صدرت حديثًاً عن منشورات المتوسط- إيطاليا، مجموعة قصصية جديدة للكاتب الجزائري صلاح باديس، بعنوان: «هذه أمورٌ تحدث»، جاءت في144 صفحة، ضمن سلسلة «براءات» لسنة 2019، التي تصدرها الدار و تنتصر فيها للشِّعر، و القصة القصيرة، والنصوص، اِحتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
من خلال مجموعة «هذه أمورٌ تحدث» نكتشف أبطالاً يعيشونَ تفاصيل مدينةٍ، تعيشُ هي الأخرى تحوُّلاتٍ تبدو غير مرئية حيناً، و تكشفُ عن أسرارها حيناً آخر.. مدينةٌ عرفَت الزّلازل و الهزّات الأرضية والتّاريخية والنّفسية، كما لو أنَّها بتلك التصدُّعات تحكي حكاياتها المُغيّبَة أو المنسية، أو تلك التي تجرُّ سنواتٍ بعيدة كماضٍ يُلقي بظلاله على حاضرها، لكن لنتساءل أولاً، من يحكي حكاية هذه المدينة؟ و يغوص عبر قصصهِ في تفاصيلها؟ سبَق وأن تشابك معها بقصائد كتابه الشِّعري الأوّل «ضجر البواخر»، و مع شوارعها و طرقها و مآسيها الصغيرة كما الكبيرة، ليعود اليوم صلاح باديس، قاصّاً، ويخبرنا بأمورٍ تحدث في العاصمة «آلجي»، كما يُسمّيها الجزائريون، و قد لا ننتبه إليها؛ يلتقطها باديس ويحوِّلها إلى لوحاتٍ تضمُّ مقتنياتٍ عتيقة كسيارة بيجو 505، وقد نمرُّ في طريقنا إلى البحر، بالشركة الوطنية لاِنتظار القطارات، في محاولةٍ لتسجيل صوت البحر.
علاقاتٌ هشَّة وحبٌّ خفيٌّ، ينام ويصحو خلف العيون و الجدران والكلمات، أسماء و طرق و شوارع و أماكن بعينِها، هناك أيضاً مشاكلُ اليوميّ في الوظائف المملّة، والبحث عن إيجار بيتٍ بشرفة، ودوران مُدوّخ كدوران الثياب المتّسخة في غسّالة ضخمة، لكن صلاح باديس، كما أبطالهِ الذين يتبنّون جلّهم ضمير المتكلّم، يخرجُ من تلك الدائرة بتمرير تيارات هواء تُغيّر المُتوقَّع، فيُحيلنا على آراء ثورية وأفكار و مقولات نقدية تجعل لكلّ قصّة ذاكرتها و مآلها الخاص. سنلتقي في كتاب «هذه أمورٌ تحدث» بشابٍّ عمره يقارب ربع قرنٍ فقط، وهو عمر الكاتب الّذي لم يخف شغفه، باختراعاتٍ حياتية لم يَعِشْها، بل كان شفّافاً وحزيناً كغناء البحّارة، كخطى المشاة في جنازة عمر الزاهي، و هواجس صحفيٍّ عن مورفولوجيا المدينة المتغيّرة، والصّاحِبات الغريبات في شرفة ليلٍ طويل، و القطارات التي تغادر قبل الزلزال.
للإشارة، صلاح باديس، كاتب و مُترجم و صحفي، من مواليد مدينة الجزائر، عام 1994. صدر له في الشِّعر «ضجر البواخر» عن منشورات المتوسط 2016. و في الترجمة رواية «عن إخواننا الجرحى- جوزيفأندراس»، 2018. ورواية «كونغو- إريكفويار»، 2019. شارك ككاتب مقيم في برنامج IWP بجامعة آيوا سيتي (الولايات المتحدة) ، حيث أنهى كتابة هذه المجموعة القصصية.المؤلف صلاح باديس سيكون حاضراً في حفل إطلاق و توقيع كتابه «هذه أمورٌ تحدث»، في الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، سيلا 24، جناح منشورات المتوسط.
نـوّارة/ ل