الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة اليوميّة إلى خبرٍ لا يتوقّف عنده مستهلكو الأخبار في عالم يفقد كلّ يوم رصيده من القيّم الإنسانيّة، وقديما حذّر محمود درويش من تحوّل موت الفلسطينيين إلى خبرٍ عاديٍّ، من فرط التّكرار.

وربما انشغل سكّانُ كوكبنا بعشاء ماسك مع صديقته الروبوت الجميلة ابنة الذّكاء الاصطناعي، بكل ما يعنيه ذلك من عبقريّة الإنسان التي تكاد تبلغ حدّ صناعة "النّظير" (التي لا تعفيه من قتل النّظير المختلف)، أو بالسخرية من "العشاء الأخير" في افتتاح الأولمبياد الفرنسي الذي احتفى بالجنس الثالث الذي أصبح قوّة لا تُحتمل نعومتها في عصرنا السّعيد.
كأنّ العالم مصمَّم على هذا النّحو. يموت من يموت وتستمرّ الحفلة بمن حضر. بل هو كذلك، فلماذا نُطالب بغير ذلك؟
يبدو طلب العدالة من القاتل فعلًا تعيسًا. فالكيان الذي يقتلُ الأطفال من صناعة "الحضارة الغربية"، الجاثمة على ركح المسرح الكوني منذ عدّة قرون، وهي حضارة مسيحيّة يهوديّة، كما هو معلوم، قامت بعد حروب متكرّرة وغزو ونهضة وانتهت بعقد تحالفاتٍ بين أوروبا والعالم الجديد، طفلها من الاكتشافات والإبادة.
لقد أخذت هذه الحضارة بأسباب القوّة، وعملت على إطفاء الحضارات التي تهدّدها، في صورة الحضارات السابقة، ولم يقف في طريقها سوى المارد الآسيوي الذي أعلن عن نفسه الآن، وهو يأخذ بأسباب القوة، المبدأ الذي غفلت عنه الأمم النائحة أو المشتكيّة التي تريد أخلقة عالم قائم على القوّة بالأساس.
و قد يطول وقت انتظار طالبي العدالة لقرونٍ أخرى إن هم اكتفوا بتقديم الحجج الوجيهة، ولم يتسلحوا بأدواتٍ تحرجُ الخصوم وتجعل منهم أصحاب كلمة في مأدبة اللئام. فثمة مأزق حضاري حقيقي وفوارق تُرى بالعين ويمكن الوقوف عليها بين أمم بنت الإنسان الذي يصنع نظيره وأخرى تتخبّط في إدارة شؤونها، بغض النّظر عن الأسباب التاريخية، التي لعبت فيها الهيمنة والاستعمار بكلّ أشكاله الدور المؤثّر.
هذه الوضعيّة تقتضي "النهوض"، الذي يجب أن تلعب فيه النّخب الأدوار اللازمة في تحديد أولويّات الذّهاب إلى المستقبل، عوض الغرق في نقاشات مُثيرة للحزن، كما يحدث هذه الأيام من إثارة زوابع حول فيلم لم يُعرض بعد أو حول تسميّة مؤخرة الفأر في رواية!
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com