الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

التجربة انطلقت من دار الثقافة مبارك الميلي

فنانون عصاميون ينشئون ورشة لصناعة أفلام متحركة

يخوض أعضاء ورشة إنتاج الأفلام المتحركة التابعة لدار الثقافة مبارك الميلي بولاية ميلة، تجربة مميزة في مجال الرسم الرقمي وتحريك الصور، حيث تمكنوا تحت إشراف المخرج عنتر دعدوش، من إنتاج فيلمين قصيرين في وقت وجيز، فضلا عن المشاركة في مهرجانات دولية وافتكاك جائزة أحسن فيلم عن عملهم «تجارة» في مهرجان سينمائي دولي بتونس.

تهدف الورشة حسب المخرج، من خلال عملها على مشروع صناعة الأفلام المتحركة، إلى وضع قاعدة لإنتاج وتطوير إنتاج بتوقيع جزائري شكلا ومضمونا، خصوصا ما تعلق بطرح أفكار ومواضيع مقتبسة من الثقافة الجزائرية، عبر الاستثمار في قدرات ومواهب شباب مبدع في مجالات عديدة منها الرسم الرقمي وتحريك الصور، فضلا عن التعليق الصوتي وكتابة السيناريو.
إنتاج أفلام تربوية بروح جزائرية

انطلق نشاط الورشة منذ سنتين، عندما اقترح مسيرها ومدرب الرسم الرقمي عنتر دعدوش، الفكرة على مدير دار الثقافة، الذي رحب بها وشجعه على المُضي في إخراج المبادرة إلى النور، فقام بتشكيل فريق من الفنانين التشكيليين والمواهب المحلية، و وضعوا كل طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية في خدمة المشروع، فاستطاعوا في وقت وجيز إنتاج فيلمين قصيرين، أبرزهما «تجارة»، الذي تقدر مدته الزمنية بعشر دقائق، وهو عمل «صامت» يتناول ظاهرة عمالة الأطفال واستغلالهم في  ممارسات شاقة و حرمانهم من حقوقهم، وقد سجل مشاركته في منتدى القاهرة لأفلام الكرتون، ومهرجان تونس لسينما حقوق الإنسان، و تُوج بجائزة أحسن فيلم متحرك.
أما العمل الثاني، فحمل عنوان «رسائل اللقلق»، و قد استطاع أن يمر إلى المرحلة النهائية في تصفيات مهرجان النْعامة السنيمائي، الذي سينطلق خلال الأشهر القليلة القادمة.ويرى المسؤول عن الورشة بأن الأفلام المتحركة أصبحت تحوز على اهتمام جماهير كبيرة ومتنوعة من جميع الأعمار، وذلك لقدرتها على المزج بين الألوان والأشكال وبناء رسائل يمكن إيصالها بشكل مبسط، وسهل للفهم، وأعقب بالقول بأنها تملك القدرة على توضيح المشاعر وإبراز التفاعلات المختلفة مع المواضيع، مما يساعد على تعزيز التأثير العاطفي للرسالة.
لذلك يحاولون استغلال هذا النوع الفني في إنتاج أعمال تحمل رسائل عميقة مشبعة بأفكار ومبادئ إسلامية عربية، فضلا عن الاقتباس من الثقافة الجزائرية والتاريخ لغرس قيم نبيلة مثل التسامح وحب الخير للآخرين، وأضاف دعدوش بأنهم كفريق يركزون أيضا على خلق اهتمامات جديدة لدى الأطفال مثل المحافظة على الطبيعة والعناية بها، فضلا عن تشجيع السياحة الوطنية والمحلية، وقال بأنهم يختارون إطارا مكانيا وتاريخيا للأحداث مستوحى من البيئة الجزائرية.
 التركيز على جودة العمل تقنيا وفنيا
محدثنا المختص في مجال الرسم الرقمي، أوضح بأنه كان مهتما ويطمح منذ الصغر لتأسيس فريق للعمل في مجال صناعة الأفلام المتحركة وتخريج أفكار فنية مبدعة، لكنه لم يقابل كفاءات في المجال إلى غاية إطلاقه للورشة، إذ يضم الفريق حاليا ثمانية أفراد، من فنانين تشكيليين ومواهب في تخصصات مختلفة، على غرار رسامين وموسيقيين فضلا عن كُتاب سيناريو ومعلقين صوتيين، كما قام بتكوين شباب آخرين في مجال الرسم الرقمي، فيما يرتكز التدريب الآن على التحريك الرقمي.
وأضاف المخرج، الذي تقاسم مع فريقه خبرة تمتد إلى عشر سنوات، بأنه ينصح الشباب الذين يشتغلون معه باغتنام الفرص لتحسين مستواهم الفني ومواصلة تكوين أنفسهم وتعلم تقنيات جديدة، ناهيك عن الاهتمام بجودة العمل كأولوية.
وأوضح، بأن عملية صناعة الرسوم المتحركة عملية صعبة جدا ومعقدة، تحتاج إلى إمكانيات هائلة ودعم مالي، فضلا عن أنه مجال عامر بالتحديات، و يلزم الاعتماد على التمويل الخاص لتجهيز الورشة بالعتاد مثل ألواح الرسم الرقمية وأجهزة الحواسيب، رغم ذلك يقول المتحدث بأنهم مصرون على الوصول إلى غايتهم والوقوف فوق منصات التتويج الدولية لتكريم أفلامهم.
دعم الأعمال الوطنية لرفع حظوظ الاستثمار في صناعة الأفلام المتحركة
واعتبر دعدوش، بأن صناعة الأفلام المتحركة أصبحت التوجه الأمثل للنهوض بقطاع الإنتاج السنيمائي عموما، مضيفا بأن الاهتمام بالاستثمار في هذا المجال قد يحوله إلى مورد اقتصادي مهم، عدا عن أن الجزائر تملك الكثير من المواهب والمبدعين الذين تستطيع الدخول بهم إلى هذا الميدان والمنافسة على ألقاب مهمة.
و لفت محدثنا، إلى أهمية التأسيس لسوق لهذه الصناعة وتمويل إنتاجها، فضلا عن تشجيع الأعمال المحلية التي تصارع في مواجهة استيراد الأعمال الأجنبية، و تروج لثقافات غريبة عن المجتمع وتنشر أفكارا لا تتلاءم وعاداته، و تكرسها لدى الأطفال و المراهقين الذين يحتاجون للتعرف أكثر على ثقافتهم بأسلوب جميل وإبداعي وحثهم على التعلق بكل ما هو جزائري.
مسؤولية تربوية وأخلاقية تقع على عاتق كاتب السيناريو
من جهته، قال كاتب السيناريو والعضو بالورشة، عبد الباسط عمورة إن الفريق يحرص في إنتاج الأفلام على معالجة مواضيع تساهم في بناء القيم الذاتية للطفل، فضلا عن مخاطبة عقله من أجل ضمان توجهه الفكري والنفسي، وذكر بأن فيلم «رسائل اللقلق» مثلا يتضمن أفكارا تحث على الثقة بالنفس، والسعي لتحقيق الأحلام، مضيفا بأن صناعة الرسوم المتحركة تحقق نجاحها من خلال قدرتها على غرس القيم النبيلة والأصالة لدى الطفل، لذلك يولي الفريق أهمية كبيرة للتراث الجزائري.

