الاثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

«مديحُ الاِختلاف: دراسات في فلسفة الكتابة وسياسات الهوية»

كتاب جديد للباحث محمد بكاي
صدر منذ أيّام للباحث و الأكاديمي الدكتور محمّد بكاي، كتاب جديد عنوانه «مديح الاِختلاف: دراسات في فلسفة الكتابة وسياسات الهُويّة»، عن منشورات ابن النديم للنشر والتوزيع ودار الروافد الثقافية/ناشرون.

وتواكب صفحات هذا الكتاب دلالة الاختلاف، التي لوّنت الخريطة الفكرية ما بعد البنيوية، في طروحاتها الجسورة وأساليبها الـمتمنّعة و لغتها الـملتبسة وصورها الـمجازية وتأويلاتها التي يتعذّر غلق فوهاتها. إنه ضرب من الكتابة التي تنتهك قداسة النّسق لتقترف إثـما، وهو إثم الكتابة بانزياح وعدول عن هذه الإيعازات الهيكلية العنيفة، لتمثل هذه الفصول مديحا للاختلاف و تقديسا للحرية و الانخراط في الإنسانية، و انتهاكا لكلّ تنـميط صنميّ للعقل.
كما تلتحم دراسات الكِتاب -على الرغم من تناثرها وتبعثرها- تفكيكا للضّيق الذي سلّط على رقبة الكتابة الأدبية أو القيد الذي فرض على تشكّل الهوية، فهي دراسات تشريحية و تأويلية مضنية، بغية إعادة قراءة الخطابات الفلسفية والأدبية، و الخوض في تأويل احتمالاتها، كما يليق بمشهد الكتابة ما بعد الحداثية.
ويستهدي الباحث من خلال هذه الصّفحات بتصوّرات جاك دريدا ولوس إريغاراي وجوليا كريستيفا وهيلين سكسو وموريس بلانشو وآنيك دي سوزونال، للكشف عن مبدأ ما فوق اللغة، أو ما وراء المعنى، عبر تحسّس جسد الاِختلاف الـمتشعّب الذي يلفّنا.
كما تدفعنا فصول الكتاب للغور في جوف الإشكال الذي يتوجّه إلى تيمات الكتابة والهوية والتفكيك، وتتوسّع فصوله في طرح القضايا التي تقوى على استنبات الأسئلة واستنكار التقييدات التي طوّقتها وضاعفت عقدها تـمثّلاتُ الواقع ومفاهيمه الزّائفة.
فصولٌ رهانها الأول هو المساءلة – كما يقول الباحث بكاي- للدنو من رهانات السؤال العديدة و الإفصاح عن الخبيء داخل النص و الـمعرفة، و فتح مسالك جديدة تورّط القارئ في إزالة الغبش الذي يحجب عنه الرّؤية.
ومن جهة أخرى، تنفلت فصول هذا الكتاب من قبضة الأحادية التي تخضع لها أساطير اللغة و منطق المعنى الشّكلي، فتقيّده بسلاسل الحتمية و تتغافل عن التكتيكات التي تسري تحت الطيات؛ حيث يجثم اللامعنى الذي يستعيد معناه بعد النهاية و يتجرّد من كل إمكان تحديدي، كما ارتضته له الثقافات الشمولية والإيديولوجية والتيارات النسقية.
وتتساءل نقاشات هذا العمل بحدة عن قوانين الخطاب و شرائع المؤسّسات و أقاليم العقل، لتستعيد مواطن الهويات المنفلتة والهوامش المقصية و اللامفكر فيه داخل الدوائر التي ضيّقتها المسلمات و الأولويات.
في هذا الكتاب ينتصر «مديح الاختلاف» لخطاب تابع و مؤجّل ويضفي على العمى تجارب قرائية جديدة تضع خطاب الحقيقة على المحك دائما، ليُراهن هذا العمل على خلخلة ما يسمّى بالجوهر الفلسفي الذي يمتزج بالمنطق الهيغيلي. كِتاب يُراقص أشباح العقلانية بأساليب تهزّ أركان النظرية التقليدية للأدب والفلسفة وتثبط مساراتها المعرفية بجرأة السؤال وفضح الزيف الذي يتوارى خلف سطورها. كما يفيض بإشارات طارئة، تباغت لغة الأنساق الواثقة من أقانيمها، كما يلحّ على تجربة الكتابة الجديدة التي انبعثت من الحلقات الجديدة لفينومينولوجيا اللغة ودلالات الحياديّ وعتمة النصوص، كما نظّرت لها أدبيات ما بعد الحداثة، فعبر طيّات الكتاب يستحضر الباحث أعمال موريس بلانشو النقدية الغامضة والفذّة، التي أثرت منطق التجريب السردي والفلسفي بخلقها الجديد من حيث الأخيلة واللغة والاستعارات. و يستبصر مفاهيم التفكيك التي خلفت طنينا في المشهد الفلسفي المعاصر، فيستدرج بعض مقولاته حول البقاء و الكتابة و الأثر و التشظي وعلاقة التفكيك بفلسفة اللغة ضمن رؤية منفتحة على الخطابات العصية التي امتهنها دريدا وأجاد فيها.يستنكر الكتاب مشاهد إملاءات التحديد التثبيتي للتصوّرات الاجتماعية و الثقافية التي تضبط سمات الهوية، متعرّضا لأساليب الخنق التي تمارَس عليها. من خلال طرح قضايا جدلية حول الأنثوي و الإيروسية أو مسائل خلافية تصطدم بالتأويلات و الاشتغالات الدينية، و يواكب بشكل حذر أو بتحليل يقظ إعلاء قيم التحرر الفكري و النقدي الذي نحن بحاجة ماسّة إليه أكثر من أي وقت مضى، و هو التحرّر من الكبت الذي يصيب العقول والنفوس بالتحجر و التصلب و يشلّ الإرادات عن مواصلة رحلة البحث والتقصي والحفر والاجتهاد العقلي. و يكسر أيضا  هذا الكتاب الـمركّب، نـمطية اللغة و يقهر ثرثرات الاِختزال و يُبدّد قساوة الإقصاء، يخرّب بطريقة سلسة فكرة التماثل و التطابق التي يطفح بها المعنى الواحد داخل السَّرديات الشمولية.
يسعى لتذوّق فنّ التعدد و مـمارسته، كشفا عن صنو الأنا الذي ينحبس بداخلها. بالاعتماد على أشكال الاختلاف التي تسري داخل الطبقات الثقافية الـمتنوعة وربطها بالهموم الـمعاصرة مثل الـميديائية و العوالم الافتراضية وتأثيرها على مشاهد الثقافة.
و نتيجة لهذا الوضع الحسّاس والفقد الـمتضخّم، تتنزل عليه كتابة الاختلاف لإشباع ذلك الحرمان الفكري، و تشقّ طريقها صوب اللاّمفكر فيه، حيث تختلس اللغة وراء أقنعتها و أساليبها دفاعا عن التنوع و التعدد و انتصارا للإنسانية.   نوّارة لحــرش

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com