أساتذة يحذرون من العزوف عن القراءة لدى الطلبة والمتعلمين بقسنطينة
أكد أمس، مشاركون في ملتقى دولي هجين حول التعليم والتعلم في السياقات متعددة الثقافات واللغات بجامعة الإخوة منتوري بقسنطينة، على المخاطر التي تهدد العملية التعليمية بسبب العزوف عن القراءة لدى الطلبة والمتعلمين، فضلا عن «الكسل» المعرفي الناجم عن الرقميات، في حين كرم منظمو الحدث ثلاثة من رواد قسم اللغة الفرنسية في الجامعة بعد مغادرتهم للتقاعد.
سامــــــــــــــي .ح
وأفادت البروفيسور نجمة شراد، المشاركة في ترأس الملتقى، أنه يتطرق إلى القراءة والأبعاد الثقافية لتعليم وتعلم القراءة، فضلا عن فهم النصوص الأدبية والصحفية، حيث شاركت فيه 24 جامعة جزائرية و6 جامعات أجنبية، بمجموع 72 محاضرا. وأضافت المتحدثة أن الملتقى يهتم بإشكاليات متعددة حول القراءة، سواء من ناحية تعلم اللغات، الذي ينطوي على العديد من النصوص الأدبية كدعائم في العملية التعليمية، فضلا عن إشكالية النص الأدبي في حد ذاته، من حيث قراءته وتلقيه وجمالياته، إلى جانب البعد الثقافي لهذه النصوص التي تشجع على الحوار والنقاش واكتشاف الآخر. وشمل افتتاح الملتقى تكريم الأساتذة ياسمينة شراد وياسين دراجي وفريد بيطاط، الذين اتجهوا إلى التقاعد مع بداية السنة الجارية بعد مسيرة مهنية دامت خمسين عاما. وقد أوضحت محدثتنا أن المكرمين الثلاثة يعتبرون من رواد قسم اللغة الفرنسية ومؤسسي مخبر علوم اللغة وتحليل الخطاب والتعليمية المنظم للملتقى، الذي يعتبر النشاط الأخير للمخبر خلال 2022. وأضافت البروفيسور شراد أن الملتقى سيمس أيضا موضوع التعددية اللغوية، لذلك سيتضمن مداخلات باللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والعربية. وبخصوص مشكلة القراءة، قالت البروفيسور شراد أنه يلاحظ عزوف متصاعد في ممارسة القراءة بين المتعلمين سواء من الطلبة الجامعيين أو التلاميذ، مشيرة إلى أن مبررات عدم القراءة لديهم تتمثل في طول النصوص والملل منها وقلة الاهتمام بمواضيعها، فضلا عن التوجه إلى الاقتباسات السينمائية للنصوص الأدبية عوضا عن قراءتها، مثلما يلمسه الأساتذة في تعاملهم مع الطلبة.
ونبهت نفس المصدر أن هناك خوف اليوم من فقدان عادة القراءة لدى الطلبة، في حين أوضحت أن الملتقى يستهدف أيضا إعادة التفكير في المقررات، من خلال دراسة اقتراح نصوص جديدة من شأنها أن تجذب اهتمام المتعلمين، بينما أشارت إلى أن نقص القراءة يلاحظ لدى المتعلمين من خلال ضعف الثقافة العامة، رغم أهميتها، لذلك يفتقر مفتقدوها للمرجعيات في كثير من المجالات، على غرار التاريخ، كما أشارت إلى أن الرهان ينبغي أن يكون على ثنائية القراءة من أجل الكتابة بشكل أفضل، حيث أوضحت أن قراءة النصوص التي يحررها الطلبة تكشف ضعف القراءة من خلال قصر الجمل وغياب تقنيات الربط في الفقرات وغيرها.
وشرحت محدثتنا أن المتعلمين يركزون قراءاتهم على تخصصاتهم فقط، كما يطلبون في الغالب الحصول على الملخصات، بينما أشارت إلى أن التحدي اليوم يتمثل في جعل القراءة في قلب العملية التعليمية. من جهة أخرى، ذكرت الدكتورة مريم بوغاشيش، أن أشغال الملتقى ستتطرق للعملية التعليمية في مختلف الأطوار بداية من الطور الابتدائي إلى غاية الجامعة، فضلا عن المخاطر التي تهدد ممارسة القراءة، موضحة أن المشكلة تكمن في الفضاء الرقمي الذي أصبح نوعا من “الكسل” بالنسبة للطلبة الذين صاروا لا يبذلون جهدا في البحث من أجل تحليل النصوص التي تقدم لهم كواجبات، بحيث يكتفون بنسخ ولصق ما يجدونه حولها من الانترنيت، في حين اختفت العادات القديمة في البحث.
وأضافت محدثتنا أن الانترنيت وسيلة إيجابية في الوصول إلى المعلومة وفي توفرها، لكن ينبغي أن تستغل من طرف الطلبة بصورة إيجابية عوضا عن ممارسة “البلاجيا»، مثلما قالت. وحضر افتتاح الملتقى مدير الوكالة الموضوعاتية للبحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية، الدكتور يوسف عيبش، حيث صرح لنا أن مقر الوكالة قد تحول إلى ولاية قسنطينة، مشيرا إلى أنها تشرف في الوقت الحالي على 684 مخبرا جامعيا على المستوى الوطني، في حين اعتبر أن الواقع يواجه بعض الصعوبات، على غرار نقص التنسيق، مؤكدا أن الوكالة تسعى إلى خلق ديناميكية جديدة، كما أضاف أن الوكالة ستطلق مشروعا وطنيا للبحث بعنوان “الحوكمة العمومية والتنمية البشرية” فضلا عن فتح الشبكات الموضوعاتية التي تعمل على جمع الباحثين بحسب تخصصاتهم حتى لا ينصب عملهم في جغرافية محدودة، وإنما يتجهون إلى مستوى أوسع.
وفي رده على سؤالنا حول تقييم المخرج العلمي لمجال العلوم الإنسانية، أوضح مدير الوكالة أن إصدار تقييم شامل يتطلب تحليل موقع التكوين والبحث في الجامعة قبل كل شيء، من خلال طرح المعطيات حول ما إن كانت جامعاتنا مطالبة بالتكوين فقط أم البحث أيضا، فضلا عن السؤال حول إن كان التكوين المتوفر مؤهِّلا لعينةٍ من المتخرجين لكي يصبحوا باحثين، أم أنه يلبي الطلب الاجتماعي فقط. وأكد نفس المصدر أن المادة البحثية الخام متوفرة، فضلا عن وجود عينات فردية متميزة من الباحثين، بينما يحتاج التنظيم إلى مزيد من الصقل والاجتهاد. ورغم ذلك، فقد اعتبر نفس المصدر أن عملا كبيرا يُبذل في مجال البحث انطلاقا من عدد المقالات المنشورة والمجلات المتوفرة ورسائل الدكتوراه.
ويذكر أن الملتقى الدولي سيستمر إلى غاية اليوم، حيث يتضمن مشاركات حضورية من طرف باحثين من الجامعة، بالإضافة إلى مشاركات عبر تقنية التحاضر المرئي من داخل الوطن ومن جامعات أجنبية في لبنان وكندا وفرنسا وإيطاليا.