أصبحت النساء فرائس سهلة للجماعات المتطرفة في العالمين العربي و الاسلامي، وتقدم التقارير الإعلامية معلومات مرعبة عن عمليات السبي التي يقوم بها جند الخلافة غير الراشدة في العراق وسوريا، وإذا أضفنا إليها عمليات السبي غير المعلنة في البلدان خفيفة الدعش فإننا نجد أنفسنا أمام معطى لم ينل ما يستحق من الدراسة حول الخلفية الجنسية للتطرف الديني.
وحتى و إن كانت كلاسيكيات الدراسات النفسية تشير إلى علاقة الحرمان والكبت بالانطواء والتطرف، إلا أن الظاهرة لم تدرس ميدانيا ولم تعالج إعلاميا بالشكل الذي يقدم المتعصب المكبوت كمريض وليس كنجم ( أي كشخص في حاجة إلى علاج وليس كشخص يعالج مشاكل الناس ويسعى إلى قيادتهم).
ويبدو أن إيران قرأت بعين ذكية ما يحدث لجيرانها حيث طرح برلمانها المسألة الجنسية للنقاش العلني بعد أن كشفت دراسة مثيرة لمعهد بحث تابع لذات الهيئة عن تمرد الأجيال الجديدة على القوانين التي تمنع التواصل الحر في الجمهورية الإسلامية، وأيدت الحكومة مقترحات بتسهيل الزواج المؤقت لمواجهة الأصوات المطالبة بالحرية. و حتى وإن لم تكن إيران مثلا يحتذى به في هذا الشأن فإن طرح المشكلة للنقاش يعد خطوة أولى على طريق الحل.
صحيح أن المعطيات تختلف بين الواقع السوسيولوجي لشباب إيران الذي يهرب إلى الحرية والشباب العربي الذي يهرب إلى التطرف، حيث تكون تسوية الإشكالية طبيعية في الحالة الأولى و باتولوجية في الحالة الثانية، لكن المؤكد أن المشكلة الجنسية أصبحت عدوا كامنا يتسبب في ظواهر خطيرة يعبر عنها بالعنف الذي يأخذ أشكالا مختلفة، ومنها العنف المنظم الذي يهدف إلى إقامة الخلافة و يستهدف أول ما يستهدف النساء سبيا واستباحة في تسوية مشؤومة للأزمة الأصلية تحت الغطاء الديني.
ويستفيد “المرضى” هنا من السكوت الاجتماعي عن الظاهرة للقيام ببروباغوندا سرية تستخدم أسلوب الإفتاء باتت تستقطب «مجاهدات» و «مجاهدين» يطمعون في تحصيل المحظورات التي تبيحها ضرورات الحرب.
وإذا كانت الجزائر قد عاشت في تسعينيات القرن الماضي ما تعيشه بلدان عربية اليوم وأجرت تسويات للأزمة على أصعدة مختلفة، فإن العنف المدفوع جنسيا لا زال يتجول في شوارع حياتنا والأخطر من ذلك أن بعض النخب السياسية والإعلامية ترعاه وتترجم هذه الرعاية في معارضة تشريعات تشدّد العقوبات على ممارسي العنف ضد النساء.