الخميس 20 فبراير 2025 الموافق لـ 21 شعبان 1446
Accueil Top Pub

«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر وأحلى، لأنّها ببساطة لم تتخلّص من صفة تلازمها منذ مرحلة سحيقة من مراحل التطوّر، ويتعلّق الأمر بنزعةٍ عدوانيّة بدائيّة تسكن الجماعات والأفراد، لم تنجح الفلسفات والأديان في تهذيبها، حيث ظلّت الرغبة في السيطرة والاستحواذ مرافقة للإنسان في انتقاله الشّاق من الغابة إلى المدينة، و يمكن أن يفسّر ذلك الحروب التي لا تتوقّف وجشع أغنياء كوكبنا وطمعهم في خبز الفقراء.

ويشكّل تقدّم "مُفترسين" إلى مواقع قياديّة في أمم متطوّرة لطالما كانت تدل غيرها على الطريق، ردّة حقيقيّة لمانحي الدروس والوكلاء المزيفين لقيّم العدالة والحقّ قبل غيرهم، وأخطر من الردّة مجاراتها في خطاب تبريري يسوّق له "مفكرو" الميديا الموكلين بتدبير مخارج عقلانيّة لسيّاسات شيطانيّة، مرحبًا، إنّنا في عصر ظلماتٍ جديد، يلبسُ فيه الباطلُ ثوبَ الحقِّ من دون خجلٍ ومن دون اعتراض، إنّها "الواقعيّة القذرة" وقد استعارها الواقع من الفنّ في لعبة مرايا مثيرة للأعصاب، غايتها تزييف الواقع وليس تصويره كما هو، ويمكن أن نلمس ذلك في مساهمات فلاسفة الخراب الذين أصبحوا يشيدون علنًا بقتلة الأطفال ويدبّجون أطروحاتٍ مُمجدة لمتطرّفين يريدون الانفراد بتدبير شأن البشرية والاستئثار بغلال الكوكب، ونجحوا في بعث فلسفة القوّة وتحويلها إلى نمط حياة.
ومن الإجحاف، هنا، إغفال الأدوار التي يلعبها المقاومون للتيّار، سواء بمناهضة السيّاسات الجائرة أو فضحها، وسعيهم لحماية البشر والأرض من الإبادة والتدمير، ما يمكّن من تقليص حجم الأضرار، حتى وإن تعلّق الأمر بمحاولات يشوبها اليأس، لأنّ الأمر يتعلّق بمواجهة آلة متعدّدة الرؤوس يديرها حمقى بلا وازع ولا رادع.
لذلك، من الأهميّة عدم الانسيّاق وراء السرديات الرائجة التي تسعى لترسيخ الواقع الجديد والمزيّف بتعميم وفرض قبوله، وبناء سرديّات مُضادة ترفض التفريط في الميراث الأخلاقي، يمكن أن يكون تأثيرها إيجابيا بمرور الزمن، بما يسمح على الأقل بتأجيل الكارثة.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com