القاص جمال بوثلجة ينتقد فوضى الكتابة و النشر
أعرب الكاتب جمال بوثلجة عن أسفه، لأن من هب و دب أصبح يقتحم عالم الكتابة و ينشر «خربشات « و تفاهات»، و «هلوسات» ، إذا كان لديه بعض المال، و هو ما ساهم في ترسيخ الفوضى والرداءة في الساحة الأدبية ، و جعل الفقاقيع تعلو بحيرات الإبداع، على حد تعبيره، محملا مسؤولية ما يحدث للنقاد بالدرجة الأولى ، لأنهم يلوذون بالصمت ، و لا يحركون ساكنا، للمساهمة في إعادة تنظيف و ترتيب البيت و استبعاد الدخلاء، كما تأسف بعمق للركود الثقافي و الفني السائد في قسنطينة منذ سنوات، متسائلا هل العلم ظلم المدينة أم المدينة ظلمت العلم؟!
الكاتب جمال بوثلجة الذي قدم أول أمس الخميس في قاعة المحاضرات بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور بقسنطينة، مجموعته القصصية الجديدة «أقنعة الدمى»، ثم نظم جلسة بيع بالتوقيع، رحل بالحضور من كتاب و مثقفين و أساتذة جامعيين و طلبة و صحفيين، إلى بداياته في عالم الإبداع، عندما كان تلميذا في الطور المتوسط ثم الثانوي، مشيرا إلى أن أول نوع أدبي جذبه هو الشعر، للتعبير عن أشياء و مشاعر بداخله، و نشر في بداية الثمانينات أشعاره، لكنه لا يعتبر نفسه شاعرا ، كما قال، بل قاصا ، لأن هذا النوع يشعره بالارتياح و الإنعتاق و يفجر طاقاته الإبداعية أكثر، و كانت»الدائرة المغلقة» باكورة قصصه المنشورة، و الفضل في ذلك للكاتب و مدير الثقافة الأسبق مصطفى نطور الذي تحمل المكتبة العمومية اسمه ، الذي خصه بوثلجة بوقفة عرفان و تقدير.
و يعتبر المتحدث انضمامه في سنة 1986 إلى أسرة جريدة النصر، من بين أهم المحطات في مساره، فقد فتحت له صفحاتها الثقافية لنشر قصصه، مما شجعه على المزيد من الإبداع و توسيع دائرة النشر إلى مجلات و جرائد جزائرية أخرى و كذا المجلات عربية، على غرار «الفيصل» و «الدوحة» و غيرهما.
و قد نشر لاحقا مجموعات قصصية عديدة آخرها «أقنعة الدمى «، الصادرة عن دار ألكسندر للطباعة و النشر و التوزيع التي تضم 8 قصص، هي الورم ، الحلم، «الشلال»، «الكسيح»، «فجر الاغتصاب» ، «قناع البحر» ، «أقنعة الدمى» و «الطلقة» ضمن 90صفحة من الحجم المتوسط، و قال عنها بأنها كغيرها من القصص التي أصدرها، عبارة عن تجسيد لأحداث عاشها و واقع أحس به، فنقله على الورق في عمل إبداعي، مبرزا بأنه شارك في عديد المسابقات و توج بباقة من الجوائز الوطنية و الدولية آخرها بمصر، و يبقى حلمه الأكبر هو بلوغ العالمية.
و عن سؤال طرحه عليه أحد الحضور يتعلق بأسباب عدم بلوغه درجة الشهرة و النجومية التي يستحقها ، رد ضيف «بيت الكلمة»، بأنه لم يبحث عنهما، و ترك أعماله تتحدث عنه، معربا عن أسفه لأن بعض الجامعيين و الكتاب نشروا موسوعات عن الأدباء الجزائريين ، و لم يذكروا اسمه، لكنه سيواصل الكتابة، مع تخصيص وقفات تقويمية و تقييمية لأعماله، معترفا من جهة أخرى بأن الحملات الإعلامية الهادفة إلى تسويق الإبداع، جد هامة و هي التي تجعل أسماء تسطع ، و أخرى تخبو .
و يرى جمال بوثلجة بأن مشكلة الإبداع تظل مطروحة ببلادنا، في حين لا توجد مشكلة في ما يخص النشر، مؤكدا بأنه يكفي أن يكون لدى أي شخص مبلغا من المال، لكي يطبع كتابا، فقد رصد، كما قال، إصدارات مليئة بالأخطاء النحوية و الإملائية و غيرها، ناهيك عن المضمون الأجوف و التافه، تنشر و تسوق، ويواصل صاحبها جرأته، فينشر عشرات الكتب، مما أدى إلى تجذر الرداءة، وحمل المسؤولية للنقاد الصامتين الغائبين عن الساحة. و توجه المتحدث بالمناسبة بنداء إلى مسؤولي قسنطينة و مبدعيها، لكي يكثفوا جهودهم لإعادة البريق المفقود إلى المدينة التي يخنقها الركود الثقافي و فقدت العديد من تظاهراتها و نشاطاتها التي لطالما جعلتها تتنفس فنا جميلا و إبداعا راقيا.
إلهام طالب