الأحد 3 نوفمبر 2024 الموافق لـ 1 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

إيذاء المستقبل

أصبح "بعض الناشرين" يلقون بكتب كلّ خريف ويطلقون عليها التسميات، دون التحقّق من جنسها وصفاتها، بل ولا يكلّفون أنفسهم حتى عناء قراءتها.
الظاهرة بدأت في سنوات الريع، حيث استفاد المستفيدون من ملايير جرى تقسيمها على أصحاب "قوائم" الكتب، الذين بلغوا من اللهفة حدّ مطالبة كتّاب محتملين بعناوين كتب ينوون كتابتها، قبل انقضاء آجال تسليم القائمة!
وفي الزحام ضاع الناشرون الحقيقيون الذين يحرّكهم حب الكتاب، وظهر "أثرياء" سيختفون، قطعا، في السنوات العجاف، لكن المؤكد أن هذه المهنة النبيلة والخطيرة، قد استبيحت بشكل أتى على تقاليدها وقواعدها، في مرحلة كان يفترض فيها تمكين هذا النشاط من أدوات ازدهاره.
والنتيجة أن تقرأ كلمة شعر على الغلاف ولا تجد الشعر بين الدفتين وأن تقرأ  كلمة رواية  و لن تجد الرواية، وقد لا تجد شيئا في بعض الحالات.
ويتحمّل الناشر مسؤولية كبيرة، هنا، لأنه وافق على نشر ما لا ينشر، لكن المشكلة تكمن في موسمية الفعل و عدم ديمومة الفاعل الذي تعامل مع صفقة نزلت كمائدة من السماء، وسوف يتحوّل إلى مائدة أخرى، لأن الأدب لا يعنيه، والتاريخ أيضا.
و بالتالي فإنه لن يكون في حاجة إلى إحراج نفسه بلجنة قراءة مختصة تفرز له أجناس الكتب،مثلا، أو بمصححين ومدققين يرمّمون الأثر قبل إلقائه للقراء، وليس ذلك بالأمر الصعب لو عرف الصانع صنعته وأتقنها.
و لا بد، في النهاية، من مساءلة الضمير المستتر، أي، مقسّم الأرزاق الذي أضرّ بالنشر بإفساد مقاصد دعم الدولة للكتاب وتحويلها إلى غنيمة، ففي كلّ دول العالم تستفيد بعض النشاطات "ذات القيمة" من الدعم لحمايتها من شروط السوق القاسية التي قد تدفعها نحو الابتذال، فتستفيد دور نشر وصحف وفق معايير معلنة، لأن الأمر يتعلّق بخدمة المجموعة الوطنية بل وبخدمة الإنسان وليس بمجرد طرح سلعة للبيع. كما أن "حراس الذائقة" من نقاد وصحفيين مختصين لن يتساهلوا أبدا  مع كاتب الكتاب وناشره والساعي بينهما، لو وقفوا مثلا على سبعين خطأ في الصفحات الأولى من رواية!
ملاحظــة
استباحة مهن خطيرة كنشر الكتب والصحف، اعتداء على الحاضر وتخريب للمستقبل!
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com