الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

الباحثة في التراث وأستاذة علم الآثار فايزة رياش للنصر

المتاحف في الجزائر عبارة عن مقابر لبقايا أثرية  
* الحجر أعاد بعث الكثير من الأطباق التقليدية
ترى محافظة التراث  السابقة لمتحف باردو و أستاذة علم الأثار بجامعة الجزائر فايزة رياش أن المتاحف في الجزائر عاجزة اليوم عن أداء  دورها كمعالم مهمتها  الحفاظ على التاريخ و التراث من خلال صونه و تقديمه كمادة علمية و ثقافية للجمهور الواسع ، حيث تحولت حسبها إلى مجرد فضاءات تضم عشرات الآثار  و التحف و المجلدات التي تفتقد للروح، بعدما هجرها الجمهور الذي يفتقر هو الآخر لثقافة الغوص و النبش في تاريخه.
و بخصوص مجال اهتمامها و بحثها في تاريخ المطبخ الجزائري فتقول فايزة رياش أن شح الكتابات و المصادر جعل العشرات بل المئات من الوصفات التقليدية غير معروفة  ، ماس أدى إلى    اندثارها ،  ليعيد الحجر المنزلي في ظل جائحة كورونا الكثير منها إلى الواجهة.
المتاحف  في بلادنا عاجزة عن الاستقطاب
/النصر: بداية لماذا اختارت فائزة رياش علم الآثار دون التخصصات الأخرى؟
فايزة رياش: ولعي بعلم الآثار  بدأ منذ نعومة أظافري ، حيث كنت أهتم حينها بالبحث عن تاريخ  منطقتي وهي الإمارة الأولى للفاطميين «إقجان»  (بني عزيز حاليا)، كان حلمي حينها أن تكون قبلة سياحية كموقع  جميلة  الأثري ، و كبر الحلم  يوما بعد يوم إلى أن تحصلت على شهادة البكالوريا و اخترت هذا المجال في الجامعة، والحمد لله اليوم أنا لا أدافع فقط عن مدينتي الصغيرة إنما على كل تراث الجزائري.
/ عملت طيلة سنوات كمحافظة للتراث في متحف باردو ، ما تقييمك لواقع المتاحف الجزائرية؟
 عدا متحف سيرتا في قسنطينة و  الذي يقدم اأفضل حسب رأيي ، و كذا بعض المتاحف التي تحاول تقديم  و تقريب ممتلكاتها الثقافية للجمهور حتى عبر فضاءات التواصل  الإجتماعي ، نجد متاحف أخرى أصبحت قبورا للبقايا أثرية، لذا يجب اليوم إعادة النظر في كيفية تسيير تراثنا الثقافي المادي و غير المادي .
/ ما تقولينه  انعكس سلبا على إقبال الجمهور ، كيف يمكن اليوم استعادة مكانة المتحف داخل المجتمع الجزائري
/ متاحفنا للأسف تشهد إقبالا ضعيفا للجمهور عدا الزيارات التي تقوم بها المدارس، و هذا راجع بالدرجة الأولى للغياب الكبير  للثقافة المتحفية  داخل المجتمع ، و حقيقة  ينقصنا الكثير  كي تكون المتاحف قبلة للزوار ،  و يجب إعادة النظر في الكثير من الأمور لجلب الجمهور للمتاحف منها إعادة  تهيئة قاعات العروض التي لم تتغير منذ سنوات، النصوص نجدها في أغلب المتاحف  بلغة واحدة،   وهناك انعداما لوسائل الجذب   كما هو معمول به في  المتاحف العالمية التي  تعتمد على التكنولوجيات الحديثة في طرق العرض،  كما لا تتوفر المتاحف  على  مساحات خاصة بالأطفال، و كذا النصوص المكتوبة بلغة البراي الموجهة لفئة المكفوفين و  وحتى الممرات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.
هناك شح كبير في الكتابات التي تهتم بتاريخ المطبخ الجزائري
/ تصبين جزءا من اهتماماتك اليوم في البحث عن تاريخ المطبخ الجزائري ، لماذا اخترت بالتحديد  هذا الجانب؟
الفضل في اختياري البحث في تاريخ المطبخ الجزائري يعود لمدير الاذاعة الثقافية الذي شجعني و طلب مني تقديم حصة تعنى بهذا المجال  ، في البداية لم يكن الأمر سهلا،  لكن مع مرور الوقت بدأت الفكرة تتبلور بشكل واضح  و تلقى نجاحا و صدى لدى المتتبعين .
/ هل كان من السهل البحث و الغوص في هذا المجال و هل المصادر و المعلومات متوفرة؟
 لا ،  في البداية كان  البحث عن تاريخ هذه الأطباق صعبا جدا، لأن جل المصادر باللاتينية و الاسبانية و تحتاج إلى وقت أطول للترجمة و كان ضيق الوقت أكبر عائق لتحضير الحصص الاذاعية و إثرائها في كل مرة بمعلومات غزيرة و صحيحة عن كل طبق ،    النبش في هذه المصادر قادني  لعناوين هامة لمصادر تاريخية أندلسية و رومانية تحدثت عن أطباق نوميدية مثل المؤرخ الروماني الشهير» أبيسيس  غافيس « الذي نقل لنا اسم الحريرة النوميدية و صلصة الغاروم التي كانت تصنع في هيبون بعنابة و  تيبازة، كما  اعتمدت أيضا على بعض الشهادات الحية .
/ هل نال المطبخ الجزائري حقه من الأبحاث و الكتابات ؟
