العالم يودع الفيزيائي البريطاني ستيفن هوكينغ
استيقظ العالم في ساعة مبكرة من أمس الأربعاء، على نبأ وفاة الباحث البريطاني الشهير و أحد أبزر علماء الفيزياء النظرية الذين عرفتهم البشرية، ستيفن هوكينج، و ذلك عن عمر 76 عاما، قضى معظمها في إعداد أبحاث حول الكون و الجسيمات، كما تبنى أفكارا دينية و سياسية مثيرة للجدل.
وتوفي هوكينج في منزله بكمبردج البريطانية، المدينة الجامعية التي درّس فيها هذا العالم و سبق للنصر أن زارتها في رحلة استكشفت من خلالها الزخم العلمي لهذه الجامعة، التي تحظى بمكانة علمية مرموقة حول العالم، فبين أسوار كلياتها العريقة، نقلت العلوم و المعارف للأجيال المتعاقبة، و من أبزرهم كان إسحاق نيوتن و جميس ماكسويل و أمراء و وزراء من جميع أنحاء العالم.
و قالت أبناء هوكينغ في بيان لهم «يعتصرنا الحزن لوفاة أبينا الحبيب اليوم، لقد كان عالما عظيما ورجلا غير عادي سيبقى عمله وإرثه لسنوات طويلة.. إقدامه وتألقه الدائم وروح الدعابة التي تحلىّ بها كانت مصدر إلهام في أنحاء العالم»، أما رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي فوصفته بأنه «عقل فذ واستثنائي»، وأضافت «إن شجاعته وفكاهته وتصميمه على الحصول على أقصى ما يمكن من الحياة كانت مصدر إلهام».
و سعى هوكينج بقدراته العقلية الهائلة، لمعرفة حدود الفهم البشري لكل من الفضاء المتسع وعالم الجسيمات دون الجزئية، و قد شملت أبحاثه موضوعات عديدة بدءا من أصل الكون وحتى احتمال الانتقال عبر الزمن، حيث نشر عدة كتب لاقت شعبية واسعة، بينها “تاريخ موجز للزمن” الذي بيعت منه أكثر من 10 ملايين نسخة.
كما كان هوكينغ أول من وضع نظرية للكون تجمع بين النسبية العامة لأينشتاين التي تتعلق بالجاذبية والظواهر واسعة النطاق، ونظرية الكم التي تركز على الجسيمات دون الذرية، ونتيجة لهذا البحث طرح نموذجا للكون يستند إلى مفهومين للزمن و هما «الزمن الحقيقي» الذي يشعر به البشر، و»الزمن المتصور في نظرية الكم» الذي يقول إن العالم يتحرك على أساسه.
العالِم اكتشف أيضا أن الثقوب السوداء تسرب طاقة وتضمحل الى لا شيء، وهي ظاهرة أصبحت تُعرف لاحقاً باسم “إشعاع هوكينغ”، فيما أظهرت أبحاثه أن النظرية النسبية العامة التي وضعها آينشتاين، تعني ضمناً أن للمكان والزمان بداية في الانفجار الكبير ونهاية في الثقوب السوداء، كما أثار جدلا بين علماء الأحياء عندما قال إنه يرى فيروسات الكمبيوتر كشكل من أشكال الحياة، بينما اتُهم بأفكاره «الإلحادية» و تنبأ بـ «قرب» نهاية البشرية.
و معروف عن هوكينغ أنه لزم كرسيا متحركا معظم سنوات حياته، حيث أبلغه الأطباء في سن الثانية والعشرين أنه لن يعيش أكثر من بضع سنوات، بعد تشخيص إصابته بمرض التصلب الجانبي الضموري، فاضطر مع تدهور حالته إلى الحديث عبر جهاز إلكتروني والتواصل مع الآخرين بتحريك حاجبيه، رغم ذلك لم يمنعه المرض من مواصلة التدريس و البحث، فقد عمل بجد أكبر، لكنه لم ينجح في زيجاته كما كتب في مذكراته التي صدرت عام 2013.
و أُنتجت عن العالِم أفلام تلفزيونية وسينمائية عديدة، منها فيلم “نظرية كل شيء” الذي يصور صعوده وعلاقته بزوجته الأولى جين، حيث تقمص شخصيته ايدي ريدماين، الذي فاز بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن هذا الفيلم، و في عام 1968، لم يمنع استناده على عكازين، من الاحتجاج ضد حرب فيتنام، كما دعم القضية الفلسطينية بمقاطعته الأكاديمية للاحتلال الإسرائيلي.
ي.ب