الموت يغيّب الشاعرة والكاتبة سليمى رحّال
توفيت أوّل أمس بأحد مستشفيات القاهرة، الشاعرة والكاتبة الجزائرية سليمى رحّال، عن عمر ناهز 51 عامًا، بعد صراع مع المرض.
اِبنة عين وسارة بمدينة الجلفة، من مواليد العام 1970، و تعتبر واحدة من أجمل الأصوات الشِّعرية في الجزائر، عاشت للشّعر و الكتابة، نشرت بعض نصوصها في الصحافة الوطنية و العربية، ومن بين دواوينها الشِّعرية المطبوعة "هذه المرّة"، الصادر في صيف 2000، عن منشورات الاِختلاف، و"البدء"، الصادر سنة 2009، عن منشورات جمعية البيت للثقافة و الفنون، تُرجمت بعض نصوصها إلى الفرنسية و الألمانية، وورد اسمها في بعض الأنطولوجيات الشّعرية الجزائرية و العربية.
اِشتغلت الراحلة في الإذاعة الجزائرية (القناة الأولى) و الدولية، كمذيعة و منتجة في المجال الثقافي من 1990 إلى غاية 1994. كما اِشتغلت مُراسلة صحفية لجريدة القدس العربي الصادرة بلندن، و عملت مُدرسة، لتُغادر بعدها الجزائر، نحو القاهرة، لتعيش وتقيم وتستقر هناك إلى غاية يوم وفاتها.
كانت الراحلة قليلة النشر، ويمكن القول إنّها تقريبا زاهدة فيه، كانت تعشق اللّغة والشّعر، وتكتب بحاسة شاعرية عالية، وبلغة منحوتة نحتاً من الموسيقى والفن والجمال والدهشة.
كانت تقتصد في القصائد بكثير من البهاء، فكلّ قصائدها قصيرة، إذ كانت لا تميل إلى التطويل، يكفيها من اللّغة بريقها ومن الحالة الشّعرية ألقها.
تمردت صاحبة "البدء" على القوالب الشّعرية الجاهزة وعلى اللّغة الجاهزة، والصورة الجاهزة، وخلقت نصها الّذي لا يشبه إلاّ سليمى رحّال في تمردها وعشقها و ولهها بالفن و المباهج و الحياة.
حياة قليلة عاشتها الشاعرة، لكنّها زاخرة بالمعنى وبالشغف، بالنصوص الكثيفة التي تغرفُ من جمال مختلف، الجمال الّذي ينبعُ و يُشعُ من روحها وجروحها.
كانت أوّل مجموعة شعرية صدرت لها هي "هذه المرة"، بعدها بسنوات أصدرت مجموعتها الشعرية الثانية "البدء"، التي ضمت نصوصها الأولى، ولم تكن متحمسة لنشرها. وقد أوضحت هذا في مستهل الديوان بِمَا يُشبه المقدمة التوضيحية، والتي جاءت تحت عنوان "وجب التوضيح"، ومِمّا ورد في نص التوضيح قولها "غررَ بي صديقي الشاعر أبو بكر زمال الشهير بــ(بوب) وها أنا أنشر مجموعة نصوصي الأولى التي كتبتها في فترة الجامعة من سنة 90 إلى 94 ونشرتها آنذاك في جرائد ومجلات جزائرية مختلفة وعربية، كالقدس العربي ومجلة الكاتبة، رغم هذا لم أتجرأ أبداً على نشرها ولا أقدر حتّى الآن أن أستشف السبب في دواخلي.. أحيانا أراها غير ناضجة بما يكفي، وأحيانا أرغب في أن تظل رهينة بيتي لا تغادره إلاّ للأحبة المقربين فقط، وأحجبها، كما يحجب الرجل المُتخلف زوجته حتى لا يراها غيره!!".
هذه النصوص. كما تقول سليمى في مقدمة التوضيح "كان لها حظٌ وافر من الحب والترحيب من أصدقائي، و بعض أساتذتي في الجامعة و القُرّاء الذين وصلني رأيهم بطريقة أو بأخرى، كما كرهها آخرون وكرهوني.
احتفى بها الروائي الدكتور واسيني الأعرج في (ديوان الحداثة) وعَرفتُ أنّه ترجم بعضها إلى الفرنسية، كما تَرجَمَ بعضها إلى الألمانية الأستاذ الأديب خالد المعالي في كتابين متتاليين.
للإشارة، جثمان الراحلة سيصل إلى الجزائر غداً الأحد، قادمًا من القاهرة عبر إسطنبول، ليُوارى ثرى مدينتها عين وسارة.
نـوّارة لـحـرش