تأسفت الفنانة التشكيلية و صاحبة أضخم المنحوتات، المزّينة لعديد الساحات العامة و الشوارع الرئيسية بولايات الشرق الجزائري، دهال هب الريح زهية، لعدم احترام بعض البلديات و الجهات المشرفة على صيانة التماثيل و المنحوتات لتلك التحف الفنية، مشيرة إلى نقص الخبرة و عدم استشارة المختصين، قبل الإقدام على إعادة ترميم و إعادة طلاء بعض الأعمال التي تعرضت للتشويه
و فقدت جمالياتها بفعل ذلك.
الفنانة المتخرجة من المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بقسنطينة عام 1972 و التي تحمل الكثير من التماثيل و المنحوتات الضخمة المتواجدة بمختلف الإدارات و الشوارع الرئيسية بالكثير من ولايات الشرق، توقيعها، انتقدت الوضعية التي آلت إليها العديد من التحف الفنية، و التي وصفتها بالكارثية، لجهل المشرفين على صيانتها لأبسط معايير الحفاظ على جماليات هذه الإنجازات الفنية العملاقة، سواء المصنوعة من البرونز أو الاسمنت أو الراتنج، و التي يتراوح طولها بين 1.70 و 4 أمتار، حيث ذكرت أمثلة عن تمثال يجسد الرئيس الراحل هواري بومدين مصنوع من البرونز، موجود بوسط مدينة قالمة و الذي قالت أن البلدية و بدل الاحتفاظ بلونه الخاص و المتميّز، من خلال تلميع المعدن فقط، اختارت له طلاء ذهبيا أثر على الجانب الجمالي للتمثال، في رأيها، بالإضافة إلى منحوتة سمك أبو سيف التي حولوها بفعل الطلاء الأسود و الأزرق إلى حوت «أورك»، مثلما قالت.
الفنانة التي شاركت في عديد المعارض الدولية و فرضت اسمها بين كبار التشكيليين في الخارج، و بشكل خاص بألمانيا، حيث يوجد صالونا فنيا خاصا بها على مدار السنة، بالإضافة إلى مشاركاتها في صالونات البيع بكل من فرنسا و إسبانيا، اعترفت بولعها بفن النحت الذي جعلها تتخلى عن الرسم لسنوات، لأجل التمكن من تلبية الطلبات الكثيرة التي تلقتها من عدة جهات و إدارات أعجبت بإبداعها، و طلبت منها تجسيد منحوتات يوجد الكثير منها بمداخل إدارات مهمة و شوارع الكثير من المدن و البلديات عبر مختلف ولايات الوطن، و بشكل خاص على مستوى الشرق الجزائري.
من أهم ما أبدعت أناملها تمثال الجنود الذي يرّصع بلدية رمضان جمال بسكيكدة، و نسر تمثال القديس أوغستين بعنابة الذي أعادت نحت نسخة جديدة منه لتعويض نسخته الأصلية التي اختفت خلال العشرية السوداء، إلى جانب تمثال 8 ماي 1945 بقالمة و غيرها من التحف، التي قالت أنها تنجزها تحت الطلب، فيما تبقى أعمالها الخاصة، من وحي خيالها أو تستلهم أفكارها من محيطها و حياتها و تجربتها الثرية الممتدة على مدار 45 سنة، و ذكرت بفخر بدايتها المشرّفة بمعرض فردي خصص لها و هي لا تزال طالبة بمدرسة الفنون الجميلة عام 1971.
اسم دهال هب الريح زهية، لا يبرز فقط في مجال النحت و إنما في الرسم أيضا، حيث تعد الفنانة سيدة الألوان المائية التي تجعل من الخط أفقا لا يعترف بالنهايات، فلوحاتها لا تعد و لا تحصى، تسحر بألوانها المتدرجة عشاق فن الرسم و المتأثرين بالمدرسة الانطباعية و التعبيرية التي تفضلها الفنانة ، دون التأثر بروادها، لأنها تحرص على أن تكون نفسها، كما عبرت.
و عن رأيها في مدارس الفنون الجميلة بين الأمس و اليوم، اعتبرت الفنانة الجيل القديم أكثر حظا، من حيث توّفر مناصب الشغل و فرص البروز، من جيل اليوم الذي رغم الإمكانيات الكثيرة التي توّفرها له هذه المدارس، يبقى مهددا بالبطالة، و هو ما ساهم في تراجع الاهتمام بالدراسة و التخصص في هذا المجال.
مريم/ب