الثقافة في وهران مؤجلة إلى غاية 2021
عرفت الحركية الثقافية في مدينة وهران، ركودا شبه كليا طيلة السنة الجارية، وذلك بعدما ضبطت عقارب الساعة الثقافية على تاريخ انطلاق الألعاب المتوسطية في 2020، حيث يجري العمل على برمجة رزنامة نشاطات وفعاليات تتماشى مع طبيعة الحدث وهو ما قلص عدد المواعيد الثقافية وأدى إلى إلغاء مهرجانات ومحطات قارة، وأعطى بالمقابل، طابعا ترويجيا لكل الفعاليات التي تم الإعلان عن تنظيمها مستقبلا، حيث ينتظر أن يصحوا الشارع الثقافي الوهراني بداية من السنة القادمة التي ستشهد نشاطات عديدة بالشراكة مع بلدان من ضفتي البحر الأبيض المتوسط، تحضيرا للحدث الأهم.
نحو إعادة مهرجان الراي لوهران
خلافا لـ 2019، ستعرف وهران خلال العام المقبل حركية ثقافية غير معهودة وفق للبرنامج الترويجي المسطر للألعاب المتوسطية ما سيخرج الولاية من "غفوتها" الثقافية الطويلة، وحسب الأصداء الأولية، فإن البرامج ستكون جاهزة قبل نهاية السنة لعرضها على الوزارات المعنية لدراستها والمصادقة عليها، تمهيدا لتفعيلها ميدانيا، بما في ذلك البرنامج الثقافي المرافق للألعاب الذي تشرف عليه الولاية، والذي يضم فعاليات نذكر منها على التوالي "أيام الفيلم المتوسطي" و"ربيع العود العربي" و"أيام المونودراما النسوي المغاربي"، كما تجري المفاوضات لكي تستعيد وهران مهرجان أغنية الراي الذي ولد وترعرع في مسرح حسني شقرون وتم نقله لسيدي بلعباس.
من جهة أخرى، فقد اجتمعت اللجنة الوزارية المشتركة "ثقافة – سياحة" لدراسة برنامجها المتعلق أساسا بالمسالك المندرجة ضمن اختصاصها أي الثقافية والسياحية التي من المنتظر أن يتعرف عليها ضيوف الباهية خلال عمر التظاهرة، أما النشاطات القارة والمتعلقة بالأعياد الوطنية والدينية والمناسباتية فكلها ستتوشح عباءة متوسطية.
"التقشف" خدم الشباب
مواعيد ثقافية عديدة غابت عن وهران هذه السنة، بسبب الضائقة المالية، منها تظاهرة "شموع لا تنطفئ" التي ألغيت رغم نجاح طبعاتها السابقة وذيوع صيتها وطنيا وحتى عربيا، بفضل مشاركة شعراء وأدباء من عديد الدول العربية، كما غاب للعام الثالث على التوالي نشاط "ملتقى الكتاب الأكاديمي" وكذا معرض وهران للكتاب الذي كان يجلب القراء من عدة مناطق من الوطن رغم ذلك، فقد ساهم انحصار الفعاليات ذات الطابع التنظيمي الرسمي، في ببروز طاقات ومواهب محلية شابة، منحت لهم الفرصة لتقديم أعمالهم وفق إستراتيجية ضبطتها مديرية الثقافة بالتنسيق مع الجمعيات والنوادي المحلية، وذلك بحسب ما أوضحه السيد نور الدين مخيسي رئيس مصلحة النشاطات والتظاهرات الثقافية بمديرية الثقافة بوهران، مشيرا، إلى أنه خلال 2019، تم العمل مع الجمعيات الثقافية والنوادي ودعمها لإبراز برامجها وكان الرهان على الفرق المسرحية الصاعدة، مثل "كواليس" التي أنجزت عملين مسرحيين صامتين "سيرك المهرجين" و" موزاييك" و جمعية "ملائكة الخشبة" التي قدمت عرضا فوق ركح علولة بعنوان "الخيش والخياشة" بمناسبة يوم الفنان في جوان الماضي، وهو العمل رافقه الموسيقيان "مصابيح هواري و شريقي عبد القادر" و توج بجائزة أحسن عرض متكامل في مهرجان مسرح الهواة.
