يتمنى المخرج و المنتج التلفزيوني حمزة زيتوني، أن تكون سلسلته «دكتور ميدسو» التي تعرض في شهر رمضان الجاري عبر التلفزيون الجزائري، فاتحة إنتاج أفلام أنيميشن جزائرية .
وهيبة عزيون
و في حواره مع النصر، أكد المخرج أن هذه السلسلة الجديدة ، جزائرية بامتياز، خلافا لبعض التجارب السابقة القليلة جدا التي تمت الاستعانة فيها بتقنيين من تونس، مشيرا إلى النقص الكبير في التقنيين الفنيين المتخصصين في «الأنيميشن» و تحريك الصور بالتقنية ثلاثية الأبعاد، إلى جانب شح الإمكانيات التكنولوجية ، و هذا ما جعل الجزائر تتأخر كثيرا لدخول هذا المجال، عكس دول العالم و حتى بلدان مجاورة.
و عن إمكانية إنتاج جزء ثاني من «دكتور ميدسو» ، لم يستبعد حمزة زيتوني الأمر ، لكنه ربطه بتوفر بعض العوامل، من أجل تقديم سلسلة أحسن من الأولى التي تحظى حاليا بقبول الجمهور الجزائري، كأول تجربة تحاكي يوميات المواطن بتقنية الرسوم المتحركة .
العمل هو الأول من نوعه بالجزائر
. النصر: هل درست هذا التخصص؟
ـ حمزة زيتوني: أنا مخرج و منتج تلفزيوني، متحصل على ماجستير في العلوم السياسية، فضلت التوجه نحو الإخراج و تعاملت مع عدة قنوات تلفزيونية في مجال الإشهار التلفزيوني و التسويق و الإخراج بالمؤثرات البصرية منذ سنة 2010.
. لماذا فضلت الإخراج على العلوم السياسية؟
ـ لا أخفي حبي للعلوم للسياسية التي درستها عن اقتناع، لكن الإخراج هو عشق الطفولة الذي ترعرع و كبر معي ، ففي صغري كنت أهوى التقاط الصور و في سن 14، حظيت بآلة تصوير خاصة بي، وعندما كبرت كنت أسعي دوما لتطوير قدراتي في هذا الجانب، بالموازاة مع دراستي الجامعية ، و حظيت بفرصة التربص في محطة قسنطينة الجهوية للتلفزيون، و حدث احتكاك جميل بيني و بين التقنيين و المخرجين ، ثم أتيحت لي فرصة التعامل مع عدد من وكالات الإشهار، و بدأت أنتج أعمالي الخاصة ، و بعد التخرج من الجامعة فضلت الاستمرار في هذا المجال .
. حدثنا عن سلسلة «دكتور ميدسو» كأول سلسلة جزائرية فكاهية بتقنية الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد؟
ـ قبل سنة طرح المدير الفني عمار حسمي، فكرة إنتاج سيت كوم جزائري محض ثلاثي الأبعاد ، وبعد ذلك قمت مع الطاقم التقني الذي يشاركني العمل بإنتاج و إخراج ومضات تحسسية و توعوية لصالح منظمة «يونيسيف» في الجزائر و منظمة الصحة العالمية بتقنية ثلاثية الأبعاد، ما ساعدنا كثيرا على تطوير قدراتنا في هذا الجانب، و منحنا الثقة لتجسيد الفكرة و إنتاج أول سلسلة فكاهية جزائرية ثلاثية الأبعاد، خلافا للتجارب السابقة التي كانت عبارة عن أعمال مشتركة، كما هو الحال مع سلسلة « المفتش الطاهر» التي كانت مشتركة مع تقنيين من تونس.
نعاني نقصا كبيرا في التقنيين و المعدات لهذا النوع من الإنتاج
. كم استغرق انجاز السلسلة لتكون جاهزة للعرض؟
ـ استغرق العمل سنة كاملة، و كانت البداية مع ورشة الكتابة و السيناريو مع نسيم حمدوش و الرسام الكاريكاتوري باقي بوخالفة، وكان التحدي الأكبر بعد كتابة السيناريو، هو كيف يمكن تجسيد الشخصيات المكتوبة، فليس كل الشخصيات قابلة للتجسيد بهذه التقنية، خاصة الثانوية التي تشارك كضيوف في الحلقات. كان العمل دقيقا ومضنيا من خلال الاتفاق على شكل كل شخصية وملامحها ، ثم يتم العمل عليها تقنيا، بتطويرها بعمق ونحتها بالتقنية ثلاثية الأبعاد ، بعدها تأتي ورشة التحريك الفني و هو مستوى ثان من العمل تطلب جهدا كبيرا وتقنيات دقيقة واستخدمنا فيها لأول مرة في الجزائر آلة «موشن كابتير»، و هي عبارة عن جهاز به مجسات يلبسها الممثل و يؤدي شخصيته كما هي مكتوبة، من أجل التقاط حركاته وإدخالها إلى جهاز الكمبيوتر وتركيبها على الشخصية التي تم نحتها، و هو عمل دقيق جدا، لكننا تحدينا الوقت و نجحنا في إنتاج «دكتور ميدسو» خلال سنة واحدة، بينما كان من المتوقع أن نستغرق سنتين ليجهز العمل.
