افتتح أول أمس، بمتحف سيرتا العمومي، معرض تشكيلي لإبداعات الفنان مراد عبد اللاوي، أين تم عرض أزيد من 40 لوحة وزعت بين قاعتين، أكبرهما قاعة العرض الرئيسية التي اكتظت عن آخرها، خلال أمسية فنية راقية بامتياز، طغت عليها الألوان و ميزها التناغم بين أحجام اللوحات التي حملت عناوين مختلفة، على غرار « متاهة» و «أوهام» و «معنى البعد» و «غموض» و «أنغام» و «سباحة» و «بهاء» و «الاحتكاك» و «تقاطيع» و «هواجس» و»عمق الضباب» و «سفر» و «اندهاش».
المعرض الموسوم «رحلة روحية»، سيستمر إلى غاية 27 مارس المقبل، و يندرج ضمن خانة الفن الحديث، مع لمسة من التجريد، و قد كان بالفعل رحلة في أغوار الذات الإنسانية و غوصا عميقا في خباياها، بحثا عن معاني الأشياء، كما أنه سفر عبر عديد المحطات التاريخية و الاجتماعية، التي يعكسها تصادم الألوان، فرغم تعدد المواضيع و اختلاف التصورات، إلا أن ريشة الفنان استقرت دائما على نقطة حمراء ميزت كل اللوحات، و كانت بمثابة قلب العمل و نقطة التقاء الهواجس والأحلام، فهي، كما عبر عنها التشكيلي « ذلك الإحساس الدفين الذي يميز الفرد عن غيره، أو هي ذلك الأنا الخفي الموجود في قرارة نفس كل واحد منا، و الذي لا يعرف عنه الآخرون الكثير».
و بالرغم من أن الألوان القاتمة طغت على ريشة مراد عبد اللاوي، إلا أن المشهد العام للمعرض كان الرقي و الأمل، بعيدا عن السوداوية و الدراما، فلغة الألوان تختلف، كما عبر الفنان للنصر، و العتمة لا تعني الحزن دائما، بل هي وجه من أوجه الواقع المعيش بمختلف محطاته و تجاربه و تناقضاته، فالألوان القاتمة هي وجه الحقيقة، كما قال، مشيرا إلى أن المعرض ما هو إلا رواية جميلة تحمل بين طياتها إشكاليات الحياة و التجارب الإنسانية المختلفة، حيث تجمع اللوحات، حسبه، بين التفاؤل و الواقعية و تستخرج الجمال من القبح و وتمنح للتاريخ حضورا كذلك، وكلها أغراض سخر لها مهارات فنية خاصة، روض من خلالها التقنية و اللون ليسمح للوحة بالتحرر من النمطية، وهو أمر يتجلى في استخدام بعض التقنيات غير المألوفة، كإضافة مواد ذات أبعاد، على غرار «الكرتون» بطريقة تمنح إحساسا بالبعد الآخر للعمل، و بالتالي تعطي للمتلقي القدرة على الشعور بمعنى اللون، بفضل التوزيع الجيد و التركيب المختلف.
هدى طابي