أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة أنّه هاجم طلبة العلوم السياسيّة في فرنسا ووصفهم بالجهلاء الذين لا يقرأون ويحصّلون المعلومات من موقع ويكيبيديا.
واعتبر ما يحدث نتيجة لظهور ظاهرة "الدراسات" المتعددة في الجامعات الأمريكية، التي تناولت الاستعمار وما بعد الاستعمار والجندر... وتحولت في تقديره إلى محاكمات للغرب الأبيض ووسمته بصفة العنصري والمفترس، ولم يتردّد في إسقاط الصفة العلميّة عنها، والتحذير من نقل هذه الصّفات إلى إسرائيل.
الفيلسوف الذي أبدى في نقاشٍ على قناة BFM التلفزيونية تخوفًا من أمركة الجامعات الفرنسيّة ، اعتبر كلّ حديثٍ عن الاحتلال والإبادة والفصل العنصري معاداةً لليهود بالضرورة، لأنّ الأمر يتعلّق، في استنتاجه، بترحيل اليهود من موقعهم الأثير كضحايا إلى موقع الجلّادين، وهذا غير مقبول حين يصدر عن "نخب المستقبل" التي يقترح إعادة تدريسها التاريخ الملفّق الذي جعل أقليّة صهيونيّة متطرّفة تسيطر على الفضاء الثقافي والإعلامي في "بلد الأنوار"، ورفض الفيلسوف الطرح القائل بأنّ الطلبة متأثرون بما يحدث في غزة وراح يتحدّث عن استغلالهم من طرف مناضلي حزب فرنسا الأبية، الذين وصفهم بالمقربين من حماس و بوتين والمعادين لليهود في نفس الوقت.
والنتيجة تزايد معاداة اليهود، حيث استدل على ذلك بنتائج سبر أراء بين الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين18 و25 سنة، والتي أظهرت أن 35 بالمئة من المستجوبين مع استهداف اليهود بسبب ما يحدث في الأراضي الفلسطينية.
وذهب بعيدا في هذيانه، حين أنكر على الطلبة حمل الأعلام الفلسطينية والحديث عن الاحتلال، لكنه في المقابل رفض التّضامن مع الفكاهي "غيوم موريس" الذي فصل من إذاعة فرنسا الدولية وتمت مقاضاته بسبب سخريته من نتنياهو حين اعتبره أفضل زيّ تنّكري لإخافة الأطفال، لأنّ ما قام به الفكاهي في نظره نضال وليس فكاهة، وبالتالي فإن معاقبته لا تعتبر مساسًا بحريّة التعبير!
هذا النموذج من فلاسفة البلاتوهات، أصبح رائجًا في الثلاثين سنة الأخيرة، وتحوّل إلى شتيمة في حق الفلسفة التي انتصرت في تاريخها لقيّم الحق والجمال والعدالة، قبل أن تتحوّل على أيدي فلاسفة صهاينة ومتصهينين إلى آلة دعائية لإشاعة الحروب ونصرة الباطل وتمجيد السّفاحين والقتلة.
لكنّ الوعي الذي فجّره الدم الفلسطيني في الجامعات الأمريكية و الأوروبية، سيضع بلا ريب حدا لهذه الحقبة السوداء، ولعلّ ذلك ما أدركه فينكلكروت وبرنار هنري ليفي ودفعهما إلى إشهار الغضب على الجامعات الأمريكية التي كسرت الطابو، وفتحت أعين العالم على حقيقة أقليّة ضالة تريد السيطرة على البشريّة بالقوّة والمال وخطاب البهتان.
سليم بوفنداسة