ناقش أمس، أساتذة في اللغة العربية، واقع هذه اللغة في الجزائر إبان الاستعمار و دورها في حماية ملامح الهوية الوطنية، وأكدوا خلال ندوة احتضنها متحف الفنون والتعابير الثقافية بقسنطينة، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، أن العربية كانت سلاح الجزائريين في وجه الاحتلال، وهو نهج وجب التمسك به اليوم في ظل حروب العولمة، ومحاولة فرض ثقافات جديدة تتماشى والتوجه العالمي الجديد.
وأوضح أستاذ الخط العربي محمد عمراني، في مداخلة بعنوان «الخط العربي في المؤسسات التعليمية والإعلامية إبان الاحتلال وغداة الاستقلال»، أن فرنسا سنت قوانين جائرة لإبعاد الحرف العربي من المدارس، كما اعتبرت اللغة العربية لغة أجنبية، وأقحمت الحرف اللاتيني في تدريسها بالمدارس الفرنسية وذلك بغرض إهانتها، كما سنت إجراءات تعسفية منها اعتقالات المدرسين وإغلاق الكتاتيب والمدارس والمساجد وتحويل بعض منها إلى إسطبلات وكنائس، ناهيك عن التضييق على الجرائد والمجلات ومصادرتها لطمس الشخصية العربية.
ورغم ذلك، يضيف عمراني، بقي الخط العربي مقاوما وصامدا ومحافظا على شخصيته في الزوايا والمدارس من خلال تعليم القرآن الكريم فالجزائريون حسبه، كانوا لا يدخلون المدرسة الفرنسية صباحا إلى بعد تلقي دروسهم في المدارس العربية، أما بعد الاستقلال فذكر الأستاذ، أن اللجنة الوطنية للتعريب سنت توصيات عُمل بها مثل تعريب المحيط، الإدارة والتعليم.
وأكد المتدخل، أن الخط العربي يعيش عصره الذهبي حاليا، فقد أولت له الدول العربية اهتماما كبيرا من عقد الملتقيات والمعارض، متحدثا عن دور الجزائر في هذه الخطوة، مشيرا إلى انتشار جمعيات ومراكز ثقافية عبر ولايات عديدة متخصصة في تعليم الشباب للخط العربي، كما تطرق عمراني،إلى أهمية إدماج الخط العربي في الفن فهو علم وإبداع، وفقا له يستطيع الهاوي أو الفنان استخدامه في كل تقنيات الفن التشكيلي.
من جانبه، تحدث الأستاذ رشيد هامل عن اللغة العربية في العهد الاستعماري و دور جمعية العلماء المسلمين في نشرها وتثبيت ركائزها منذ الاحتلال الفرنسي إلى يومنا هذا، وذكر هامل أن رئيس الوزراء الفرنسي كاميار شوتون، أصدر سنة 1938، قانونا ينص على حظر استخدام اللغة العربية، مضيفا أن الجزائريين وحفاظا على لغتهم كانوا يدرسونها خفية في الجبال والكهوف، كما أصرت جمعية العلماء على مواصلة تدريس القرآن الكريم في الكتاتيب والزوايا، فضلا عن تأسيس المعاهد بالعاصمة، وتلمسان، وواد سوف، وقسنطينة.
أما الأستاذ بقسم الآداب واللغة العربية، بجامعة الإخوة منتوري قسنطينة 01، توفيق مساعدية، فتحدث في مداخلته عن دور اللغة العربية في حفظ وتثمين التراث الثقافي الجزائري، و أهميتها في نقل المعرفة والقيم الثقافية الجزائرية، وحفاظها على التراث الثقافي الجزائري ومن خلالها نقله للأجيال، وتمكينهم من الاطلاع على إنتاجات من سبقهم في مجالات عديدة مثل الأدب.
وعقب مساعدية، أنه كان للغة العربية دور في حفظ الأشكال الأدبية والشعرية والنثرية منذ الفترة الرستمية حتى الوقت الحالي، فضلا عن نقل المرويات العربية للعادات والتقاليد الجزائرية.تحدث المتدخل أيضا، عن التحديات التي تواجه اللغة العربية خصوصا في عصر العولمة، وقال إن الجمعيات الثقافية والمؤسسات يجب أن تسهر على مواجهة هذه العقبات التي تجعل من حضور اللغات الأجنبية أكبر ، خصوصا على المنصات الرقمية، وذكر أن المحتوى الرقمي الموجود باللغة العربية يمثل 3 بالمائة فقط.
ويرى الأستاذ، أن الجهات الوصية يجب أن تكون ساهرة على سد هذه الفجوة الرقمية من خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي حتى نعيد للغة العربية على الشبكات الإلكترونية حضورها المميز حسبه، ناهيك عن تشجيع منصات التواصل والتطبيقات التي تساعد في نشر اللغة العربية والتراث الجزائري.
ويرى الأستاذ بقسم الآداب واللغة العربية، أن الاهتمام بلغة أمة ما وثقافتها منوط بمدى ما تقدمه من فائدة على الصعيد المعرفي، وقال إن البحوث الأكاديمية الرصينة بما تقدمه من معارف تقنية وإنسانية تساعد أيضا على انتشار اللغة العربية.
إيناس كبير