في حقيقة الأمر المطبخ الجزائري  لم يؤخذ نصيبه من البحث ، مثل ما نراه في دول أخرى تعتمد على المطبخ التقليدي كصناعة سياحية، نرى بعض الكتب لكنها تبقى غير كافية ولا توفي المطبخ الجزائري حقه.
/توثقين لهذا العمل من خلال برنامج إذاعي ، هل فكرت في جمع هذه المادة العلمية في كتاب أو مجلد؟
 نعم ،  حاليا أقوم بتحضير كل المادة العلمية لنشرها على شكل كتاب يؤرشف لتاريخ الأطباق الجزائرية القديمة،استنادا على مراجع ومصادر تاريخية ، وهي خطوة هامة من حفظ جزء من تراثنا الثقافي غير المادي و هو المطبخ الجزائري.
/ هناك جدل كبير قائم حول الكثير من الأطباق في المغرب العربي و حقيقة إنتمائها ، مثلما حدث مع طبق الكسكسي ، ما رأيك في هذا ؟
 يجب أن نفهم أن الجزائر واحدة من دول المغرب الكبير، وقديما كانت منطقة لا تفصلها الحدود، هناك أمور كثيرة تجمعنا مع جيراننا في الشرق والغرب وحتى الجنوب، وحتى لو اختلفت التسميات تبقى الوصفات تتشابه و طبق الكسكسي مغاربي ، ربما ما يميزه في الجزائر هو وجود أنواع   كثيرة لها علاقة بالجانب التاريخي مثل كسكس البلوط و كسكس السمك و غيرها.
 هناك أسباب عديدة ساهمت وتساهم في اندثار تراثنا الثقافي غير المادي، ليس فقط الاطباق،  ففي الماضي البعيد فرنسا حاولت طمس هويتنا الجزائرية، والحمد لله أن الكثير من أريافنا وقرى جزائرية بقيت محافظة على هذا التراث ، مرورا بالعشرية السوداء التي ساهمت أيضا بشكل كبير في إختفاء العديد من عاداتنا وتقاليدنا، بعدها  كان الانفجار التكنولوجي و العصرنة  ما  ساهم  في بروز أشكال غذائية جديدة  مستوردة من الغرب ،  لكن  ما يلاحظ اليوم  أن هناك عمل جمعوي  لأجل إحياء هذا التراث، خاصة من خلال فضاء التواصل الاجتماعي .
الأواني تعد من رموز التكافل الإجتماعي قديما
 / هناك عودة للمطبخ التقليدي بعدما اندثرت الكثير من وصفاته ، خاصة مع فترة الحجر المنزلي ، في رايك ماهو السبب؟
 / الجزائري دائما يحن إلى تراثه وعاداته وتقاليده، نمط الحياة  تغير  بسبب ظروف عديدة ،  ما سمح  بإنتشار الأطباق السريعة، لكن خلال فترة الحجر الصحي ومع بقاء الكثير من الامهات والبنات في المنازل لاحظنا عودة لتحضير أطباق غابت طويلا على المائدة الجزائرية، فأي إمرأة عاملة يصعب عليها تحضير طبق الشخشوخة أو الرقاق ، خاصة ونحن نعلم أن جل أطباقنا تستغرق وقتا  عند  تحضيرها، و ما حدث هو  فرصة للترويج لهذه الأطباق التي كانت تحضر فقط في المناسبات الدينية والأفراح
/  تولين إهتماما بتاريخ الأواني التقليدية من خلال عملك حول المطبخ الجزائري لماذا؟
 الأواني هي جزء من المطبخ، لولاها لن نستطيع تحضير أي طبق ، ومع التطور السريع في نمط عيشنا  اختفى العديد منها، لعدم حاجتنا لها، ربما البعض منها مازال مستعملا في بعض المناطق الريفية وحتى الصحراوية لكنها اختفت في الكثير من المدن الكبرى، و لذا أنا أحاول في كل مرة أن أستعرض  تاريخ طبق معين لتذكير  و تعريف  المستمع ببعض الأواني القديمة مثل الأواني الفخارية والنحاسية، حيث تكمن خصوصيتها أنها ذات طابع محلي  ولها رمزيةـ  فالبعض منها كان مشتركا مع العديد من الجيران مثل طاجين النمرة الذي يطهى فوقه الفطير أو الرقاق ، كان يوجد في كل قرية واحد فقط   يتداول عليه الجميع ، وهو رمز للتكافل الإجتماعي.
أعمل على غرس ثقافة الدفاع عن التراث لدى الطلبة
/ من خلال عملك في الجانب الأكاديمي كأستاذة لمقياس علم الآثار ، كيف تسعين لغرس قيم حب هذا المجال لدى الطلبة؟
 عملت في البداية لمدة عشرة سنوات  في متحف باردو كمحافظة تراث ،  و اليوم أنا في جامعة الجزائر  وبالضبط كلية علوم الإعلام والاتصال كأستاذة لمقياس علم الآثار، حيث أحاول أن أغرس ثقافة الدفاع عن التراث لدى طلبة الإعلام تحديدا ، وانأ متأكدة أنهم يوما ما سيوظفون كلمتهم وقلمهم للدفاع عن تراثنا الجزائري، أشرف أيضا على جمعية وطنية للتراث «تراث جزايرنا» ، إلى جانب تقديم برامج إذاعية و تلفزيونية تهتم بكل ما هو تراث مادي  و لا مادي، كما أحضر  لمذكرة دكتوراه علوم في مجال ما قبل التاريخ ، و الحمد لله أقدم كل ما أستطيع من أجل الرقي بتراثنا الثقافي المادي وغير المادي.
هيبة عزيون

 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com