دعوة إلى إدماج العلوم الإنسانية والاجتماعية في العمليات التنموية
دعا أمس، أكاديميون خلال ملتقى وطني بجامعة قسنطينة 2 عبد الحميد مهري، إلى تأسيس أكاديمية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، وإعادة الاعتبار لها بإدماجها في العمليات التنموية، لما للمجال من أهمية غير مدركة في تحقيق المعرفة والنهوض بالتنمية البشرية المستدامة، بالإضافة إلى التكامل المعرفي بينها وبين العلوم التطبيقية، فضلا عن ضرورة الانفتاح على مختلف التخصصات والتفكير في تطبيقية الفكر المقاولاتي في هذا الميدان.
ودعا أستاذ التاريخ ناصر الدين سعيدوني، بمناسبة الملتقى الوطني الذي احتضنته كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قسنطينة 2 حول «العلوم الإنسانية والاجتماعية واستراتيجيات تحقيق تنمية بشرية مستدامة في الجزائر»، إلى تأسيس أكاديمية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مؤكدا أنّ هذا نابع من الضرورة والحاجة إلى تجميع الطاقات العلمية الخلاقة في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية واستكمالها للجانب المتمثل في العلوم التطبيقية والدقيقة.
واعتبرها سعيدوني مثلما أضاف حلا للنقائص المسجّلة في المجال، كما تمنح التكامل المعرفي في الجزائر بين جانبيه الاجتماعي والعلمي، فضلا عن الخروج من فكرة التفاضلية على حدّ تعبيره، موضّحا أنّه من الخطأ إعطاء الأسبقية للرياضيات كعلوم دقيقة على حساب العلوم الاجتماعية، الناتجة عن اعتبارات متوارثة يقول البروفيسور سعيدوني، أدّت إلى جمود وارتخاء في الفكر ضمن المجال.
واعتبر ذات المتحدّث أنّ الجامعة هي محرّك المجتمع ومصنع التقدّم، لافتا أنّ المجال العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية يعدّ الأساس ضمن المجتمع، باعتباره صانعا للذين يضعون البرنامج فيه، وأيضا لأنّها علوم خلاقة للمعرفة، في حين أنّ العلوم الدقيقة والطبيعية رغم أهميتها هي إنتاج لتنمية المجتمع.
وقال البروفيسور في علم المكتبات بجامعة عبد الحميد مهري والمهتم بتطبيقات التكنولوجيا في علوم الإنسانية والاجتماعية كمال بطوش، إنّ الحديث عن الفكر المقاولاتي في شتى التخصصات في الجزائر، يحيل للحديث عن توجيهات عليا للسلطات بالأخص رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي ركّز خلال اختتام الأسبوع العالمي للمقاولاتية على إرساء فكر مقاولاتي وخلق الثروة واستحداث وزارة اقتصاد المعرفة شكل من أشكال الاهتمام بهذا الفكر، القائم على الإبداع والابتكار والمشاريع الأصيلة في مختلف المجالات، عبر معرفة احتياجات المجتمع وإيجاد الحلول لها.
ودعا بطوش إلى التفكير في كيفية تطبيقية العلوم الإنسانية والاجتماعية، من خلال تحويلها إلى مجال تطبيقي يساهم في إيجاد الحلول ويسمح للمختص في المجال من وضع بصمته، والخروج من الفكر الانغلاقي على حدّ وصفه الذي يربطها بالنّظري، موضّحا فكرته بإمكانية المختص في علم الآثار أن يبتكر منصة رقمية وطنية، تضم مختلف المواقع الأثرية في الجزائر وتسمح بزيارتها افتراضيا ويروّج من خلالها للسياحة ويقدّم كذلك معلومات تاريخية أثرية.
وأضاف ذات المتحدّث في نفس السياق، أنّه يجب التفكير بمنطق إبداعي ابتكاري بشأن خلق مواضيع جديدة تساهم في إيجاد الحلول، والذي تجسّده التكنولوجيات الناشئة، ما من شأنه أن يضمن استمرارية العلوم الإنسانية والاجتماعية التي تحظى بمكانة مرموقة داخل المجتمع، بالإضافة إلى التكامل بين هذا المجال والتخصصات الأخرى عن طريق الاتصال العلمي وفي إطار فكر مقاولاتي.
وحول الملتقى قال رئيسه البروفيسور جمال حمود، إنه جاء نتيجة تفكير عميق حول واقع العلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعة من عدة نواحي ودورها في تحقيق التنمية، في ظل ما يعرف بمجتمع المعرفة وهيمنة الفكر الحسابي، وهو بحث عن الأسباب التي أدّت إلى هذا الواقع وكيفية تجاوزه، خدمة للجامعة وتحقيق تنمية بشرية مستدامة.
وأفاد المتحدّث أنّ التفكير الذي يعتبر العلوم الإنسانية والاجتماعية من الدرجة الثانية، موجود لدى أهل القطاع والإداريين الذين يحصرون العلم في التجريب والتكنولوجيا، غير أنّ قوة العلوم الإنسانية والاجتماعية مستمدّة من كون أنّه لا تنمية دون رأس مال بشري، باعتباره أس كل عملية تنموية، ومن هذا المنطلق، فالعلوم التي تدرس الإنسان في مختلف جوانبه لابد أن يُعاد لها الاعتبار وإدماجها في العملية التنموية.
ولفت المتحدّث أنّ الإدراك لمخاطر التكنولوجيا، أدى إلى ظهور محاولات لأنسنة التكنولوجيا بشكل شامل، عبر تكييف المنتج مع متطلبات وما يعيشه الإنسان على اعتبار أنّ التكنولوجية من تُكيّف لا العكس، خدمة للإنسان، وهذا تحقّقه العلوم الإنسانية والاجتماعية لكن بشرط تغيّرها وانفتاحها على الحضارات.
إسلام. ق