مضمون أعمال رمضانية لا يرقى حتى إلى مستوى المسرح المدرسي
عبر السيناريست و الممثل عزيز عجابي، عن عدم رضاه عن أغلب الأعمال المعروضة في شهر رمضان، و أرجع ضعف مستواها إلى افتقار كتاب السيناريو لأفكار جديدة من جهة، و ابتعادها عن الواقع الجزائري من جهة أخرى، و الاعتماد على تقنيات الخداع البصري و الإبهار أكثـر من السيناريو، مستثنيا مسلسل» أولاد الحلال»، كما يطالب كاتب سيناريو « ماني ماني» و» ريح تور» بالإفراج عن المسلسل الأخير للممثل المرحوم عبد الرشيد زيغمي الذي لا يزال حبيس أدراج التلفزيون.
دردشة فوغالي زين العابدين
. النصر: أعمال السيناريست عزيز عجابي ملأت شاشة رمضان لسنوات طويلة، لكنها غابت مؤخرا، ما هو السبب؟
ـ عزيز عجابي: للأسف هناك أسباب عديدة، أصبحت اليوم المحاباة و الرشوة هما العاملان الرئيسيان لتمرير الأعمال في الشاشة، بالإضافة إلى المركزية، فقد أصبح كل شيء في العاصمة و تم تهميشنا تماما، هناك مسلسل كتبته بعنوان «شكون معايا» و شارك فيه المرحوم عبد الرشيد زيغمي، وهو آخر عمل له قبل وفاته، من إخراج مهدي عبد الحق، و بمشاركة فتيحة سلطان و جمال مزواري وصاولي و الفنان التونسي خالد بوزيد غيرهم، و اقترح المنتج الحاج حيون على التلفزيون الجزائري عرض و لو بعض الحلقات، تكريما للمرحوم زيغمي، لكن طلبه قوبل بالرفض، و بقي المسلسل حبيس الأدراج ، رغم أن ذات التليفزيون يبث برامج و مسلسلات لا يمكن حتى تصنيفها في خانة الهواة.
. هل لديك نصوص أخرى في طور الانجاز؟
ـ قدمت للتلفزيون مشروع مسلسل مخابراتي بعنوان «أنس الفنك»، بالإضافة إلى كاميرا خفية عنوانها» كان و مكانش» تركز بالدرجة الأولى على الألعاب السحرية و هي مختلفة عما يعرض في الكاميرا الخفية اليوم من مشاهد العنف و أغلبها مفبركة، كما أنني بصدد إتمام كتابة سيناريو فيلم ثوري بعنوان «القايد»، بالإضافة إلى سيت كوم، و أفكر في العودة مجددا لكتابة المسرحيات، بعد غياب طويل.
. ما رأيك في حصر النشاط الفني في شهر رمضان فقط؟
ـ هذا يعد من بين السلبيات التي تعودنا عليها منذ عقود طويلة، و النشاط الفني نشاط إنساني، من المفروض أن يكون طوال السنة، ولكن ربما يتم أخذ طبيعة المشاهد الجزائري بعين الاعتبار، فهو يجتمع مع أسرته أمام الشاشة في شهر رمضان أكثر من باقي شهور السنة.
. ما هو تقييمك للمسلسلات الجزائرية التي تبث في شهر رمضان لحد الآن؟
ـ من المفارقات العجيبة، أنه في السابق و رغم عدم توفر الإمكانيات التقنية، مثلما هو موجود حاليا، تم تقديم منتوج بقي خالدا لعقود، كنا نقدم صورة المواطن الجزائري و يومياته، لهذا كان الجمهور ينتظرنا بفارغ الصبر، حتى يرى نفسه في أعمالنا.
ما شاهدته لحد الآن مبهر من الناحية التقنية والبصرية، لكن المضمون للأسف لا يرقى حتى إلى مستوى المسرح المدرسي، أيعقل أن يتناول الجزائري وجبة إفطاره وهو يشاهد «رعاة البقر» و «قراصنة الكاريبي» ؟ للأسف من يكتب سيناريو هذه المسلسلات يعانون من فقر في الأفكار و فقدان للهوية.
