شاهد أمس، جمهور المسرح الجهوي محمد الطاهر الفرقاني بقسنطينة، العرض الأول لمسرحية «بسيكو درام» للمخرج عمار سيمود، الذي قدم قصة شاب مصاب بمرض نفسي، يعري الذات الإنسانية. ويغوص في تناقضاتها الفلسفية، انطلاقا من أفكاره التي تتمحور في معظمها حول الماورائيات أو «الميتافيزيقا» وحقيقة الوجود، ولماذا الحرب على غزة، و الحديث عن القضاء والقدر، ليصل إلى فكرة مفادها هل تستحق الحياة أن نعيشها فعلا.
ولتجسيد فكرته في مجاراة القضاء والقدر، قرر الشاب لعب لعبة الروليت الروسية، وهي بحسب المخرج لعبة حظ مميتة نشأت في روسيا، إذ يضع الشخص الذي يود تجربتها رصاصة واحدة في المسدس، ثم يقوم بتدوير الأسطوانة التي يمكن أن تحمل ست رصاصات عدة مرات بحيث لا يعرف ما إذا كانت الرصاصة ستطلق أم لا، ومن ثم يوجه المسدس نحو رأسه ويسحب الزناد، فإذا وضع الشاب رصاصة واحدة فإن احتمال موته هو 1 من 6، وتستخدم اللعبة لعدة أسباب، منها الانتحار أو إثبات الشجاعة.
وقال صاحب العمل، إن المسرحية تضم نهايتين، الأولى هي أن المريض يطلق الرصاصة على رأسه فيموت، ثم يعيد تصوير مشهد إطلاق النار لكن الرصاصة تعلق بالمسدس، ولا تخرج حتى يقوم المريض برميه فتصيب الطلقة أرضية البيت، ليتصالح في الأخير مع ذاته ويؤمن بالقضاء والقدر.
وأوضح المخرج، أن الممثل سمير محسن، تمكن من تجسيد شخصية الشاب المصاب بمتلازمة الميتافيزية، غير المصنفة ضمن قائمة الأمراض النفسية والعقلية، مشيرا إلى أن القصة خيالية ولا صلة لها بالواقع، لكن من يحضرها ويشاهدها، يمكنه تقمص الدور انطلاقا من خياله، فيضع نفسه في مكان الشاب و يطرح نفس الأسئلة الميتافيزيقية التي لا تخلو منها حياتنا اليومية، مشيرا إلى أن عرضه يندرج ضمن فن المسرح التجريبي الذي يهتم بالممثل اهتماما فائقا، ويبدأ هذا الاهتمام بحسبه بدراسة جسده لأنه أداة التعبير الأولى عنده، وبدراسةِ منطوق أفعاله وحركاته ودلالاتها لدرجة تكاد كل عضلة من عضلات جسده أن تقوم بوظيفتها في العرض المسرحي، مشيرا إلى أنه قام بإدخال الفن التجريبي، إلى المسرح العربي قبل35 سنة، مع ذلك فإن العروض التجريبية قليلة، و نادرا ما يختارها المخرجون لكونها عروضا علمية بحتة ومنفردة ترفض الأشكال والقوالب المسرحية المتكررة.
وأشار المخرج، إلى أن الفن المسرحي التجريبي طبق بنسبة 50 بالمائة في العرض، و قد تجسد في مشاهد مختلفة، متوجها بخالص الشكر والامتنان للطاقم التقني الذي تكفل بالإضاءة وبالمؤثرات الصوتية والبصرية و سينوغرافيا العرض. لينة دلول