ركود في سوق المواشي و اختفاء لمظاهر العيد بالبرج
تشهد، ولاية برج بوعريريج، خلال هذه الأيام، ركودا تاما في تجارة الماشية و اختفاء شبه تام لمظاهر عيد الأضحى، خلافا للسنوات الفارطة التي كانت تنتشر فيها نقاط بيع المواشي، و المساحات المخصصة للبيع على طول الطرقات و بضواحي المدن، ناهيك عن فتح مستودعات الموالين و مستثمراتهم لبيع الأضاحي قبل العيد بحوالي شهر، فيما لاتزال هذه المظاهر غائبة بكبرى المدن و بأغلب بلديات الولاية لحد الآن، رغم قرب موعد عيدالأضحى الذي لم يعد يفصلنا عنه سوى بضعة أيام.
غياب شبه تام لمظاهر العيد واختفاء لمساحات بيع المواشي
و للتأكد من شكاوى الموالين و الفلاحين بخصوص ركود سوق المواشي طيلة الفترة الأخيرة و تفسيرها بضعف القدرة الشرائية و انعكاسات الحراك على التجارة بشكل عام، ناهيك عن تزامنها مع فترة العطلة الصيفية أين توجهت العائلات إلى المدن الساحلية و موسم الأفراح و الأعراس، تنقلنا على طول الطريق الوطني رقم 106 و عبر مختلف النقاط المعروفة خلال السنوات الفارطة بانتشار نقاط بيع المواشي، خصوصا على مستوى منطقة عين السلطان و قرية عوين الزريقة و وادي ورديق و غيرها من نقاط البيع التي كانت تنتشر كالفطريات بين بلديتي مجانة و ثنية النصر، خصوصا على مستوى قرى المشرع، أولاد عطية، واد صياد و عين الشيوان، لكننا لم نصادف و خلافا للسنوات الفارطة، في طريقنا من مدينة البرج إلى غاية بلدية ثنية النصر، أية نقطة لبيع المواشي كما غابت مظاهر العيد عن المدن على غرار مدينتي البرج و مجانة، فيما كانت تشهد نزول الموالين و التجار عبر مختلف المساحات الشاغرة بضواحيها، لتنصيب زرائب و تخصيص مساحات محروسة لبيع الاضاحي و التبن و الكلأ قبل موعد العيد بأزيد من شهر.
و بالنظر إلى غياب و اختفاء نقاط البيع على جوانب الطرقات و بضواحي المدن، تحتم علينا البحث عن مستثمرات فلاحية لتربية المواشي، بعد وصولنا لبلدية ثنية النصر، أين تم توجيهنا إلى مستثمرة بن عروج الفلاحية الواقعة بمنطقة أشراح على بعد حوالي كيلومترين من مقر البلدية و على الحدود مع بلدية القلة و بوصولنا إلى هذه المستثمرة، وجدناها شبه مهجورة، ما عدا تواجد أخوين بها، مصطفى المهتم بتربية الماشية و السهر على تسيير المستثمرة الفلاحية التي يتنوع فيها استثمار الأخوين بين تربية الدواجن و دجاج البيض و تربية المواشي و شقيقه جمال المشرف على عمليات البيع و المهتم بتجارة اللحوم و أسواق الماشية، أين كان لنا لقاء معه، أكد فيه على إطلاعه على أغلب الأسواق بالوطن، بما فيها التوجه للأسواق و الموالين المتواجدين بالولايات الصحراوية، على غرار الجلفة و تيارت التي تتواجد بها أجود أصناف الماشية، ناهيك عن الأسواق المجاورة بولايات البرج و البويرة و أقبو بولاية بجاية، مشيرا إلى أن تجارة الماشية تعرف ركودا كبيرا خلال الفترة الأخيرة، خاصة ما تعلق منها ببيع أضاحي العيد، مرجعا ذلك إلى تأثر المواطنين بغلاء الأسعار و تراجع القدرة الشرائية، فضلا عن تأثير الحراك، حسبما أضاف على النشاطات التجارية بصفة عامة.