 وأفاد عمورة، بأنهم في آخر أفلامهم قاموا بتصوير مدينة ميلة القديمة بكل تفاصيلها وذلك للترويج لتاريخها والتعريف بتراثها المادي واللامادي وقد عُرض الفيلم حسبه، في عدة دول كما قال، بأن تحويل القصص الشعبية إلى أفلام متحركة أمر وارد جدا.
أما عن الجانب التعليمي الذي يتلقاه الطفل، فقال السيناريست إنهم يحفزون قدرته الاستنتاجية، كما يربطون المعلومات الموظفة في الفيلم بالمكتسبات القبلية، ومحيطه لترسيخ معارف مختلفة لديه، فضلا عن تطوير مهارة الملاحظة لديه.
ويتحقق هذا بحسبه، من خلال عدة عوامل يجب أن تتوفر في سيناريو الفيلم، أهمها تسلسل الأفكار ووضوحها حتى تصل العبرة بطريقة صحيحة وسلسة، وتوفير المشهدية لمساعدة الطفل على استخدام ذاكرته التخيلية، وقال المتحدث بأنه يولي اهتماما أيضا للمرونة اللازمة في النص حتى يسهل التعامل معه أثناء عملية تحويله إلى فيلم متحرك.
كاتب فيلم رسائل اللقلق، نصح المهتمين بإتقان كتابة سيناريو الأفلام المتحركة خصوصا الموجهة للأطفال، بتنويع قراءاتهم والاطلاع على مقالات في النقد السينمائي، وكتب في علم النفس التربوي، حتى يتمكنوا من تشكيل صورة واضحة عن المجال فضلا عن الوعي بحجم المسؤولية المتعلقة بالكتابة للأطفال.
عمل جماعي وتبادل خبرات للخروج بنتائج مبهرة

وأضاف فنان في مجال الرسم الرقمي، والعضو بورشة صناعة الرسوم المتحركة، شعيب زقرور، بأن أجواء العمل مفعمة بالحيوية وتبادل الأفكار الفنية ومناقشة كل تفاصيل العمل أثناء التحضير لإنجازه، و بأنهم بعد الاتفاق على الفكرة النهائية كفريق واحد، يقومون برسم الخلفيات أولا على برنامجي «فوتوشوب» أو «سكاتش بوك برو»، ثم يرسمون الشخصيات رقميا ويوجهونها للتحريك عبر تقنيات خاصة، مثل تقنية «فرايم باي فرايم»، من خلال رسم عدة صور وترتيبها وفق حركة مدروسة وبذلك تنتج حركة ثم مشاهد ثم فيلم، بحسب ما شرحه الفنان. ومن بين البرامج التي يوظفونها في التحريك برنامج «موهو»، الذي يعتمد على رسم أو تحميل الشخصيات ثم ربطها بالعظام فيسمح لهم ذلك بتسجيل الحركة المراد إنتاجها.
وعن التحديات التي يواجهها، هؤلاء الفنانون التشكيليون العصاميون، مشكلة  الانتقال من الرسم التقليدي إلى الرسم الرقمي، فضلا عن استبدال الورقة والقلم بالألواح الرقمية وبرامج تتطلب الكثير من الصبر والجهد.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com