. هل تطابق العمل النهائي مع ما خططتم له في البداية؟
ـ رغم حجم العراقيل المطروحة وهي تقنية بحتة استطعنا رفع التحدي و العمل بما هو متاح، من أجل تقديم عمل « أنيميشن» قريب من المستوى الموجود في العالم و الدول الشقيقة ، و النتيجة كانت مرضية إلى حد كبير.
. لماذا تم اختيار الطبيب كشخصية محورية؟
ـ كانت هناك مشاورات حثيثة بين فرق العمل، و في الأخير اخترنا الطبيب لعدة اعتبارات، فهي شخصية غير محدودة لها علاقة دائمة مع المواطن، و له القدرة على التأثير ، و هو نموذج جديد لما شاهدناه من قبل في السلسلات الفكاهية التي كانت تتناول بعض الشخصيات أو المهن، على غرار الكاتب العمومي في سلسلة «أعصاب و أوتار» الشهيرة، و لأول مرة يتم التركيز على مهنة الطبيب و حياته الشخصية، كشاب يتقاسم مع أقرانه نفس الواقع و الطموحات و العراقيل، و شخصية اجتماعية متفتحة على الجميع، و يتقاطع في الكثير من تفاصيل حياته مع أي مواطن عادي.
.لم يخل العمل من الرسائل الضمنية ؟
ـ نعم و هذا ما يجب أن يكون في أي عمل ، لكي لا يكون فارغا دون محتوى ، فرغم طغيان الفكاهة على المشاهد التي تعالج يوميات المواطن الجزائري ، غير أنها تحمل معان كبيرة ،كما هو في حلقة «الميراث» و «الزواج «و «الضرائب» و غيرها.
. بعد عرض أكثـر من نصف السلسلة كيف كانت انطباعات الجمهور ؟
ـ انطباع مقبول إلى حد كبير ، فهناك بعض الحلقات التي تم تداولها بشكل كبير على مواقع التوصل الاجتماعي، خاصة تلك التي تمس المواطن البسيط ، لكننا تلقينا بعض الملاحظات تتعلق أغلبها بمدة السلسلة، فكثيرون استاؤوا من قصر الحلقات.
. ما هي العوائق التي واجهتموها خلال انجاز السلسلة؟
ـ أول عائق واجهناه هو نقص الفنيين، خاصة في مجال التقنية ثلاثية الأبعاد ما أجبرنا على العمل بأقل من نصف العدد المفروض أن تضمه أي ورشة إنتاج مسلسل «أنيميشن»، فكان عددنا ستة و أحيانا أخرى نصل إلى ثمانية تقنيين وكان ذلك أكبر تحد بالنسبة إلينا، وقد راهنت كمنتج و مخرج على العمل و أتمنى أن يكون بداية لهذا النوع من الإنتاجات في الجزائر، و تفتح شهية المنتجين. أما العائق الثاني فيتعلق بعدم توفر التجهيزات و التكنولوجيا و المعدات اللازمة لإنتاج مثل هذه السلسلات.
. هل سنرى جزء ثان من «دكتور ميدسو»؟
ـ إمكانية إنتاج جزء ثاني من السلسلة الفكاهية «دكتور ميدسو» مرتبط بتوفر مجموعة من الشروط لتقديم عمل أحسن مما قدمناه هذه السنة ، فأنا شخصيا لا أرضى بتقديم نفس المستوى في الجزء الثاني، بل سأسعى لتطويره وتقديمه بشكل أفضل مما شاهده الجمهور، وهذا لن يحدث إلا بتوفر التقنيين الفنيين والأجهزة و التكنولوجيا المتطورة.
أتمنى أننا ساهمنا من خلال السلسلة في فتح شهية المنتجين و المخرجين و التقنيين لولوج عالم « الأنيميشن» لنرى منافسة و أعمالا أخرى في المستوى.
و.هـ