أجرت الحماية المدنية بقالمة، يوم الخميس، مناورة افتراضية مثيرة و شاقة، لإنقاذ تائهين داخل كهوف غار جماعة الواقعة ببلدية بوحمدان، انقطع الاتصال بهم و لا أحد يعرف العمق الذي بلغوه و لا الاتجاه الذي سلكوه داخل متاهة مرعبة من الكهوف الغائرة تحت الأرض.
وحسب، سمير بورموم، رئيس بلدية بوحمدان التي نظمت المناورة لتطبيق مخطط الطوارئ «أورساك»، فإن جميع المقاييس الخاصة بمخطط النجدة وتنظيم الإسعافات، قد تمت دعوتها للمشاركة رفقة جمعية غار جماعة و مواطنين.
و بدأ التمرين التطبيقي بوصول بلاغ مفاده فقدان مجموعــة من المواطنين داخل مغـــارة غــــار الجماعة، و عددهم عشرة أفراد بعد أن دخلوا المغارة لغرض سياحــــي، لكن رغــــم مرور عدة ساعات لم يظهر لهم أثر مما يوحي بحادث خطير بالداخل، ويدعو إلى تفعيل مخطط النجدة من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي.
بعد دراسة تحليلية سريعة للمشكلـــة من حيث حجمها وآثارها المفترضـــة ، قـــرر رئيس المجلس الشعبي البلدي وفقا للقانون ساري المفعول، إطلاق مخطط النجدة حيث تم الاتصال بجميع المعنيين و مسؤولي المقاييس
وكان التجاوب فوريا، حيث لبى الجميع نداء التدخل، كلا حسب مهامه بتوفير الوسائل البشرية والمادية وتنقلت كل المقاييس إلى الموقع بسرعة وفي المقدمة فريق الحماية المدنيــة العامل بوحدة حمام دباغ، مدعوما بالفرقة المختصة بالتسلق، و فرقـــة الـــدرك الوطني لبلدية بوحمدان و مسؤولي المقاييس المحليين و الأمين العام لدائرة حمام دبـــــــاغ، حيث تم إنشاء مركز قيادة عند مدخل غار الجماعة و صدور الأوامر بدخول أفراد الحماية المدنية إلى الكهوف السحيقة في حدود الساعة العاشرة صباحا، مدعمة بالفرقة الخاصة بالتسلق و بمرافقة أفراد من جمعية غار الجماعة بجميع تجهيزاتهم، وهم الأدرى بالمسالك و الاتجاهات داخل الكهوف.
وبعد مرور ساعة من البحث والتعقب، تم تحديد مكان الضحايا بدقة، وحصر الأعراض و الإصابـــــات التي تعرض لها الضحايا العشر و هم من جنس ذكر كانوا تحت وقع الصدمة بسبب الهلع و هـول الحادث المتمثل في تعطل أجهـــزة الإنارة اليدويـــة، مما تسبب في انـــزلاق وسقوط شخصين تعرضا على إثرها لكسور متفاوتة الخطورة.
و على الفور تم إجلاء 8 ضحايا كمرحلة أولى خارج غار الجماعة، تم التكفل بهم من طـرف الفريق الطبي والنفسي المتواجد بالموقع، بينما كان المصابان داخل الكهوف يتلقيان الإسعافات الأولية قبل إخراجهما بطريق تقنية معقدة و نقلهما إلى المستشفى
و قد تم عقد اجتماع تقييمي بمقر القيادة الميداني، لحصر و تسجيــل النقائــص الملاحظـــة أثنـــاء التمريـن، وخلص المشاركون إلى أن المناورة كانت ناجحـــة وفعالة من جميــع جوانبها، و لم يتم تسجيل أي خلل، و الأهم من كل هذا هو عدم تسجيل خسائر بالأرواح، حيث صدرت الأوامر بإعادة انتشار جميع المقاييس المشاركة و العودة إلى مواقعها المعتادة، في انتظار مهام أخرى حقيقية قد تدعو إليها الحاجة بين حين و آخر أثناء الفيضانات و الحرائق و الهزات الأرضية والتوهان داخل كهوف جبال طاية بينها غار الجماعة الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى قبلة للسياح و الباحثين عن متعة المغامرة تحت الأرض من مختلف ولايات الوطن.
ويعتبر الدخول غير المحروس و غير المنظم إلى الكهوف العجيبة بغار الجماعة مغامرة خطيرة، و خاصة لغير المتعودين على التعامل مع مسالكه الوعرة التي تتطلب دليلا متمكنا، و تجهيزات إضاءة قوية و حبال و لباس خاص.
و لا تعمل الهواتف الجوالة أو أي وسيلة اتصال أخرى داخل الكهوف السحيقة، أين تتواجد مناظر مثيرة صنعتها الطبيعة منذ آلاف السنين، ومازال الكثير منها دون اكتشاف حتى الآن، و ما وصل إليه مغامرون من جمعية غار الجماعة ببلدية بوحمدان كان مثيرا للسياح و الباحثين من داخل الوطن و من الخارج.
وكان موقع غار الجماعة الواقع غربي قالمة مهملا بسبب العزلة، لكن بعد تعبيد طريق عين تويفزة عين الحمراء حتى حدود ولاية سكيكدة، اكتشف السياح و محبو المغامرة هذا الموقع، و بلغت شهرته ربوع الوطن و الخارج بفضل النشاط المكثف للجمعية الفتية التي كان أعضاؤها أول من يبلغ عمقا و مسافات قياسية داخل الكهوف المظلمة و ينقلوا صورا مثيرة من تحت الأرض، شجعت الكثير على زيارة الموقع و المغامرة داخل كهوفه التي لا تعرف نهاية لها حتى الآن. فريد.غ