كتب نصر الفجوج صفحة جديدة في سجل كرة القدم القالمية بصعوده التاريخي إلى قسم ما بين الرابطات عبر بوابة الجهوي الأول لرابطة عنابة، على اعتبار أنها المرة الأولى التي ينجح فيها فريق من بلديات الولاية 24 في تخطي عقبة الجهوي، للتواجد في درجات أعلى غير بعيد عن «السرب الأسود»، و عليه فإن «النسور الجارحة» ستحلق الموسم القادم في سماء ما بين الجهات، في إنجاز كان و إلى وقت ليس ببعيد لا يختلف عن المعجزة، بالنظر إلى غياب «النصرية» نهائيا عن الساحة، وتقهقرها إلى القسم الولائي، لكن الانتفاضة كانت على أسس سليمة و صحيحة، فكانت ثمارها تحقيق حلم بعد انتظار دام 4 عقود.
إعتلاء «النصرية» منصة التتويج كان منطقيا، لكن جاء بعد مشوار مراطوني اضطرت خلاله أسرة الفريق إلى بذل مجهودات جبارة، في ظل المنافسة الشديدة التي كانت في جهوي عنابة هذا الموسم، على اعتبار أن «السيناريو» الهيتشكوكي الذي عايشه الفريق الموسم الماضي بقي راسخا في الأذهان، بحكم أن النصر كان قد أنهى مشواره في صدارة الترتيب مناصفة مع نجم البسباس، لكن حسابات فارق الأهداف حرمت أبناء الفجوج من فرحة الصعود، بعدما رجحت كفة البسباس، ولو أن الملفت للإنتباه هو أن الطاقم المسير للنادي أحسن التعامل مع تلك «النكسة»، حيث مرر عليها الإسفنجة بسرعة وفكر بجدية في الموسم الموالي، مع تسطير الصعود كهدف رئيسي.ا يجسد هذا الطرح موافقة المكتب المسير على مواصلة مهامه بصفة عادية، رغم الآثار النفسية التي خلفتها قضية تضييع الصعود، حيث أن رئيس النادي سليم بوذراع نجح في إقناع باقي طاقمه للعمل على أمل النجاح في تحقيق الصعود، فكانت اللجنة المكلفة بتسيير فرع كرة القدم برئاسة أمين سالمي في الموعد و عدلت عن قرار الإستقالة، لتكون أولى الخطوات الميدانية بتجديد الثقة في المدرب عمار حداد، مع الإحتفاظ بالركائز الأساسية للتعداد في صورة الأخوين مهدي و رمزي فرشيشي، متلاغلي، بلاغة، سعيود، غالمي، براهمية أسامة و المهاجم حدواس، مع تدعيم التشكيلة بعناصر لها خبرة في الجهوي الأول، إنطلاقا من المدافع العائد بلال عبدة، مرورا بثنائي أولمبي قلعة بوصبع هلال و يوسفي، وصولا إلى المهاجمين جلاد، سعايدية و كذا المدافع المحوري حسان دزيري. هذا وكانت إنطلاقة الفريق موفقة بتدشين الموسم بإنتصار خارج الديار، لكن التعادل داخل القواعد مع وفاق سوق أهراس في الجولة الرابعة، قابلته موجة غضب في أوساط الأنصار، الأمر الذي دفع بالمدرب حداد إلى رمي المنشفة، بعدما قاد النصر على مدار موسمين متتاليين، مما جعل الإدارة تستنجد بخدمات مدرب الأواسط نورالدين براهم للإشراف على التشكيلة إلى غاية نهاية مرحلة الذهاب، حيث كانت النتائج إيجابية، بإنهاء «النسور» النصف الأول من البطولة في المركز الثاني برصيد 30 نقطة، والتأخر بخطوة واحدة عن بطل الشتاء شباب هيليوبوليس.