اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه، أيضًا. كان أبوه سيفرح لو وجد الرأس. اسمي حمزة ولم أكُن أحارب، كُنت ألعبُ في البيت، إن عثـرتم بين الرّكام على رأسٍ بشعر بُني وعينين سوداوين فهو رأسي. إن لم تعثـروا على رأسي بين بقايا البيت فلا حرج عليكم. قيل إنّ أبراجًا ستنبتُ في أساسات بيتنا وإنّ العُشب الأخضر سيحلّ محلّ هذا الرّكام، حيث سيلعب رجالٌ بيض أذكياء"الغولف" ويستريحون من عناء العالم، فلا بأس، إن استراح النّاس، أن يضيع رأسي.
اسمي حمزة، سيستمرّ رأسي في الصوّر. يقول أبُ أحمد إنّ ابنه كان جميلًا وإنّه كان يتمنى أن يدفن وجهه معه كي يدل الوجه الجميل على صاحبه، أنا أيضًا كنتُ جميلًا ووجهي ليس معي ليدل عليّ. حين جاءت الصواريخُ كان أحمد على السّطح، بقيّ أحمد واختفى الرأسُ والسّطحُ، وحين جاءت الصواريخُ إلى بيتنا اختفى البيتُ واختفى رأسي.
اسمي حمزة وأنا خفيفٌ الآن وغير خائفٍ، فلا يبكين أحدٌ لأجلي. قيل إنّ حدائق غنّاء ستنمو في حيّنا وإنّ طيور العالم سترتادها، ربما سيراها المتبقون من أهلي في الشّاشات لأنّهم وُعدوا بالنّزوح إلى بيوت لا تصلها الصّواريخ.
لم أكن صغيرًا كما يجب لأتجنّب الصّاروخ ولم أكن كبيرًا كما ينبغي. كنتُ ألعب في المكان الخطأ، أي في البيت، حيث ستنبت الأبراج وتمتد قربها الحدائق ويستريح القادمون من أراضٍ بعيدة، إني أراهم على رمال السّاحل، وإني أسمع صرير العجلات وشنشة الكؤوس في "كازينو غزّة" حيث يتعمّد أعمامي الخسارة وهم يُومئون إلى "العلجات" السلافيّات.
لن ألعب في المكان الخطأ ثانيّةً. بل، لن ألعب على الإطلاق. سأكبرُ بعيدًا عن جسدي. واستغني عن مرحٍ لا ضرورة له. استغني عن كل ما لا ضرورة له. اسمي حمزة وأنا صغير وأقدّر أسف الكبار على وجودي في مكانٍ كان يجب ألا أكون فيه، لذلك اعتذر لهم وسيعتذرُ لهم رأسي إن عثـروا عليه في الرّكام. سيعتذر لهم شبحي إن صادفوه في الغبار أو في الملهى حين يصير لنا ملهى. أنا خفيفٌ الآن منقوص الرأس ومُعفى من الألم.
سليم بوفنداسة