يؤسفني أيضا اعتماد بلادنا على كتاب سيناريو و مخرجين أجانب . من جهة أخرى علينا أن نثني على المسلسلات التي بلغت المستوى المطلوب، بينها مسلسل «أولاد الحلال» الذي لقي صدى عند المشاهد الجزائري، لأنه يحكي الواقع الاجتماعي بأدق تفاصيله، و الجمهور وجد نفسه فيه.
. أغلب الانتقادات التي طالت المسلسلات مؤخرا لأنها بعيدة عن الواقع الجزائري، ما هو السبب الذي يجعل كاتب السيناريو يحيد عن هذا الجانب؟
ـ على السيناريست و المبدع و الفنان أن يكون مرآة عاكسة لمجتمعه و بيئته، ولو حاد عنهما سيصبح مثل من يكلم نفسه في «مونولوغ»، والمشاهد الجزائري لم ولن يتفاعل مع «بوبالطو» أو «قورصو»، لأنه لا يرى نفسه فيهما رغم الضجة الكبيرة التي صاحبتهما قبل شهر رمضان، ومثلما قلت هناك أزمة أفكار وهوية في ظل العولمة ومحاولة ركوب الموجة، وحتى الاقتباس الذي يقومون به يتم بطريقة عشوائية وغير منظمة.
كما لاحظت أن مسلسلات صورت في فيلات فخمة وحمامات سباحة ، في بيئة بعيدة كل البعد عما يعيشه السواد الأعظم من الشعب الجزائري، وأنا شخصيا لا يمكنني الكتابة عن شيء لم أره في حياتي ولم أعشه، عندما كتبت سلسلة «ماني ماني» و «ريح تور» وغيرهما اعتمدت على نفس المحيط الذي عشت فيه، وأغلب الشخصيات الموجودة مثل صاحب المقهى وسائق سيارة الأجرة وساعي البريد، لم تكن شخصيات وهمية، بل كانت حقيقية وعشت معها ودونت جميع خصائصها السلبية و الايجابية.
إن كاتب السيناريو المبدع لن يعاني أبدا من أزمة أفكار، لأنه لو ذهب للتجول في سوق شعبي، يمكنه أن يجد أكثر من قصة واقعية.
. نسجل في مواقع التواصل الاجتماعي حنينا للمسلسلات القديمة من بينها التي كتبتها، لماذا في رأيك؟
ـ ببساطة لأنها تبقى صالحة لكل زمان هذا من جهة، ومن جهة أخرى هي مطابقة للمجتمع، بالإضافة لبساطتها، فمثلا مسلسل» عمار بين الخدمة و الدار» تم تصويره في منزل و مكتب كاتب عمومي، ونجح، كما أن تطور الشبكة العنكبوتية سمح بنشر مقاطع من الأعمال القديمة، و جعل الشباب حتى ممن لم يعاصروننا ، يشاهدون الفرق الشاسع بين ما قدمه ذلك الجيل وما يقدم لهم حاليا، رغم التقنيات المبهرة التي تحاول دائما تغطية ضعف السيناريو و الإخراج.
. ماذا عن يومياتك في الشهر الفضيل؟
ـ كالعادة ومثل كل سنة، أقضي معظم وقتي في المنزل، ثم أخرج للتسوق و التجول في الأحياء الشعبية القسنطينية، ثم أعود لمشاهدة بعض الحصص الثقافية.
كما أحب المساعدة في إعداد وجبة الإفطار، و أكتفي عموما بالشربة «الجاري» و السلطة على مائدة الإفطار، و الطبق الثاني أتركه لوجبة السحور ، و أستغل السهرات الرمضانية الطويلة للمطالعة والكتابة، علما بأنني تخليت عن استعمال جهاز الحاسوب في الكتابة وعدت مجددا إلى الورقة و القلم. ف.ز