مشكل غياب الإستقرار على مستوى العارضة الفنية للفريق طفا مجددا على السطح مع إنطلاق مرحلة الإياب، حيث إنسحب المدرب براهم مباشرة عقب التعادل في عقر الديار مع أولمبي بومهرة، لتشرع الإدارة في رحلة البحث عن مدرب قادر على قيادة السفينة و الرسو بها في ميناء ما بين الجهات، فوقع الإختيار على اللاعب الدولي السابق ياسين سلاطني، الذي أخرج الفريق من فترة الفراغ التي مر بها بإستعادة نغمة الإنتصارات، رغم الهزيمة التي مني بها داخل القواعد على يد الجار هيليوبوليس في الجولة الثالثة من مرحلة العودة، لأن الإنطلاقة الفعلية للنصرية كانت بداية من الجولة 19 لما أعطت السباق ريتما سريعا بفوز حققته في سوق أهراس، أعقبته بسلسلة من الإنتصارات تخللها تعادل وحيد في عقر الديار مع شباب وادي الزناتي، ولو أن مؤشرات الصعود لاحت في الأفق بعد فوز بني فوغال على قلعة بوصبع في المحطة 23، لأن هذا الإنجاز كان كافيا لغربلة قائمة الطامحين، ببقاء المعادلة ثلاثية و إخراج القلعة و بوخضرة من السباق، قبل أن تتضح الرؤية أكثر عقب العودة بكامل الزاد من حمة لولو، مقابل سقوط «البوليس» في سدراتة، لتكون مباراة الصعود في بن مهيدي، حيث أن تخطي عقبة المستضيف إتحاد داغوسة بنجاح أعطى إشارة إنطلاق الأفراح في الفجوج، قبل إقامة العرس الأكبر بمناسبة اللقاء الأخير داخل الديار ضد إتحاد سيدي عمار.على صعيد آخر فإن القراءة التحليلية في مسيرة نصر الفجوج تبين بأن الفريق إستمد قوته من النتائج الإيجابية التي حققها خارج الديار، لأنه حصد 34 نقطة خارج القواعد، مقابل 31 نقطة فقط بملعبه، أمر يؤكد على أن التشكيلة تلعب متحررة من جميع الضغوطات في تنقلاتها، بدليل أنها لم تتذوق مرارة الهزيمة بعيدا عن الديار سوى في الجولة الأخيرة، وفي مباراة شكلية ضد نجم العقلة، مقابل تلقي هزيمتين داخل القواعد على يد كل من قلعة بوصبع و البوليس، رغم أن المئات من المناصرين الأوفياء ظلوا يرافقون «النصرية» في جميع رحلاتها، على اعتبار أن مشجعي الفجوج ما فتئوا يسرقون الأضواء على مدار 3 مواسم في الرابطة الجهوية، بوقوفهم إلى جانب الفريق.صعود النصر إلى قسم ما بين الرابطات وإن أدخله تاريخ الكرة القالمية فإنه يبقيه بحاجة إلى المزيد من الدعم، لأن مشكل الملعب يبقى مطروحا، كون الفريق إضطر إلى الإستقبال في هيليوبوليس، ثم وادي الزناتي قبل تلقي الضوء الأخضر للإستقبال في مركب سويداني بوجمعة بعاصمة الولاية، في الوقت الذي يبقى فيه مشروع تهيئة و تأهيل الملعب البلدي بالفجوج رهينة إجراءات إدارية متعلقة بالصفقة، على اعتبار أن العملية مسجلة، ورصد لها غلاف مالي بقيمة 12 مليار سنتيم من مديرية الشباب و الرياضة لتفريش الأرضية ببساط إصطناعي، مقابل تسجيل مشروع تكميلي للمدرجات وغرف تغيير الملابس من البلدية، لأن هذا الإنجاز التاريخي كفيل بتعبيد الطريق أمام فرق أخرى من الولاية، للإرتقاء إلى أقسام عليا و تخطي عقبة الجهوي.
