- زئير الظلام -.. معالجة إنسانية لمكافحة الاستعمار الفرنسي
حقق فيلم زئير الظلام، تفاعلا كبيرا غداة عرضه الأربعاء بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، تزامنا مع ذكرى الثامن ماي، وقد صفق الحضور طويلا لمخرج العمل و نجومه الذين حضروا العرض و شاركوا في إثراء النقاش بعد نهايته، حيث شمل الحديث جوانب الإخراج والحبكة الفنية التي قدمت ببلاغة جوانب من تاريخنا النضالي، و سلط الضوء على فظائع الاستعمار في حق الجزائريين الذين جرى استغلالهم في مزارع المستوطنين الفرنسيين ودفعوا ثمن مشاركتهم في الثورة.
لينة دلول
لقي الفيلم استحسانا كبيرا من الجمهور الذي حضر بشكل لافت، وقد طال التصفيق و الهتاف بين نهاية العرض، كما علت الزغاريد كذلك، وتدور أحداث القصة في الحقبة الاستعمارية، حيث يروي السيناريو الذي أخرجه أحمد رياض، حكاية صراع بين أخوين بإيديولوجيتين مختلفتين، موسى المجاهد الكفيف وقد أدى دوره الممثل محمد فريمهدي، والخوجة الخائن لوطنه وأبناء قريته وهو دور أسند إلى حمزة فضيل.
* المخرج أحمد رياض
استحداث قرية سينمائية ضروري لصناعة أفلام الثورة
أنتج العمل في إطار الاحتفال بستينية الاستقلال، كما أكد مخرجه أحمد رياض، مشيرا إلى أنه ركز على الجانب الإنساني وحكايات الناس و علاقاتهم في زمن الاستعمار، إذ يختلف الطرح قليلا و يخرج عن إطار المعالجة شبه التوثيقية للأفلام، فالفيلم يسلط الضوء حسبه،على فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ومشاركتهم في الثورة الجزائرية، من خلال قصة موسى الشاعر الشعبي الذي فقد بصره خلال الحرب العالمية الثانية ووظف فنه لتعبئة المواطنين من أجل المشاركة في الثورة ودعمها، وهذا يعني كما قال، بأن جميع طبقات المجتمع شاركت في النضال وبذلت ما تستطيع لأجل تحرره.
وأضاف أن الرسالة التي أراد إيصالها للجمهور، هي أن الاستعمار الفرنسي كان يستعمل كل الطرق الشنيعة من أجل القضاء على هوية المجتمع الجزائري، ولكنه لم ينل رغم ذلك من عزيمة الشعب بكل شرائحه وأن كل مؤمن بالقضية كان مستعدا للدفاع عنها مهما كانت ظروفه.وأكد المخرج، أن العروض السابقة للفيلم حققت ردودا إيجابية، معبرا عن فرحته بعد أن دخل الفيلم عدة مهرجانات، متابعا بالقول : « هذا شرف لي ولكامل الطاقم الفني.» وقد جرى تصوير الفيلم بحسب المتحدث، بولاية قسنطينة وبرج بوعريريج و سطيف، مضيفا :» نأمل في تجسيد قرية سينمائية لأن التصوير في ظروف غير مهيأة صعب جدا.»
وأضاف رياض، بأنه اعتمد على تقنيات جديدة في التصوير والتركيب، كما حاول تقديم نظرة إخراجية مرتبطة بقوة المشهد وكيفية تجسيده من طرف الممثل، إضافة إلى الترجمة إلى الإنجليزية التي ميزت العمل، والتي جاءت حسبه، تماشيا مع التوجه العام لتكريس استخدامها كلغة ثانية كما أنها ضرورة ليصل العمل إلى مهرجانات عالمية.
* الفنان محمد فريمهدي
شخصية موسى سكنتني
من جهته، أكد بطل الفيلم الفنان محمد فريمهدي، الذي أدى دور موسى على أهمية الأعمال السينمائية التي تروي الجوانب الإنسانية من الثورة وأحداثها، لأنها مرآة عاكسة لطبيعة هذا الشعب و لنوعية نضاله.
