الأحد 16 فبراير 2025 الموافق لـ 17 شعبان 1446
Accueil Top Pub

محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في الاحتفال بعد الكد والاجتهاد ودعاة ضبط النّفس!

واللّافت في الحكاية أنّ الاحتفاء بالنّجاح أخذ بعض الأبعاد ذات الطابع الطّقسي، وتحوّل إلى فرصة ترفيه للأولياء و الأبناء على حدّ سواء، وبلغ حدّ المجازفة أحيانًا من خلال المناورات الخطيرة في مواكب السيارات، ويبدو أنّ هذه "العادات" أخذت في الانتشار في مختلف المناطق بعد تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي ظاهرة عرفتها بلدان عربية،أيضًا، وفق مضامين فيديوهات انتشرت على نطاق واسع، تصوّر طلبة بلباس التخرّج في حفلات رقصٍ.
وإذا كانت الجامعات الوطنيّة قد منعت رسميا مظاهر الاحتفالات إلا أنها لم تتمكّن من منعها في الواقع بسبب إصرار الطلبة والأولياء على ذلك، كما أن مظاهر الفرح التي كانت ترافق النجاح في شهادة البكالوريا انتقلت إلى امتحانات دنيا.
هذه الظاهرة كغيرها من الظواهر الطارئة، تستدعي الفحص والدراسة، فهي تقدم وثيقة عن حالة المجتمع وعن توجهاته ومرجعيّات سلوكه، بعيدًا عن الانتقاد أو التشجيع.
وتمكنّ الدراسة من ضبط ما يجب القيّام به في عمليات التنشئة والتوجيه، أي في وضع ما يشبه بيداغوجيّة اجتماعيّة، فمظاهر التفاخر، مثلًا، لا تليق في حالات النّجاح العلمي وكذلك استدعاء سلوكات جماهير الكرة، أو استدعاء أغاني الملاهي إلى حفلات عائليّة، فكل حالة فرح لها قواعدها وضوابطها ومجالها، فيكفي احتفاء عائلي بسيط للوفاء بالغرض، ووضعيّة النّاجح تختلف عن وضعية المتزوّج أو مسجل الهدف.
ولسنا هنا بصدد تقديم مرافعة ضدّ الفرح، أو ضد الحريّات الفرديّة، ولكن في مجال التنبيه إلى المخاطر التي قد يخفيها تداخل المظاهر والمرجعيّات غير الصّحيحة للسّلوك التي قد تكون مؤشرًا على تراجع في المستوى الثقافي يؤدي إلى تضييع أدوات التعاطي مع الأحداث و القيّام بردود أفعال ليست بالضرورة هي الجواب السّليم على دواعيها، أو إلى حاجة عامّة إلى الترفيه تستوجب أخذها بعين الاعتبار في تصميم المدن وإنشاء المرافق وبرمجة النشاطات.
ببساطة، يجب أن ننتبه إلى أنّ الفرح المبالغ فيه، قد يخفي "حقائق" لا تبعث على الفرح!
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com