الثلاثاء 24 ديسمبر 2024 الموافق لـ 22 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح الأصدقاء في طرد المُنتحل، لكنّهم فشلوا في استبقاء الكاتب الحقيقي.

يعرف بوداود عميّر الفرق بين الحقيقيّ والمزيّف، لذلك فضّل أن يكون مُخلصًا لما هو عليه، وللعين الصّفراء التي لم تعد بفضله وبفضل أصدقائه المبدعين، مدينة منسيّة، و انتبه إلى الجوهريّ واختار أن يكون إيجابيًا يعرض الجمال ويضيء تجارب الآخرين بروح سمحة لا تُدين ولا تُحاسب، وتكتفي بانتقاء البديع والاستثنائي لتشاركه مع الآخرين، بل إنّه كثيرًا ما نبّه إلى المنسيّ والمُغفل في ثقافتنا المتعدّدة، وإلى الإصدارات الجديدة للكتاب الجزائريين وإلى الدور الجوهري للإبداع في حياتنا، كما كان يلحّ على ضرورة الانفتاح على الثقافات الأخرى للوقاية من أمراض الانغلاق، لذلك كان يدل قراءه على المجلات والملاحق الرّصينة، ويتطوّع بترجمة ملخصّات وافيّة لملفّات إعلاميّة يراها ذات فائدة.
لم يكن بوداود عميّر كاتبًا فقط، بل كان مؤسّسة ثقافيّة لا تكلّف المجموعة الوطنيّة سنتيمًا واحدًا، يكتب ويُترجم وينخرط في المشاريع الجادة، تسبقه الطيبة والتواضع والحياء.
لهذا سيكون اختفاؤه خسارة غير قابلة للتعويض، خصوصًا في هذا الظرف العصيب الذي غطّت فيه السطحيّة على التجارب الحقيقيّة، بل و تراجع فيه الوعي بأهميّة الثقافة، في ظل انتشار قيّم السوق وتكفّل وسائل التواصل بتصريف المكبوتات الاجتماعيّة، بشكل خلق "نماذج" جديدة ومبتذلة أصبحت قدوة الأجيال التائهة في الغابة الزرقاء.
سنفتقد هذا المثقف الاستثنائي، في الصحافة، وهو الذي لم يكن يتأخّر أمام كلّ دعوة إلى الكتابة، كما سنفتقده في صفحته التي كانت فضاء للأدب والمعرفة، ستفقده العين الصفراء التي استعاد تاريخها وأبقاها في الوجدان، وستفتقده الجزائر التي تحتاجُ إلى كلّ مبدعيها الحقيقيّين الذين يكتفون بما يبدعونه ولا يبيعون ولا يُطالبون ولا يُقايضون.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com