أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في الاحتفال بعد الكد والاجتهاد ودعاة ضبط النّفس!
واللّافت في الحكاية أنّ الاحتفاء بالنّجاح أخذ بعض الأبعاد ذات الطابع الطّقسي، وتحوّل إلى فرصة ترفيه للأولياء و الأبناء على حدّ سواء، وبلغ حدّ المجازفة أحيانًا من خلال المناورات الخطيرة في مواكب السيارات، ويبدو أنّ هذه "العادات" أخذت في الانتشار في مختلف المناطق بعد تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي ظاهرة عرفتها بلدان عربية،أيضًا، وفق مضامين فيديوهات انتشرت على نطاق واسع، تصوّر طلبة بلباس التخرّج في حفلات رقصٍ.
وإذا كانت الجامعات الوطنيّة قد منعت رسميا مظاهر الاحتفالات إلا أنها لم تتمكّن من منعها في الواقع بسبب إصرار الطلبة والأولياء على ذلك، كما أن مظاهر الفرح التي كانت ترافق النجاح في شهادة البكالوريا انتقلت إلى امتحانات دنيا.
هذه الظاهرة كغيرها من الظواهر الطارئة، تستدعي الفحص والدراسة، فهي تقدم وثيقة عن حالة المجتمع وعن توجهاته ومرجعيّات سلوكه، بعيدًا عن الانتقاد أو التشجيع.
وتمكنّ الدراسة من ضبط ما يجب القيّام به في عمليات التنشئة والتوجيه، أي في وضع ما يشبه بيداغوجيّة اجتماعيّة، فمظاهر التفاخر، مثلًا، لا تليق في حالات النّجاح العلمي وكذلك استدعاء سلوكات جماهير الكرة، أو استدعاء أغاني الملاهي إلى حفلات عائليّة، فكل حالة فرح لها قواعدها وضوابطها ومجالها، فيكفي احتفاء عائلي بسيط للوفاء بالغرض، ووضعيّة النّاجح تختلف عن وضعية المتزوّج أو مسجل الهدف.
ولسنا هنا بصدد تقديم مرافعة ضدّ الفرح، أو ضد الحريّات الفرديّة، ولكن في مجال التنبيه إلى المخاطر التي قد يخفيها تداخل المظاهر والمرجعيّات غير الصّحيحة للسّلوك التي قد تكون مؤشرًا على تراجع في المستوى الثقافي يؤدي إلى تضييع أدوات التعاطي مع الأحداث و القيّام بردود أفعال ليست بالضرورة هي الجواب السّليم على دواعيها، أو إلى حاجة عامّة إلى الترفيه تستوجب أخذها بعين الاعتبار في تصميم المدن وإنشاء المرافق وبرمجة النشاطات.
ببساطة، يجب أن ننتبه إلى أنّ الفرح المبالغ فيه، قد يخفي "حقائق" لا تبعث على الفرح!
سليم بوفنداسة