الأجواء الاستثنائية التي تعيشها بلدية الفجوج هذه الأيام هزت مشاعري، كيف لا وأنا أرى حلما كان قد راود والدي قد تحقق ميدانيا، لأنه كان قد تقمص ألوان «النصرية» في سنوات عديدة، وأدى مشوارا كبيرا مع الفريق، لكن وبعد حملنا المشعل رفقة شقيقي رمزي و كذا باقي الزملاء نجحنا في تجسيد هدف لم يكن مسطرا، لأن قسم ما بين الجهات يعد أبسط مكانة يستحقها فريق الفجوج، بالنظر إلى سياسة التكوين التي ينتهجها، وهذا الصعود هو الثاني لي مع الفريق، رغم تقدمي في السن، لكنني مازلت قادرا على وضع خبرتي في خدمة النصر، على أمل النجاح في رد جزء من الجميل للمدرسة التي تربيت و ترعرعت فيها، وإذا ما قررت الاعتزال فإنني سأكون مرتاح البال، مادمت عنصرا من المجموعة التي أدخلت الفريق التاريخ بصعود إلى قسم ما بين الرابطات.
الحقيقة أن اللعب في أقسام عليا كان بمثابة الحلم الذي راودنا في سنوات سابقة، لما كان فريقنا يضم لاعبين ممتازين من أبناء البلدية، وسيناريو الموسم الماضي جعلنا نصر على رفع التحدي، مادام الجميع قد ألح على ضرورة مواصلة العمل و قطف ثمار المجهودات الجبارة المبذولة على مدار مواسم عديدة، كون منطقة الفجوج تشتهر بالعمل القاعدي و التكوين، رغم نقص الإمكانيات المادية، لكن روح المجموعة والثقة المتبادلة بين اللاعبين و الطاقم المسير صنعت الحدث، دون نسيان دعم السلطات المحلية من بلدية، ولاية، مديرية الشباب و الرياضة، إضافة إلى وقوف رجال المنطقة إلى جانب الفريق، بقيادة الحاج عمر محمداتني الذي يعتبر الأب الروحي للفريق، وكذا الأنصار الذين ساندوا التشكيلة طيلة مشوار مراطوني، ولو أن النصر يبقى بحاجة إلى إعانات مالية للتخلص من إرث الديون المتراكمة قبل التفكير في المستقبل القريب، فضلا عن مشكل الملعب، لكننا في هذه الفترة منشغلون بالفرحة بالإنجاز المحقق.
صدقوني أنني كنت شديد التأثر في نهاية الموسم الماضي، لما خطفت منا تأشيرة الصعود بسيناريو لا رياضي، لكن ذلك لم يمنعنا كلاعبين من رفع التحدي والإصرار على تحقيق الهدف، لأن الصور الذي يصنعها أنصارنا الأوفياء منذ إلتحاقي بالفريق أجبرتني على البقاء في النصر لموسم آخر، والآن و بعد النجاح في تجسيد هذا الحلم من حقنا كلاعبين أن نفتخر بأننا أول فريق من بلديات الولاية، ينجح في ضمان التواجد في قسم ما بين الرابطات، وقد كان سلاحنا الوحيد العمل الجدي والثقة بين أفراد العائلة، لأننا كنا بمثابة أسرة واحدة، و الدليل على ذلك أننا نمتلك دفاعا صعبا يؤكد تلاحم المجموعة، كما أن تسجيل الأهداف لا يبقى حكرا على المهاجمين فقط .
هذا الصعود هو هدية مني إلى سكان بلدية بن جراح التي أقطن بها وكم تمنيت صعود فريقها إلى الجهوي الثاني، كما أنه أغلى تكريم لأنصار نصر الفجوج الذين لم يفقدوا الأمل في اللعب في قسم ما بين الرابطات، بعد نكسة الموسم المنصرم، والمجموعة حافظت على ثقتها وتماسكها بفضل دعم الأنصار، رغم أن الأمر لم يكن سهلا، لأن المنافسة كانت قوية في مجموعة ضمت 6 فرق من ولاية قالمة، مما جعل طابع الديربي يطغى على معظم المباريات، لكننا برهنا بأننا الأقوى، وقوتنا لم تكن في خط الهجوم فقط، بل أن التشكيلة منسجمة ومتكاملة، وكنا نسعى من أجل تحقيق الانتصارات، ولا يهمنا من يسجل الأهداف، رغم أنني أمضيت 40 هدفا في موسمين، لكنني لم أكن أبحث عن الإنجازات الشخصية بقدر ما يهمني صعود النصر .
