الخميس 19 ديسمبر 2024 الموافق لـ 17 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

تصريحات الرئيس أحيت آمال سكانها في رؤية وجه حديث لمدينتهم: قسنطينـــــــة تتأهــــب لارتـــداء ثــوب عصـــــــــري


تتأهب مدينة قسنطينة، لنزع الثوب القديم وارتداء آخر أكثر حداثة وعصرنة، بعد سنوات من تدهور عمرانها القديم وأزقتها العتيقة ومعالمها التاريخية ومرافقها الأثرية، لتفقد الكثير من بريقها الذي كان يشع على كامل الشرق الجزائري.

وأحيت التصريحات الأخيرة لرئيس الجمهورية، التي أعلن فيها عن مشروع لعصرنة الولاية ضمن استراتيجية وطنية كبرى، حيث أكد الرئيس تبون خلال معاينته لمخطط تحديث وعصرنة الجزائر العاصمة بأن المبادرة ستشمل عدة ولايات وذكر قسنطينة التي قال بأنه «يجب إعطاؤها حقها في مجال التنمية، باعتبارها مدينة المقاومة والتاريخ»، الأمر الذي بعث آمال سكان قسنطينة في رؤية نجم مدينتهم يسطع من جديد، خاصة وأن برنامج العصرنة سيسمح بإعادة الاعتبار للمدينة القديمة وضواحيها.
وتتضمن استراتيجية تطوير وعصرنة العاصمة عدة مشاريع عصرية تليق بمكانة عاصمة البلاد وموروثها الثقافي والحضاري، وهي مشاريع قيد الإنجاز، وأخرى سيتم تجسيدها على المديين القريب والمتوسط، لتتحول بعدها كل الأنظار والجهود إلى عاصمة الشرق قسنطينة، والتي ستستفيد بدورها من الإمكانات الضخمة التي سخرتها الدولة لتجسيد هذه الإستراتيجية.
كما سيسمح هذا المشروع الضخم، من تغيير المدينة القديمة لثوبها القديم والبالي، وتعويضه بآخر حديث وعصري، يحيي الفترة الذهبية التي كانت فيها تلك الأزقة العتيقة والبنايات القديمة والمواقع الأثرية والسياحية عبارة عن شريان الولاية والقلب النابض لها، أين كانت نقطة التقاء الآلاف من المواطنين القاطنين في الولاية أو الوافدين من خارجها.
قلب ولاية قسنطينة ينبض من جديد
وتحصي مدينة قسنطينة مواقع وأحياء تجمع بين المعمار العربي الإسلامي والمعمار الحديث في توليفة بديعة وتحولت هذه الأحياء في السنوات الأخيرة إلى مناطق مهجورة، بعدما كانت تشكل في فترة ما هوية المواطن القسنطيني وأصالة مدينة تجاوزت 2500 سنة، وتعاقبت عليها عدة حضارات جعلتها مميزة عن غيرها.
وتعتبر وضعية وحالة المساجد العتيقة وبقية المرافق الدينية والتاريخية، مرآة عاكسة لجسم منهك من ثقل السنوات ، رغم المجهودات التي قامت بها السلطات الولائية مؤخرا بإعادة تجديد بعض المرافق منها المسجد الأخضر ومسجد عبد الحميد بن باديس، إلا أن ثراء المدينة القديمة بمعالم مشابهة صعب من مهمة تعميم العملية عليها، واستدعى برامج وطنية كبرى، ومنحت تصريحات الرئيس قبل أيام قليلة أملا لسكان الولاية في رؤية ذلك الجسد الهرم يعود لنشاطه وحيويته من جديد .
وتنتظر معالم قسنطينة، انطلاق مشاريع إعادة التهيئة والعصرنة، للظهور بأبهى حلة، لتكون بذلك لوحة تروي تاريخا حافلا من الفترة النوميدية إلى مرحلة الحكم العثماني وما عرفته هذه الحقبة من انجاز قصور وبنايات إسلامية الطراز تعد اليوم من أبرز المعالم التاريخية والسياحية، إضافة إلى حقبة الاستعمار والتي عرفت أيضا انجاز بنايات بتصميم أوروبي فريد من نوعه، مازالت تقاوم إلى حد اليوم ثقل السنين، وستمتزج كل هذه الحضارات المتعاقبة على قسنطينة باللمسة الجزائرية الخالصة عند انطلاق مشاريع العصرنة وإعادة التهيئة، ما سيزيدها جمالا ويجعل منها مدينة تمزج بين الأصالة والمعاصرة.
صفة «عاصمة الثقافة» لم تضف الكثير لقسنطينة
واستبشر سكان وسط المدينة خيرا، عند اختيار قسنطينة كعاصمة للثقافة العربية، واستفادتها من جملة من المشاريع وعمليات التجديد وإعادة التهيئة والترميم على مستوى أبرز المعالم الدينية والثقافية والتاريخية، وكذا بالنسبة للأزقة والشوارع القديمة، إلا أن جل العمليات كانت محتشمة ولم تجسد على أرض الواقع بسبب جملة من العراقيل المتسبب فيها العامل البشري ثم الجيولوجي، وسعت السلطات الولائية والفاعلون في هذا المجال إلى استصلاح القطاع المحفوظ لكن دون تحقيق نتائج فعالة لحل هذه «المعادلة» ذات العناصر المجهولة المتعددة، والتي أدت في النهاية إلى فشل برنامج إلباس المدينة حلة جديدة سنة 2015.
