دسترة هيئة مُكافحــة الفساد يمنحهــا فعاليـة في أداء مهامهــا
أكد الخبير المالي نبيل جمعة في حوار خص به النصر، أن دسترة هيئة مكافحة الفساد تكتسي أهمية بالغة، حيث يساعد ذلك في عملية محاربة الفساد وتبييض الأموال، و يعطيها قوة أكبر وفعالية أكثر، مشيرا أن دسترتها تسمح بتفعيل القوانين وإلزام الهيئات المكلفة بالرقابة القيام بدورها بقوة الدستور.
حاوره: نورالدين عراب
النصر: تضمن مشروع تعديل الدستور الجديد دسترة هيئة مكافحة الفساد، أين تكمن أهمية ذلك؟
جمعة: دسترة هذه الهيئة له أهمية بالغة، بحيث يسمح بتفعيل وتطبيق القوانين المتعلقة بمحاربة الفساد، ولا يخفى على أحد أن الجزائر أمضت اتفاقية في 2004 مع الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وهذه الاتفاقية جسدت من خلال قانون مكافحة الفساد في سنة 2006، لكن المشكل بالنسبة للجزائر هو في تفعيل القوانين، وغياب الرقابة القبلية والفورية والبعدية، والهيئات الموجودة في النظام المصرفي لا تتماشى والمعايير الدولية، وبهذا فإن دسترة هيئة مكافحة الفساد يسمح بتفعيل هذه القوانين وتطبيقها في الميدان، فعلى سبيل المثال مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية لا تقوم بدورها كما ينبغي في عملية المراقبة، وبهذا فإنه بدسترة هيئة مكافحة الفساد، ستصبح هذه المؤسسات ملزمة بالقيام بدورها الرقابي، خاصة وأن الجزائر لا تعاني من مشكل غياب القوانين، وإنما في تفعيلها وتجسيدها في الميدان.
النصر: إذن نفهم من كلامك أن دسترة هذه الهيئة يعطيها قوة أكبر وفعالية في محاربة الفساد مستقبلا ؟
جمعة: نعم هذا ما ذكرت بالفعل، بحيث دسترة هذه الهيئة يساعد في تفعيل القوانين المتعلقة بمحاربة الفساد والاتفاقيات الدولية التي تعد بمثابة قوانين داخلية بالنسبة للجزائر، والمشكل اليوم كما ذكرت سابقا، هو في تطبيق القوانين والالتزام بالمعايير الدولية، ونشير في هذه النقطة إلى أن الأموال التي تختفي سنويا في العالم وتندرج ضمن مجال التبييض تقدر بـ5 بالمائة، في حين في الجزائر وصلنا إلى 30 بالمائة وفق تصريحات وزير سابق للتجارة، وهذا الرقم كبير جدا حيث يتجاوز المعدل العالمي، ولهذا لابد من برنامج سريع بعد تعديل الدستور لتفعيل مجلس المحاسبة، المفتشية العامة للمالية، والمفتشيات الولائية التابعة للبنك المركزي، كما أن دسترة هيئة مكافحة الفساد يجعل مهام هذه الهيئات تتغير وتقوم بدورها كما يلزم في مجال الرقابة ومحاربة الفساد.
النصر: إلى أي مدى تساعد رقمنة القطاعين المالي والاقتصادي في محاربة الفساد؟
جمعة: الرقمنة تعد خطوة إضافية في مسار إعداد استراتيجية لمكافحة الفساد، بحيث الرقمنة تجعلنا ننتقل نحو الشفافية، وهيئة مكافحة الفساد مبنية على الشفافية في نشاطها، كما أن المحاور الأساسية للرقمنة ومكافحة الفساد تتمثل في الشفافية وترقية نزاهة القطاع الاقتصادي وتعزيز دور وقدرات هيئات المراقبة، خاصة جهاز العدالة الذي يكون إضافة في مجال التعاون وتحصيل الأرصدة، واليوم لا بد أن يكون هناك تناغم وتناسق بين العدالة والشرطة والبنوك في مجال تحقيق الشفافية ومحاربة الفساد.
وصدور قوانين لمحاربة الفساد في الدستور يعزز دور كل الهيئات التي أشرت إليها سابقا وخاصة المفتشية العامة لوزارة المالية، ومديريات الرقابة في البنوك والشركات الكبري، كما أن الدستور الجديد بعد التصويت عليه يعزز كل القدرات لهذه الهيئات ويعطيها نفس جديد، وبالرقمنة يمكن المراقبة في كل وقت، كما نربح التكلفة من خلال التقليص من وجود الهيئات المتخصصة في الرقابة، ونشير مثلا في فرنسا خلال سنة واحدة بعد رقمنة وزارة المالية والضرائب ربحت 10 ملايير أورو، وبذلك اعتماد الرقمنة بين الضرائب والجمارك والبنوك يجعلنا نربح أموالا كبيرة من عملية التهرب، ولهذا أصبح من المستعجل رقمنة هذه الهيئات وتقديم لها القدرات في الميدان، ومتأكد أن الجزائر ستربح كثيرا من هذه العملية.
وفي نفس الوقت فإن الرقمنة تجعل سير المعلومة تتم بسرعة وشفافية كبيرة ووضوح وعملية المراقبة تتم في كل دقيقة والملفات لا يتم إخفاؤها، ومن محاسن الرقمنة أيضا في المجال المالي تتبع أثر العمليات المالية لمحاربة كل تبييض للأموال وغيرها، في حين يجب أن يتم كل ذلك في إطار المعايير الدولية، وبالاعتماد على خبراء جزائريين في هذا المجال، وفي الأخير نؤكد مرة أخرى أن الرقمنة هي الحل الأحسن لمحاربة الفساد لما تمتاز من خصائص الشفافية والوضوح في التسيير.