الأعمال التي يقدمها المسرح للطفل ارتجالية
أكدت مساء أول أمس الكاتبة والإعلامية كنزة مباركي، بأن أغلب ما يقدم للطفل في مسارحنا، عبارة عن أعمال ارتجالية لا تخضع للدراسة و التعمق في مجالات كثيرة و مهمة في تربية الطفل و تثقيفه.
أثناء استضافتها في منتدى ليالي المسرح التي ينظمها المسرح الوطني الجزائري عبر قناته في يوتيوب، قدمت الكاتبة في مداخلة بعنوان « مسرح الطفل : المأمول والمنتظر»، أكدت من خلالها بأن معظم الأعمال المسرحية الموجهة للطفل لا تخرج عن النمطية والتسطيح و تحجيم الوعي في زوايا ضيقة، تقلل أفق التخيل والنقد لدى الطفل.
و أشارت إلى أنه يتم الاستلهام من التراث في ما يكتب ويقدم من عروض للأطفال، أو يتم الاعتماد على التراث، في شكل النقل المباشر دون تدقيق وتصفية وتكييف المضامين مع الفئة العمرية و طبيعة الطفل و روح العصر الذي يعيش فيه.
الكاتبة أوضحت بأن مسألة التراث والموروث الشعبي والثقافي الذي ننقله للأطفال مسألة حساسة جدا ونتعامل معها عن غير وعي بضرورة الاقتباس الجيد والتكييف و النقد لهذا التراث، فليس كل ما نجده ينقل للطفل، بل يجب مراعاة الفئات العمرية و معايير كثيرة في مسألة الاستلهام من التراث.
من جهة أخرى قالت مباركي، بأن غياب ثقافة مسرح الطفل و الوعي المسرحي لدى أطفالنا، سببهما فقر الوسط الذي يولدون فيه ثقافيا، سواء البيت الأسري أو والمدرسة، و بينهما الشارع الذي لا نشهد فيه مظاهر التنشيط الثقافي الذي يسحب فضول الطفل وانبهاره نحو فضاءات المسرح و الفنون والآداب.
و دعت المتحدثة إلى التفكير في حلول ترويجية وتسويقية للمنتجات الفنية والمسرحية الموجهة للأطفال بأساليب مبتكرة وجذابة وشيقة وممتعة، قائلة «لن تكون هناك فائدة ولا نصل إلى الهدف، ما لم يتم تهيئة ما نروج له من منتج مسرحي»، وفي نفس الوقت دعت إلى ضرورة وجود إرادة لتغيير الذهنيات التي تنظر إلى مسرح الطفل، من طرف بعض الممارسين و حتى الجمهور و المجتمع.
وفي نفس السياق أكدت الكاتبة والإعلامية كنزة مباركي، بأن مسرح الطفل ليس العبث الذي نجده هنا وهناك، و ليس التهريج المسطح، و أشارت إلى أن فن التهريج له أصوله، وهو فن محترم وله قواعده، بينما ينظر الكثيرون إلى هذا الفن بالشكل الخطأ، و بالتالي تكون، حسبها، الآثار سلبية ويشوهون هذا الفن ومسرح الطفل و ثقافته، و بالتالي يتوجب علينا التفكير في تطوير مسرح الطفل بما يتلاءم و طبيعة العصر الذي نعيش فيه، و « تحضير المستقبل لا يتم بالشكل التقليدي الذي لا نزال نتمسك به تفكيرا واتجاها»، كما قالت.
الكاتبة مباركي شددت بأن جلب مستثمرين خواص إلى المسرح، أصبح أكثر من ضروري اليوم، وإن كان هناك توجس من «تسليع» المنتج الثقافي، وهذا التوجس والخوف، حسبها، مشروع، لكن بإمكاننا أن نحقق الاقتصاد الثقافي و دعم رجال المال و الأعمال لمسرح الطفل الذي سيكون صانع المستقبل.
و تعترف الكاتبة كنزة مباركي بالإخفاق في منح مسرح الطفل و ثقافة الطفل و أدب الطفل اهتماما و دعما لمجال حيوي واستراتيجي، ضمن خططنا الثقافية و التربوية، بما يحتاجه الطفل من حقوق ثقافية، و تحدثت مباركي عن اتفاقيات مبرمة بين وزراتي الثقافة و التربية تتعلق بمسرح الطفل.
و أوضحت المتحدثة أن هذه الاتفاقيات تحتاج لتخرج من مرحلة وقف التنفيذ التي دخلتها لأسباب كثيرة، لتنفذ، خاصة تلك التي تهتم بالمسرح المدرسي و تذهب إلى تمكين المسرح داخل المدرسة، في حين واقع الحال يشير إلى غياب وعي بمسرح الطفل و المسرح المدرسي، إلى جانب المشاكل التي تعيق المشروع من الأساس، منها تحجر الذهنيات و اصطدام المعلمين بالأساس ببيروقراطية المديرين الذين لا يهتمون بهذا الموضوع.
و أكدت بأن هذا المشروع عرقله أشخاص يجهلون أهمية المسرح المدرسي في معالجة مشكلات كثيرة في الوسط التربوي و المجتمع، و دوره في تطوير شخصية الطفل وبنائها وتهيئتها للخوض في الحياة و المجتمع.
نورالدين ع