ويعد مخطط الحفظ الذي تم إطلاقه تطبيقا لنصوص القانون رقم 98-04 الصادر في 15 جوان 1998 المتعلق بحماية التراث الثقافي، وفي أعقاب تصنيف مدينة قسنطينة كقطاع محفوظ وفقا للمرسوم الوزاري رقم 05-208 الصادر في 4 جوان 2005 أداة تستهدف الحفاظ على القيم التاريخية والثقافية والمعمارية، إلا أن ترجمة هذه القوانين والإجراءات على أرض الواقع لم يتجسد من الناحية العملياتية رغم الأغلفة المالية الضخمة التي وفرتها الدولة في تلك الفترة.
واستفادت ولاية قسنطينة عموما ومدينتها خصوصا، من برامج ضخمة لإعادة التهيئة والترميم، عند اختيار قسنطينة كعاصمة الثقافة العربية، إلا أن جل المشاريع لم تكتمل وبعضها لم تنطلق والقليل منها فقط أنجز بطريقة مؤقتة سرعان ما زال مفعولها وعادت إلى حالتها السابقة بعد نهاية التظاهرة، وفشلت معظم المشاريع المتعلقة بإعادة تجديد المساجد العتيقة والزوايا، رغم إنقاذ بعض المشاريع والتي سلمت بعد قرابة 10 سنوات على غرار تدشين مسجدي الأخضر وعبد الحميد بن باديس قبل أسابيع قليلة، رغم أن تلك المعالم الدينية والتاريخية مصنفة على المستويين الوطني والدولي، كما تتوفر هذه المدينة على واحد من أكبر المتاحف على المستوى القاري وهو متحف «سيرتا»، وكذا أحد أعرق المسارح على المستوى الوطني وهو المسرح الجهوي.
وكان تجسيد مشروع القرن بالنسبة لمدينة قسنطينة، سيخرجها من عنق الزجاجة ويعيد الحياة إلى مختلف شوارعها وأزقتها العتيقة، إضافة إلى أنه كان سينعش السياحة في هذه الولاية، والتي تتميز بتنوع سياحي وثقافي على غرار احتوائها على كهوف مميزة وذات منظرٍ جمالي رائع مثل كهف الدببة الواقع في الصخرة الشمالية للمدينة، وكذا كهف الأروي الواقع بالقرب منه، ويعتبر الكهفان محطتين للصناعات الأثرية التي تعود إلى ما قبل التاريخ.
ورغم الحضارات الكبيرة المتعاقبة على ولاية قسنطينة، إلا أن أهميتها لا تقتصر على الآثار العمرانية فقط، بل تعتبر المدينة القديمة رمزا للعلم والثقافة ومهدا للنهضة الإسلامية داخل الجزائر وخارجها، على يد ابن تلك الأزقة العتيقة، العلامة عبد الحميد بن باديس مؤسس جمعية العلماء المسلمين في إحدى البنايات المتهالكة اليوم، وما لعبته من دور في تلقين الشعب الجزائري اللغة العربية والدين الإسلامي إبان الاستعمار الفرنسي. وهي تضم أحد أكبر المجمعات الجامعية في القارة الافريقية بل هو أكبرها على الإطلاق من خلال أربعة جامعات ضمت جميع التخصصات و تستقطب طلبة من أفريقا وآسيا، على غرار جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية وجامعة منتوري بتاريخها العريق وهندسته البديعة، وجامعتي مهري وبوبنيدر بالمدينة الجديدة علي منجلي، المدينة التي تستقبل الوافدين من أحياء قسنطينة القديمة وتحولت إلى قطب تجاري في شرق البلاد.
تصريحات الرئيس أحيت حلما
واستحسن سكان ولاية قسنطينة كثيرا، تصريحات رئيس الجمهورية التي أطلقها قبل أيام، بخصوص استفادة المدينة من مشاريع إعادة تجديد وعصرنة، بعد انتهاء المشروع الذي سينطلق على مستوى العاصمة، متطلعين لتجسيد تلك المشاريع التي من شأنها أن تعيد بريق المدينة المفقود، وتحول حلم السكان برؤية قسنطينة في كامل زينتها إلى حقيقة بعد أن هجروها بمرور السنوات إلى منازل أخرى جديدة ولائقة .
وأكد والي قسنطينة، في تصريحات صحفية، مباشرة بعد إعلان رئيس الجمهورية أن قسنطينة ستكون ثاني ولاية تستفيد من برنامج التجديد والعصرنة على مستوى أزقتها القديمة، و أن أبرز ما سيتم تجديده في المدينة هو معالمها التاريخية والدينية والسياحية على غرار المساجد والأزقة العتيقة والساحات العمومية، وهو ما سيدعم أكثر مجال السياحة في هذه الولاية، والذي تطور كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية، بعد إقبال الآلاف من السياح الأجانب على مختلف المعالم والمواقع الأثرية والسياحية والدينية، ليكون الدور مستقبلا على المدينة القديمة وأزقتها العريقة الساحرة التي ستجلب إليها سياحا أكثر من داخل وخارج الوطن.
ومن المنتظر أن يجسد مشروع التجديد والعصرنة الخاص برئيس الجمهورية، من طرف السلطات الولائية بالتنسيق مع مصالح بلدية قسنطينة، وفق مخطط وبرنامج يضعه المسؤولون، خاصة وأن تجسيد مشروع بالطريقة المثلى والفعالة لن يكون إلا بإطارات لها خلفيات حول المشاريع المعطلة سابقا ومعلومات وتفاصيل متعلقة بالعراقيل التي قد تصادف إنجاز هذه المشاريع وتدارك ما حدث سنة 2015 على خلال تظاهرة عاصمة الثقافة العربية.
حاتم بن كحول

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com