الثلاثاء 8 أفريل 2025 الموافق لـ 9 شوال 1446
Accueil Top Pub

اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه، أيضًا. كان أبوه سيفرح لو وجد الرأس. اسمي حمزة ولم أكُن أحارب، كُنت ألعبُ في البيت، إن عثـرتم بين الرّكام على رأسٍ بشعر بُني وعينين سوداوين فهو رأسي. إن لم تعثـروا على رأسي بين بقايا البيت فلا حرج عليكم. قيل إنّ أبراجًا ستنبتُ في أساسات بيتنا وإنّ العُشب الأخضر سيحلّ محلّ هذا الرّكام، حيث سيلعب رجالٌ بيض أذكياء"الغولف" ويستريحون من عناء العالم، فلا بأس، إن استراح النّاس، أن يضيع رأسي.

اسمي حمزة، سيستمرّ رأسي في الصوّر. يقول أبُ أحمد إنّ ابنه كان جميلًا وإنّه كان يتمنى أن يدفن وجهه معه كي يدل الوجه الجميل على صاحبه، أنا أيضًا كنتُ جميلًا ووجهي ليس معي ليدل عليّ. حين جاءت الصواريخُ كان أحمد على السّطح، بقيّ أحمد واختفى الرأسُ والسّطحُ، وحين جاءت الصواريخُ إلى بيتنا اختفى البيتُ واختفى رأسي.
اسمي حمزة وأنا خفيفٌ الآن وغير خائفٍ، فلا يبكين أحدٌ لأجلي. قيل إنّ حدائق غنّاء ستنمو في حيّنا وإنّ طيور العالم سترتادها، ربما سيراها المتبقون من أهلي في الشّاشات لأنّهم وُعدوا بالنّزوح إلى بيوت لا تصلها الصّواريخ.
لم أكن صغيرًا كما يجب لأتجنّب الصّاروخ ولم أكن كبيرًا كما ينبغي. كنتُ ألعب في المكان الخطأ، أي في البيت، حيث ستنبت الأبراج وتمتد قربها الحدائق ويستريح القادمون من أراضٍ بعيدة، إني أراهم على رمال السّاحل، وإني أسمع صرير العجلات وشنشة الكؤوس في "كازينو غزّة" حيث يتعمّد أعمامي الخسارة وهم يُومئون إلى "العلجات" السلافيّات.
لن ألعب في المكان الخطأ ثانيّةً. بل، لن ألعب على الإطلاق. سأكبرُ بعيدًا عن جسدي. واستغني عن مرحٍ لا ضرورة له. استغني عن كل ما لا ضرورة له. اسمي حمزة وأنا صغير وأقدّر أسف الكبار على وجودي في مكانٍ كان يجب ألا أكون فيه، لذلك اعتذر لهم وسيعتذرُ لهم رأسي إن عثـروا عليه في الرّكام. سيعتذر لهم شبحي إن صادفوه في الغبار أو في الملهى حين يصير لنا ملهى. أنا خفيفٌ الآن منقوص الرأس ومُعفى من الألم.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com