وقال إن السينما مهمة جدا لأنها تنقل الأحاسيس وتعيد محاكاة الأحداث ببعد أعمق، كما تعزز وعي الأجيال الحالية بقيمة الوطن وحمايته «فزئير الظلام» مثلا، يتناول فترة عصيبة من تاريخ الشعب الجزائري وهي أحداث 8 ماي، التي وقع خلالها الآلاف وتلك تضحية عظيمة جدا لا يجب أن تنسى.
وأشار الفنان، إلى أن الفيلم تقنيا وعلى مستوى السيناريو، يختلف كثيرا عما قدمه مخرجون في أفلام ثورية أخرى، لأنه تناول القصة من زاوية غير معتادة في السينما الجزائرية، وأكد المتحدث، بأن كل المشاهد التي قام بتأديتها، أثرت فيه كثيرا، خصوصا وأن عائلته عانت من ويلات الاستعمار فوالده حكم عليه بالإعدام، وعمه قتل على يد الجنرال بيجار، كما اعتبر مشاهد موسى الكفيف قوية جدا وذات بعد عاطفي وهو ما جعل هذه الشخصية تسكنه كما عبر.
وحسبه، فإن مقاييس تقييم عمل سينمائي، لا يمكن أن تتجرد من ذاتية النقاد رغم محاولات التحلي بالموضوعية، لذلك فإن العمل الجيد هو الذي يدافع عن نفسه من خلال العناصر التي تشكله على غرار السيناريو فضلا عن الأداء الاحترافي للممثلين.
* كاتب السيناريو حمزة محمد فضيل
الجمهور يعيد تشكيل علاقته بالسينما
أكد كاتب سيناريو العمل حمزة محمد فضيل، بأن كتابة فيلم قصير حول موضوع تاريخي أو ثوري على وجه التحديد، يعتبرا تحديا، و اعتبرها تجربة فتية بالنسبة لشخص متعود على الكتابة في القضايا الاجتماعية والكوميدية.وقال، إن الفكرة تبلورت في ذهنه بعد نقاش مع المخرج، لكنه أراد التميز و الخروج على المعتاد أو الرائج في هذا الحقل من الإنتاج السينمائي وأوضح، بأن عنوان فيلم «زئير الظلام»، يعكس شخصية موسى الكفيف الذي يعد رمزا للجهاد في سبيل وطنه بالرغم من الظلام الذي كان يعيش فيه نظرا لفقدان البصر، وهي رسالة مفادها بأن الشعب الثائر لا توقفه الإعاقة عن تحرير وطنه، فموسى فقد بصره ولم يفقد بصيرته.
وثمّن المتحدث، جهود وزارة الثقافة التي أولت اهتماما كبيرا للإنتاج السينمائي التاريخي، متابعا بالقول إن المبادرة جيدة ولكن الاستمرارية هي الأهم، « لأن الأخطاء والسلبيات والنقائص هي التي نتعلم منها كما عبر»، وذلك لتحقيق إنتاج سينمائي عالمي وبالتالي توفير الفرص لبعض الممثلين والمخرجين وكتاب السيناريو للإبداع و النشاط.
وشدد الكاتب، على ضرورة إنشاء قاعات سينما جديدة وفتح القديمة لأن الجمهور أصبح أكثر قربا من السينما بحسبه. و يعيش مرحلة مهمة في إعادة تشكيل علاقته بالفن السابع.
من جانبها، أكدت الممثلة فوزية عمارة، بأن دور زوجة «الكابيتان» الذي قدمته كان مغايرا لما عهده الجمهور ولما سبق لها العمل عليه في أفلام أخرى، واصفة ظروف التصوير بالمميزة والرائعة، لأنها مثلت مع فنانين كانت تشاهدهم في التلفاز فقط.
متابعة بالقول: «كان لي شرف اللقاء بقامات سينمائية، و قد حظيت بفرصة التنقل بين العديد من الولايات من أجل التصوير، كما سعدت جدا بكل العروض السابقة للفيلم، لأن الجمهور استقبلنا بحب و احتوى فننا، مشيرة إلى أن هذه التجربة جعلتها تدرك الفرق بين السينما و التلفزيون.»
تجدر الإشارة إلى أن العرض الذي احتضنه دار الثقافة بقسنطينة، يعد الثالث وطنيا لفيلم زئير الظلام، وقد تميز بحضور جماهيري ملحوظ وتفاعل كبير بين طاقم العمل و من شاهدوه.