أما في الفن السابع، فقد تم حسب المتحدث، الترخيص بالبدء في تصوير 15 سيناريو لأفلام قصيرة، مع توسيع دائرة تكوين للهواة من الشباب في عدة فنون ونشاطات ، فبعدما كان هذا الشق مقتصرا على مدرسة الفنون الجميلة ومعهد الموسيقى، تشرف اليوم عدة جمعيات على تقديم التكوين، منها جمعية الفن النشيط و جمعية الأمل في المسرح و جمعية بذور السلام وجمعية ميديا سينما في الفن السابع إلى جانب جمعية المواهب الشابة والأمل الشاب و جمعية الأفق الجميل وجمعية صحة سيدي الهواري، هذه الأخيرة التي تقدم عدة برامج تكوينية للشباب في مجالات الفن و ترميم و الآثار و المحافظة عليها، كما تقوم جمعيات أخرى أيضا بتكوين المواهب في مجالات متنوعة، ولم يغب عن وهران موعدها "القراءة في احتفال" ونشاطات نادي وحي المثقفين، الذي عمل على تنشيط الأمسيات الثقافية في الأدب والشعر والبيع بالتوقيع وغيرها.
وعلى صعيد آخر، حافظ مهرجان الأغنية الوهرانية على موعده هذا العام بتنظيم الطبعة 12، رغم ظروف التقشف وما انجر عنها من مشاكل.
الفن الرابع يحفظ ماء الوجه
حالة الركود الفني استثنت نوعا ما مسرح عبد القادر علولة، الذي استعاد جمهوره هذه السنة، بفضل نشاطه الكبير، الذي تقرر بموجبه اختياره لاستضافة "مهرجان الرقص" المنتظر تنظيمه العام المقبل، فقد عرف المسرح نشاطا مكثفا لعديد الفرق الهاوية وتميز بإبرامه لعدة اتفاقيات مع مسارح وطنية وحتى مراكز علمية منها مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية "كراسك" وجامعة وهران وحتى هيئات فنية أجنبية حيث أصبح ركح علولة يستقبل مبدعين أجانب سواء في المسرح أو الموسيقى والغناء وحتى في الأدب.
رئيس نقابة فناني المسرح والسينما محمد بلفاضل
مدينة تفتقر لمرافق تحتضن الثقافة
من جانبه، أكد محمد فاضل، رئيس نقابة فناني المسرحي والسينما أن أهم عقبة تقف أما الإبداع والنشاط الثقافي في وهران، هي غياب المرافق خاصة قاعات العرض في ظل تواصل الترميمات لقصر الثقافة المغلق منذ عدة سنوات حيث لا يوجد حاليا سوى المسرح الجهوي وبعض القاعات الصغيرة، رغم ذلك فإن النشاط لم ينقطع حسبه، بفضل عدة جمعيات وفرق مسرحية كان بإمكانها تقديم الأفضل في ظروف أحسن، ودعا محمد فاضل إلى ضرورة التنسيق بين مختلف الفاعلين في المجال الفني والثقافي لضمان ديمومة الحركية معبرا بالقول: "هناك عدة انتاجات خاصة في المسرح، ولكن انعدام الفضاءات للعرض يوحي بأن الفرق لا تنشط".
حديث عن إعادة النظر في تنظيم "فيوفا"
ويعد تأخر تنظيم مهرجان وهران إلى غاية الآن، من أهم مظاهر الركود الثقافي التي طبعت هذه السنة، خصوصا في ظل الحديث عن إمكانية تأجيله السنة المقبلة كذلك، وإعادة النظر في آلية تنظيمه ككل، بالرغم من أهميته الكبيرة، علما أنه قد أجل سنة 2015، لأسباب إدارية، فيما يسير مجددا نحو الإلغاء كون الاهتمام منصب بالإجمال في التحضير للموعد المتوسطي كما أن مؤشرات الطبعات الماضية لم تصب في فائدة الحدث الذي سيكون محافظه الجديد أحمد بن صبان أمام اختبار حقيقي في ظل تقليص الميزانية التي قدرت خلال الطبعة 11 بـ 4 ملايير سنتيم.
بن ودان خيرة