ثمّن، أمس، متدخلون في ملتقى وطني حول دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن المستدام وحماية المستقبل، من تنظيم جامعة العربي بن مهيدي بالشراكة مع مديرية الأمن الوطني بأم البواقي، مواكبة الجزائر للتطورات الحاصلة في مجال الذكاء الاصطناعي للحفاظ على سيادتها الرقمية.
واعتبر مشاركون في الملتقى بأن الجزائر لم تكتف بتشييد كليات ومعاهد حول الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، بل تجاوزت ذلك للعمل على التحكم في التكنولوجيات المتطورة، كيف لا وهي التي ينتمي إليها عديد العلماء والباحثين المسيرين لأكبر الشركات العالمية.
مدير جامعة العربي بن مهيدي البروفيسور ديبي زهير أوضح في كلمته بأن انخراط الجامعة في شراكة فعالة مع محيطها الاجتماعي والاقتصادي يجعل منها قاطرة ومنارة لكل الرؤى والمشاريع المشتركة التي تخدم التنمية المستدامة للبلاد وخاصة في إطار الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، التي تبلورت في المبادرات الرئيسية التي اتخذتها الحكومة لتعزيز تبني الذكاء الاصطناعي، وهو ما تجسد بالفعل في قطاع التعليم العالي انطلاقا من المخطط التوجيهي للرقمنة في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، من خلال إطلاق عديد المنصات والأرضيات الرقمية المرتبطة بتسيير الخدمات الإدارية لكل أطراف وفواعل الحياة الجامعية، كما تعزز القطاع بإنجاز بنية تحتية مهمة على غرار المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي والمدرسة الوطنية للأمن السيبراني.
من جهته رئيس أمن ولاية أم البواقي عميد أول للشرطة بطيوي عبد الغني، أشار بأن تنظيم الملتقى يأتي تزامنا والتطور التكنولوجي والرقمي السريع الحاصل في مجال الذكاء الاصطناعي، مضيفا بأن هذا التطور وبالرغم من مزاياه العظيمة التي يقدمها للأفراد والمجتمعات، غير أن خطورته أعظم وأكبر من ذلك بكثير، إذا ما تم استغلاله ضد البشرية والمجتمعات ككل، وهو ما يستشف اليوم من خلال التهديدات والجرائم المرتكبة في الفضاء السيبراني، وهي الجرائم التي تتسم بالخصوصية والسرعة والتطور المستمر، ولذلك أعطي لها وصف «المتغير غير الثابت»، وأضاف المتحدث بأن التغيرات الاقتصادية والسياسية التي عرفتها الجزائر مؤخرا، أصبح لزاما مواكبتها بالتطور الرقمي والتكنولوجي المتسارع، خاصة في ظل الحاجة الماسة لحماية الأنظمة وشبكات الكومبيوتر المتصلة بالانترنت من جميع أشكال التهديدات أو الاختراقات أو التعطيل، وأكد رئيس أمن الولاية بأن الجزائر اليوم في رهان لمواكبة ومواجهة التطور الرقمي الحاصل، الأمر الذي استدعى من المصالح الأمنية انتهاج سبل العصرنة، من خلال تكوين عنصر بشري ذو كفاءة عالية.
وأشار ممثل المدير العام للأمن الوطني مراقب الشرطة بوشمال يوسف مدير مدرسة تكوين ضباط الشرطة المجاهد المتوفى أحمد لولو بسيطف، بأن اختيار موضوع دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن المستدام وحماية المستقبل، ينم عن رؤية استشرافية عميقة، لأهمية هذه التكنولوجيا الناشئة ودورها في الحفاظ على الأمن الوطني، في خضم التطور العلمي والتقني المتسارع الذي يشهده العالم على كافة الأصعدة، خاصة في المجال الأمني، أين أضحى الذكاء الاصطناعي بمثابة الركيزة الأساسية والجوهرية في تطوير مختلف القطاعات بالاعتماد على هذه الطفرة التكنولوجية، مؤكدا بأن تحقيق السيادة الرقمية يبقى مرهونا بمدى اندماج مؤسسات الدولة وانخراطها في الجهود الكفيلة لكسب الرهانات ذات الصلة بالأمن القومي بشكل عام، مضيفا بأن المديرية العامة للأمن الوطني تدرك تمام الإدراك أن التطور التكنولوجي المتسارع وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، يمثل مكسبا وتحديا في آن واحد، ففي الوقت الذي يفتح آفاقا واسعة للتنمية والابتكار وتحسين جودة الحياة، فهو يطرح تحديات جدية في مجال الأمن السيبراني الذي عرفت أهميته نموا سريعا.
والي أم البواقي بن عبد الله شايب أشار إلى أن الأمن المستدام بمفهومه الشامل، يمثل أولوية قصوى لأي أمة تسعى إلى تحقيق الازدهار والرخاء لشعبها وضمان مستقبل أجيالها القادمة، أين يبرز الذكاء الاصطناعي كأداة قوية ومبتكرة قادرة على إحداث تحولات جذرية في كيفية التعامل مع هذه التحديات المعقدة، وأضاف الوالي بأن الجامعة بما تملكه من كفاءات علمية وبحثية متميزة قادرة على أن تكون مركزا رائدا في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن تساهم بفعالية في بناء القدرات الوطنية وتطوير الكفاءات الشابة القادرة على قيادة هذا المجال الحيوي.
وتضمن الملتقى الوطني تدخلات لخبراء وباحثين جزائريين يتواجدون اليوم في معاهد وجامعات دولية مختلفة، على غرار الخبير الدولي في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي بكندا بلفراقي منصف، وكذا الخبير الدولي في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي بجامعة الشارقة بونصر أحسن، إضافة للخبير الدولي بجامعة باريس يعيش محمد رضا، أين تمحورت مختلف مداخلاتهم حول التطبيقات الأمنية للذكاء الاصطناعي ومواجهة التهديدات السيبرانية وتحسين أمان الشبكات والأنظمة الرقمية، والتحديات الأخلاقية والقانونية وصولا لدور الذكاء الاصطناعي في إدارة الكوارث والأزمات، وشهد بهو دار حاضنة المشاريع تنظيم معرض للابتكارات من تقديم طلبة من 12 جامعة عبر الوطن إضافة لعرض مواقع إلكترونية لجهازي الشرطة والجمارك.
أحمد ذيب
