باحثون و مؤرخون يتباحثون سر نقص الدراسات الجامعية بخصوص العهد العثماني
أكد باحثون و مؤرخون أمس بقسنطينة نقص الأبحاث بخصوص العهد العثماني بالجامعات الجزائرية، مشيرين إلى صعوبة الاطلاع على الأرشيف العثماني بالجزائر الذي عانى الإهمال لعهود، كما تحدثوا عن ضياع الكثير منه خلال عمليات نقله من مكان إلى آخر، قرابة عشر مرات متتالية، مما اضطر الباحثين الجزائريين للاعتماد على أرشيف دول الجوار و الدول الأجنبية و حتى العربية، فيما تطرّق آخرون إلى أهم الأسباب الموضوعية لتأخر الدراسات حول الفترة العثمانية بالجامعة الجزائرية.
الدكتور ودان بوغفالة من جامعة معسكر و في محاضرته الموسومة «اهتمام الجامعة الجزائرية بالتاريخ العثماني: حوصلة أولية و قراءة عامة في رسائل الماجستير و أطاريح الدكتوراه من خلال البوابة الوطنية للإشعار عن الأطروحات PNST “التي قدمها في الملتقى الدولي “العهد العثماني في الدراسات العربية المعاصرة”الذي تحتضن فعالياته جامعة قسنطينة 2عبد الحميد مهري إلى غاية السادس من الشهر الجاري، أوضح بأن أكثر الأبحاث التي شملت هذا العهد، كانت لها علاقة بالآثار بنسبة 49بالمائة، متبوعة بالدراسات التاريخية بنسبة 44بالمائة فيما لم تتجاوز اللغة و الآداب الواحد بالمائة، أما الألقاب التي شكلت هي الأخرى اهتمام بعض الباحثين فكانت في حدود 53بالمائة من الدراسات الخاصة بلقب الدايات و 25بالمائة بخصوص الباي و 3بالمائة فقط بالنسبة للباشوات.
الأستاذ المحاضر بيّن أيضا من خلال رسم بياني، تباين عدد الأبحاث المنجزة في هذا المجال من سنة غلى أخرى حيث ارتفع العدد في 2012 ثم ارتفع قليلا في 2013 و تراجع بشكل ملحوظ في السنة الجارية، متطرقا إلى جانب آخر من المحاور الأكثر استقطابا لاهتمام الباحثين كالأوقاف التي تجاوزت نسبة الدراسات حولها الـ55بالمائة و كذا سجلات المحاكم الشرعية بـ27بالمائة و كذا التواجد اليهودي بالجزائر في العهد العثماني و الذي شملته قرابة 5بالمائة من الأبحاث. أما حصة مدينة قسنطينة في العهد العثماني ضمن الأبحاث الجامعية فتراوحت بين 2بالمائة و 59بالمائة حسب المحاور المدروسة باللغة العربية في حين باللغة الفرنسية فجاء ذكرها بحوالي 30بالمائة من الأبحاث التي تم عرضها بتلك البوابة الالكترونية. و من جهته انتقد رئيس الجلسة العلمية الأولى الأستاذ ناصر الدين سعيدوني غياب النوعية في الأطروحات و الأبحاث المجسدة في هذا الباب و حث على تشجيع النوعية بدل الحديث عن الكم، مشيرا إلى أسباب عزوف الباحثين عن الاهتمام بهذه الفترة من تاريخ الجزائر، متحدثا عن عوامل اعتبرها أساسية، منها انقسام المهتمين بين قوميين منغلقين و غربيين معادين للعثمانية و موالين سلبيين، داعيا إلى ضرورة فرض الباحثين و المؤرخين الموضوعيين و الجادين كلمتهم في الحفاظ على هذه الحقبات التاريخية كميراث مهم، يستدعي تطهيره و إبعاده عن الايديولوجيات البليدة التي لا تخدم التاريخ و المؤرخ المطالب بمواصلة طرح الأسئلة و الإشكاليات بما فيها إشكالية الأرشيف التي تحدث بإسهاب عما تعرّض له من إهمال و ضياع في السنوات الماضية جرّاء نقله من مكان إلى آخر قرابة عشر مرات على حد تعبيره. من جهتها تطرّقت الباحثة التونسية فاطمة بن سليمان/مخبر دراسات مغاربية بجامعة تونس/ عن الإمبراطورية العثمانية في الاستغرافيا التونسية بين القرن السابع عشر و أواخر القرن العشرين، متطرّقة إلى أهم التحولات المنهجية و المعرفية و مساهمتها في تغيير النظرة إلى التاريخ العثماني و دوره في التاريخ العالمي. أما الباحثة السعودية سلطانة الرويلي التي اختارت الأردن كنموذج في مجال الدراسات العثمانية و الاعتناء بها، فقد عددّت الإمكانيات المسخرة في مجال البحث في هذا المجال و توفير المراجع التاريخية بعكس الكثير من الدول المجاورة، مشيرة إلى عدم تعاون الأقطار العربية التي تشترك في هذه المادة التاريخية و تفضيل البعض للتأريخ المحلي.
كما أكد المشاركون في اليوم الأول من الملتقى بأن الإطلاع على الأرشيف العثماني مرهون بتعلم اللغة العثمانية. رئيسة اللجنة العلمية للملتقى الدكتورة فاطمة الزهراء قشي، من جهتها ذكرت بأن الدراسات عن العهد العثماني متفاوتة من جامعة إلى أخرى و من بلد على آخر، مؤكدة قلة الاهتمام و التشجيع البحوث في هذا الصدد، بدء بتوفير الأرشيف و التكوين المتخصص و كذا تعليم اللغة التركية بشكل خاص أو اللغة الانجليزية باعتبار جل الأبحاث التي حققها الباحثون الأتراك و الأجانب نشرت باللغة الانجليزية. للإشارة يشارك في الملتقى باحثون من مختلف دول العالم منها ألمانيا، تونس، المغرب و المملكة العربية السعودية و كذا من مختلف الجامعات الجزائرية.
مريم/ب