يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب، مسألتي عدم الاهتمام بتوجّهات القراءة و نقص الإنتاج الموُجّه إلى فئةٍ واسعةٍ من القرّاء.
حيث يتمُّ اكتشاف توجّهات القراء صدفة في جلسات بيعٍ بالتّوقيع، وعادة ما يُثير التهافتُ غضب الكتّاب غير المُتهافت عليهم!
وكان يُفترض أن تمنح أرقام طباعة و بيع الكتب في المعارض وخارجها بيانات عن اتجاهات المقروئية، وهو عمل يهمّ النّاشرين وجميع المتدخّلين في صناعة الكتاب وتسويقه، في الحالات السويّة التي يخضع فيها الكتاب وصاحبه وناشره إلى "حكم" السّوق الذي يساعد على وضع سيّاسات النّشر.
ويجب التأكيد، هنا، بأنّ رواج بعض الأنواع الأدبيّة ظاهرة عالميّة، و أنّ "كهّان" النّقد والأدب يتوجّسون دائمًا من الكتب الأكثـر مبيعًا، بموجب ما ترسّخ حول التّناسب الطردي بين القيمة الأدبيّة والإقبال، باستثناء حالات نادرة حقّقت فيها أعمالٌ ذات قيمة أدبيّة عاليّة الرّواج، لكنّ ذلك لن يكون مبرّرا للتّقليل من شأن كتّاب "البيست سيلر" وقرّائهم، أو الصّراخ وإطلاق الأحكام القاسيّة على جيلٍ جديدٍ لم تُرصد اهتماماته ولم يُصغَ إليه، بل إنّه كثيرًا ما تعرّض للتّسفيه من طرف أجيال سابقة تصفُ نفسها بالذهبيّة في سيّاق مواجهتها لصعوبات العصر بالنوستالجيا.
و لأنّ الأدب إنتاج إنسانيّ، فإنّه من غير اللّائق طرح مسألة جنسيّات الكتّاب على طاولة النّقاش، حتى حين نطرح أسئلة عن ندرة أدب الفتيان في بلادنا التي ينعم فيها نشاط النّشر بدعم سخيّ من الدولة، وربما يجيب هذا "السّخاء" على كل الأسئلة والإشكاليات المحيطة بالكتاب، حيث قلّص هوامش المغامرة والاجتهاد بين النّاشرين( الاستثناءات موجودة) وتسبّب في ظهور طبقة طفيليّة تعمل على تحصيل ريع النّشاط، من دون أن تساهم في تطويره، وكان من شأن هذا الدعم أن ينهض بصناعة الكتاب، بشكل يمكّن من نشر أعمال حقيقيّة لكتّاب حقيقيّين موجهّة لقرّاء حقيقيّين.
ويكفي للوقوف على ما حدث، مراجعة عشرات العناوين غير المنقّحة التي صدرت في العقدين الأخيرين والكتب مجهولة الجنس أو المشكوك في جنسها أو غير المُعالجة فنيّا، أو الطبّعات المتتاليّة لكتب نفس الأشخاص رغم وفرة الطّبعات السّابقة، فضلًا عن الأعمال الكاملة وغير المكتملة لكتّاب في طور الاكتمال.
سليم بوفنداسة