ما عساني أقول سوى أن اللعب في قسم ما بين الرابطات لم يكن يراود أحدا في بلدية الفجوج، بالنظر إلى الظروف الصعبة التي مر بها الفريق في سنوات سابقة، لكن وبعد النجاح في الصعود إلى الجهوي، نجحنا في كسب مجموعة منسجمة و متكاملة، أثبتت قوتها ميدانيا، وكان هدفها الرئيسي المحافظة على الصدارة خاصة في مرحلة العودة من البطولة، وتسيير الفارق الذي يفصلنا عن باقي الملاحقين، ولو أن هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا تظافر جهود الجميع، لأن تضحيات اللاعبين قابلتها وقفة المسيرين و الأنصار إلى جانبهم.
ما هو مؤكد أن الصعود جاء بعد تضحيات كبيرة من اللاعبين والطاقم المسير وحتى الأنصار، لأن المشوار كان طويلا، وتخللته الكثير من العقبات، لكن قطف الثمار ينسينا كل المتاعب، لأن سيناريو الموسم الماضي مازال راسخا في ذهني، لما حرمنا من ورقة الصعود بطريقة تركت أثارا نفسية في قلوب الجميع، لكن الإصرار على رفع التحدي دفعنا إلى مواصلة العمل بنفس العزيمة، و سر نجاحنا يكمن أساسا في العمل الجماعي، لأننا عبارة عن عائلة واحدة تعمل كرجل واحد من أجل هدف معين، والأنصار الأوفياء كانوا في المستوى و وقفوا إلى جانب التشكيلة في كل المباريات، ليكون الإنجاز تاريخيا ، كيف لا و الفجوج تعد من أحسن المدارس الكروية لكنها ظلت تعاني في الأقسام الدنيا، وأبناؤها ما فتئوا يصنعون أفراح فرق كبرى على الصعيد الوطني، وهو أمر جعلنا نصر على ضرورة نفض الغبار على هذا الفريق و إخراجه إلى دائرة الأضواء، بصرف النظر عن الأجواء التي تعيشها البلدية، والتي تبقى كرة القدم المتنفس الوحيد لشبانها، ولو أنني أستغل الفرصة للتنويه بالعمل الذي بذله كل المدربين الذين تعاقبوا على الفريق هذا الموسم، من حداد إلى براهم و سلاطني وصولا إلى اللاعب سعيود محمد الذي قاد التشكيلة مؤقتا في الجولات الأخيرة.
حراس المرمى: حسام الدين متلاغي – سليم بولحناش – جمال ماضي.
الدفاع: بلال عبدة – كمال سيريدي – نذير بوشارب – حمزة بلاغة – حسان دزيري – صلاح الدين بورنان ـ سليم بن يونس.
وسط الميدان: مهدي فرشيشي – أسامة براهمية – رمزي فرشيشي – أسامة هلال – نصر الدين زيتوني – عثمان غالمي.
الهجوم: محمد سعيود ـ عادل عياش – أيوب سعايدية – سامي جلاد– وليد حدواس ـ بوبكر يوسفي.
المدرب المؤقت: محمد سعيود.
رئيس النادي: سليم بوذراع
رئيس فرع كرة القدم: أمين سالمي.
طبيب الفريق: مراد بورمانة
المسيرون: محمد ماضي – سليم زيتوني – محمد الصالح بن طبولة – يزيد بولاحة – عبد المالك بوذراع ـ محمد زميتي ـ محمد بودور.