عاد منتجو القمح بقالمة إلى الطرق التقليدية القديمة لإنتاج البذور المحلية من محصول الحصاد لمواجهة الارتفاع الكبير للأسعار و نقص الأصناف الجيدة بمخازن البذور الحكومية التي لم تعد قادرة على تلبية رغبات المنتجين مع بداية كل موسم فلاحي جديد.
و لم يعد هؤلاء المنتجون يعولون كثيرا على القائمة الطويلة التي تعدها مخازن البذور مع بداية الموسم الفلاحي الجديد، مؤكدين بأنه أصبح من الصعب الحصول على البذور المطلوبة في الوقت المناسب، و ربما يحتاج الأمر إلى مدة أطول قد تتجاوز موعد البذر، كما حدث خلال المواسم الماضية، عندما تكبد منتجو القمح بقالمة خسائر كبيرة بعد تأخر عملية البذر بسبب نقص البذور.
و قد تجهزت مطاحن القمح الصغيرة بقالمة بمعدات التصفية و فرز النوعية الجيدة من القمح الموجه للبذر، و معالجته بالمواد المضادة للأمراض الفطرية، كالتسوس و السبتوريوز و التفحم و التفحم السائب و التفحم المغطى، و أصبحت هذه المطاحن المنتشرة عبر مختلف مناطق الولاية مقصدا لمنتجي القمح، حيث وجدوا فيها ضالتهم، و أغرقوها بأطنان من القمح المتعدد الأصناف، لتنقيته من الشوائب و تمريره على معدات الغربلة للحصول على بذور بحجم أكبر، تخضع للمعالجة بمضادات الأمراض الفطرية التي أنهكت منتجي القمح بقالمة، و كبدتهم خسائر كبيرة في السنوات الأخيرة.
و قال حفيظ بوقفة، المزارع القادم من بلدية عين صندل إلى إحدى مطاحن القمح بقالمة، بأنه ينتج بذور الموسم الفلاحي الجديد بطريقة تقليدية حيث يترك كمية من محصول الحصاد بمخزن المزرعة و يكون من النوع الجيد، و عندما يقترب موعد البذر يتوجه إلى المطحنة لإعداد البذور و معالجتها، و إعادتها إلى المزرعة في انتظار الموعد المحدد للبذر.
و أضاف حفيظ بوقفة متحدثا للنصر بأنه تخلص من عبء الانتظار الطويل بمخازن البذور الحكومية، و أصبح هو من يختار نوع البذور التي يريد، و الوقت المحدد لمعالجتها و تحضيرها للبذر، دون تكاليف مرهقة، و دون انتظار و إهدار للوقت، مؤكدا بأن الأجداد القدامى كانوا يحتفظون بالبذور في مزارعهم، سواء تعلق الأمر بالقمح أو بالشعير و الحمص و الفول، و لا ينتظرون موعدا قد يستغرق وقتا طويلا بمخازن البذور، التي تعمل بإجراءات إدارية مرهقة، شكلت متاعب كبيرة للعاملين بقطاع الزراعة المحلية.
و يعتقد المزارعون بأن البذور التي يتم تحضيرها بالمزرعة و المطحنة ذات نوعية جيدة و ملائمة للتربة و مناخ المنطقة، و ربما أكثر مقاومة للأمراض و الجفاف مقارنة بالبذور القادمة من أقاليم أخرى مختلفة المناخ و التربة.
و تعد متاعب الانتظار الطويل، و الأسعار الملتهبة لبذور القمح، الدافع الرئيسي لهؤلاء المزارعين الذين أصبحوا يعتمدون على الطرق التقليدية لمعالجة ما يحتاجونه من بذور للموسم الجديد، رغم ما تنطوي عليه هذه الطريقة من مخاطر كسوء الاختيار الجيد للبذور الخالية من العيوب، و مدى صلاحية و فعالية محاليل المعالجة، و مدة التخزين، و غيرها من العوامل التقنية التي تتحكم في نوعية البذور، كما قال المهندس الزراعي نبيل عثمانية للنصر، مضيفا بأن بعض صغار الفلاحين ربما يفضلون المحافظة على الأصناف البيولوجية القديمة من القمح، و هي غير متوفرة بمخازن البذور بينها صنف الهذبة و الروماني، مؤكدا بأن مردود هذه الأصناف ضعيف جيدا، و لا يتجاوز معدل الاستهلاك العائلي، مقارنة بالأصناف المطورة ذات المردود الاقتصادي العالي.
فريد.غ