انهارت، مساء أمس الأول، بناية هشّة من طابقين تقع بحي قيطوني عبد المالك وسط مدينة قسنطينة، ما تسبّب في انقطاع للتيار الكهربائي و هلع في أوساط السكان الذين حذروا من خطر انهيارات ممثالة قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
ولم تسجل أي إصابات بالمكان كون البناية التي تقع بنهج بن حلاسة يوسف مهجورة منذ سنوات، لكن موقعها الذي يتوسط الشارع و يعد معبرا لتلاميذ مدرستي محمد الغسيري و أسماء بنت أبي بكر، أثار تخوفات السكان الذين طالبوا بهدمها بشكل نهائي و إزالة الردوم، كون خطر الانهيارات الجزئية ما يزال متواصلا و من شأنه أن يهدد، حسبهم، حياة التلاميذ، الذين وجدنا عددا منهم يلهون بالقرب من المكان، كما شاهدنا جزءا من البناية و هو يسقط.
و تجتمع العديد من المتناقضات بحي قيطوني عبد المالك الذي يقع على بعد أمتار قليلة من وسط المدينة، حيث أن جل بناياته المتلاصقة شيدت في الحقبة الاستعمارية و الأخرى يعود تاريخ بناؤها إلى العهد العثماني، إذ يقطن بها المئات من العائلات، التي تؤكد بأنها تعيش حياة بائسة في مساكن هشة و مهددة بالانهيار في أية لحظة، ما جعلها تدق ناقوس الخطر، نتيجة الإحساس بعدم الآمان على أرواحها و ممتلكاتها و التخوف من مستقبل مجهول.
و لاحظنا أكواما من القمامة المنتشرة في كل ركن و ردوما لبقايا البنايات تحولت إلى ديكور بين مساكن مهجورة و أخرى لم يتبق منها سوى الأعمدة الحديدية، التي أكلها الصدأ و تكاد أن تهوي هي الأخرى، كما تدهورت قنوات الصرف الصحي و اهترأت شبكة طرقات، لتتحول إلى برك للأوحال كلما تساقطت قطرات من المطر، وسط أسلاك كهربائية معلقة بشكل عشوائي على طول واجهات البنايات، حيث ذكر لنا مواطنون بأن التيار الكهربائي انقطع لأزيد من عشر ساعات بعد انهيار البناية، نتيجة تداخل الكوابل.
و دق السكان في حديثنا إليهم ناقوس الخطر و قالوا بأن الوضعية تزداد سوء، حيث أكدوا أن التسربات المائية موجودة على مدار العام، مطالبين السلطات الولائية بضرورة معالجة ملف البنايات القديمة و إصلاح ما يمكن إصلاحه، قبل حدوث ما أسموه بالكارثة، باعتبار أن العديد من البنايات لم تعد صالحة للسكن، و أصبح هدمها، حسبهم، ضرورة ملحة، كما تحدثوا عن هجر العشرات من المنازل من طرف الملاك.
و طالب قاطنو "رود بيانفي" بضرورة تجديد قنوات الصرف الصحي و مياه الشرب، و إنشاء مساحات خضراء و ملاعب جوارية بالمساحات الشاغرة التي تحولت، حسبهم، إلى مأوى للمنحرفين و الممارسات المشبوهة، بالإضافة إلى إعادة الاعتبار للأرصفة و الطرقات المهترئة .
و تُعلق العشرات من العائلات الأمل على عملية الترحيل التي تحصلوا بموجبها على وصولات استفادة و دفعوا الشطر الأول من مستحقاتها المالية لديوان "أوبيجي"، إذ من المنتظر أن ينتقلوا إلى الوحدة الجوارية 20 بالمدينة الجديدة علي منجلي، لكنهم ذكروا بأنهم تمنوا لو استفاد الحي من عملية ترميم للسكنات و الحد من الإنزلاقات الحاصلة بالمكان الذي صنف ضمن المناطق الحمراء.
و قررت السلطات الولائية مؤخرا الاستعانة بخبير دولي من أجل إعداد دراسة لوقف الإنزلاقات بعدة أحياء من بينها قيطوني عبد المالك، المصنف ضمن المناطق الحمراء التي تعرضت جل بنياتها إلى تصدعات و انهيارات جزئية.
لقمان/ق