايد على الأجهزة الإلكترونية والإنترنت، لذلك فإن حدوث أي عطل أو هجوم إلكتروني قد يتسبب في اضطرابات كبيرة في الحياة اليومية، ناهيك عن أنه يعمق الفجوات الاجتماعية والاقتصادية من خلال استبعاد الأشخاص الذين لا يمتلكون الوصول إلى التكنولوجيا أو المهارات الرقمية.
تساؤلات حول استدامة النموذج
وقالت، بأن البنى التحتية الرقمية تستهلك الكثير من الطاقة، مما يثير تساؤلات حول استدامة هذا النموذج، لذا فإن تجاوز بعض التحديات التي يفرضها التحول الرقمي، يتطلب استثمارا مستمرا كما قالت، وإصلاحات شاملة، وجهودا منسقة لبناء مجتمع أكثر شمولية وتقدما تقنيا.
وأكدت، بأن التحول الرقمي لا يقتصر فقط على اعتماد التقنيات الجديدة بل يتعلق بتحسين حياة الناس، وتعزيز التقدم وفتح آفاق جديدة للمستقبل.
من جهتها، تطرقت الباحثة الروسية، بلاشوفا سيفتلانان، في مداخلتها الموسومة بـ « relating digital literacy to socio economic indicators «، إلى تقييم الطلب على الإنترنت في المناطق الروسية واختبار الفرضية القائلة «بأن المهارات الرقمية تلعب دورا حاسما في التنمية الإقليمية»، وأوضحت بأن المساواة الرقمية تؤدي إلى تعميق التفاوتات الاقتصادية، وتفاوت الوصول إلى الخدمات العامة و التعليمية و المعلوماتية، والتجارة الإلكترونية وغيرها، مما يعيق تحقيق المزيد من التطور في العالم المعاصر. مؤكدة بأن طبيعة الفجوة الرقمية تغيرت من «فجوة التغطية» إلى «فجوة الاستخدام».
وأضافت الباحثة، بأنه لوصف المناطق الروسية من حيث الوصول إلى الإنترنت والطلب عليها، قامت بتجميع مؤشر مركب من مؤشرين أساسين، وهما إمكانية الوصول والاستخدام النشط للإنترنت، عبر مؤشر تبني الإنترنت واستخدام الاختبارات الإحصائية لتقييم الفروقات بين المجموعات من حيث المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضحت سيفتلانان، بأنه عند الجمع بين توفر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واكتساب المهارات الرقمية، فإن ذلك سيساعد في تقليل البطالة وزيادة الدخل وتعزيز التنمية البشرية.
وفي مداخلته الموسومة بـ « النماذج التوليدية والتحول الرقمي من الهندسة السريعة إلى الضبط الدقيق»،شدد الأستاذ حمزة شهيلي، من جامعة منتوري قسنطينة 1، على أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الهندسة والتصميم، حيث يقوم الذكاء الاصطناعي التوليدي بتبسيط عملية التصميم من خلال توليد مجموعة متنوعة من الخيارات بسرعة، مما يساعد المصممين الجرافيكيين في إنشاء تصاميم مرئية مميزة، أما بالنسبة للمهندسين والمعماريين فإنه ينتج لهم مخططات أرضية فريدة وفعالة استنادا إلى بيانات تدريب شاملة، مما يسرع من عملية التصميم.
لينة دلول