و قال هذا الموال، بأنه و على العكس من السنوات الفارطة، فإن عمليات بيع الأضاحي ما زالت جد محتشمة، في حين كانت المستثمرة تعج بالزبائن و الراغبين في شراء الأضاحي، قبل موعد العيد بحوالي شهر أو شهر و نصف، ما يحتم عليهم بيع منتوج المستثمرة قبل موعد العيد بحوالي أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع و شراء قطعان الماشية لإعادة بيعها، لكن في هذا العام بقيت أغلب الأضاحي بدون بيع، كما أن المستثمرة تعرف توافد الزبائن بأعداد قليلة.
توفر تغذية الأنعام لا يضطر المربين لتخفيض الأسعار
من جانبه أشار مصطفى، إلى إمكانية انتظار المواطنين للأيام الأخيرة قبل العيد، طمعا في تراجع الأسعار مثلما كان عليه الحال خلال السنوات الفارطة، أين شهدت سوق المواشي انخفاضا غير مسبوق قبل أيام فقط من العيد بما يقارب المليون سنتيم، لكنه أشار إلى أن السوق هذا العام مختلف تماما عن السنوات الفارطة، بالنظر إلى توفر تغذية الأنعام و المواشي، خاصة ما تعلق منها بحزم التبن و الكلأ و بأسعار جد منخفضة، فضلا عن وجود بوادر لقضاء عام مريح من ناحية مساحات الرعي، ما يجعل الموالين و بالأخص كبار الموالين في الولايات الرعوية على غرار الجلفة و الأغواط و تيارت في أريحية و ليسوا مضطرين للبيع مثلما حدث لهم خلال السنوات الفارطة، تحت ضغط الجفاف و غلاء التغذية و هو ما يزيد من الاعتقاد بأن الأسعار ستبقى مستقرة حتى في حالة ركود عمليات البيع.
هناك من يشتري الأضحية للتباهي ويشتكي من ارتفاع ثمنها
و خلال تواجدنا بهذه المستثمرة، التقينا بأحد المواطنين ( عادل_ص)، الذي أكد على أن السعر في المتناول، كونه على اطلاع بمتاعب الموالين، لكن قد يعتقد البعض أو أغلبية المتسوقين حسبما أضاف بأن الأسعار مرتفعة، كونهم ينظرون إلى سعر الكبش الذي يتجاوز عتبة الخمسة ملايين و قد يصل إلى ستة ملايين، لكنهم يتغاضون عن الأمور الأخرى المتعلقة بغلاء أسعار الأعلاف و الأدوية و الخسائر التي تكبدها الموالون بسبب مرض الطاعون و الأوبئة الفتاكة، بالإضافة إلى متاعبهم في الاعتناء بهذا النوع من المواشي لمدة قد تصل لعامين، مضيفا بأن البعض يقدم على شراء الكباش للتباهي بها، في حين تركز أغلب العائلات الفقيرة على قضاء السنة و شراء الأضحية حسب حالتهم الاجتماعية و المادية و كذلك حسب عدد أفراد الأسرة، حيث وجدناه في اتصال مع أخته المغتربة إذا كانت ستنزل ضيفة عنده خلال أيام العيد أم لا، لتحديد نوع الأضحية و ثمنها، مشيرا إلى أنه ضد التبذير و شراء الأضاحي من أجل التباهي و الاكتفاء بشراء أضحية تتناسب مع احتياج عائلته الصغيرة في حال تعذر مجيء شقيقته مع أولادها.
أسعار ما بين مليونين و أزيد من 5 ملايين
و في نفس السياق، أكد جمال بن عروج موال و تاجر، على أن الأسعار خلال هذا العام، عرفت استقرارا مع تسجيل فارق طفيف مقارنة بالعام الفارط، يتراوح بين ألف إلى ألفي دينار، مضيفا بأن الركود المسجل في البيع و نقص الاقبال من طرف المواطنين لحد الآن، حافظ على استقرار الأسعار، عكس لو كان الطلب متزايد على الماشية، ما يجعل الموالين و بالأخص التجار، يقدمون على تخفيض أسعارها و الاكتفاء بتحصيل فوائد من رؤوس الماشية المباعة، أي التركيز على الكمية بدل التركيز على رفع الأسعار في حد ذاتها، مضيفا بأن الأسعار تتراوح بين مليونين إلى أزيد من 5 ملايين سنتيم حسب الصنف و النوع و الوزن و حتى الجنس، فسعر الكباش أغلى من النعاج .
ع/ بوعبدالله