استؤنفت مساء أمس الأول الجمعة، الرحلات الجوية الخارجية من مطار محمد بوضياف بقسنطينة بعد توقف دام لأزيد من 14 شهرا، حيث أقلعت طائرة شركة الخطوط الجوية الجزائرية نحو مطار قرطاج الدولي بتونس وسط إجراءات وقائية صارمة، فيما تنفس مواطنون ورعايا تونسيون الصعداء بعد تعليق قرار حظر الطيران الخارجي.
و وقفت النصر على التدابير المتخذة في الرحلة الجوية رقم 4002 والتي تعد الأولى منذ تعليق الطيران الخارجي منتصف شهر مارس من العام الماضي، حيث بدت الأجواء كئيبة داخل المطار الذي فقد حيويته بعد أن فرضت الجائحة منطقها على العالم منذ قرابة 14 شهرا.
وظهرت معالم الفرحة متجلية في وجوه المسافرين، الذين كانوا من مختلف الفئات العمرية، وقد سجل احترام مطلق للإجراءات الوقائية وتدابير التباعد الاجتماعي، إذ يتم قياس درجة حرارة المسافرين قبل دخول المطار كما حددت أماكن الجلوس في قاعة الانتظار وفقا لتدابير التباعد. ولاحظنا أن الإجراءات كانت جد عادية باستثناء مراقبة الوثائق الخاصة بفحوصات الكشف عن فيروس كوفيد 19 «بي سي آر» من طرف الطواقم الطبية والشرطة، والتي كانت كلها قد أجريت قبل 72 ساعة، فيما قال أحد المسافرين «لو طلب منا أن نجري الفحص قبل 24 ساعة لقمنا به، المهم أن نسافر ونرى أهالينا ونعود إلى أعمالنا».
واقتربنا من إحدى العائلات التونسية المتكونة من الوالدين و بنتين، حيث علق الأب قائلا «لقد كنا نرى أهالينا كل ثلاثة أشهر لكن الجائحة حرمتنا من رؤيتهم طيلة عام ونصف»، قبل أن تتدخل زوجته قائلة «الحمد لله بعد الشدة يأتي الفرج سأعود لأرى أمي وأبي وكل أفراد عائلتي»، موضحة بأن زوجها يشتغل بالجزائر العاصمة ولم يسافروا إلى تونس منذ شهر ديسمبر من عام 2019 إذ كان من المفروض أن يزوروا عائلتهم شهر مارس من العام الماضي، غير أن غلق المجال الجوي والحدود البرية بسبب الوباء، حال دون تنقلهم.
ولاحظنا أن عددا معتبرا من المسافرين يحملون ملفات طبية و أظرفة ذات حجم كبير والتي عادة ما توضع فيها نتائج الفحوصات بجهازي السكانير والرنين المغناطيسي، قبل أن نقترب من أحدهم حيث صرح بأنه يقطن بإحدى ولايات الوسط وكان مداوما على العلاج لدى طبيب مختص بإحدى المصحات بالعاصمة التونسية، لكن تعليق الرحلات الجوية منعه من مواصلة العلاج حتى كادت وضعيته الصحية تتعقد، مشيرا إلى أنه سيتوجه إلى العيادة مباشرة على أن يعود بعد 15 يوما.
وذكر مسافر آخر بأنه سجل في الرحلة إلى تونس ومن ثم سيتوجه إلى إيطاليا مباشرة، مشيرا إلى أنه ظل عالقا بالجزائر طيلة هذه الفترة بعد أن كان مقررا أن يزور أرض الوطن لمدة لا تزيد عن الشهر ليجد نفسه تاركا أعماله معلقة بالخارج، وأضاف المتحدث أن الإجراءات الوقائية ضرورية لكنه اقترح أن تشدد إجراءات الدخول والخروج حتى يسافر المضطرون فقط، قبل أن يؤكد بأن عددا معتبرا من المسافرين قد اتخذوا من تونس منطقة عبور إلى دول أوربية وخليجية.
وعلى متن الحافلة التي تقل المسافرين إلى الطائرة، تحدثنا إلى فتاة تونسية في العشرينات من العمر، حيث صرحت بأنها طبيبة تخرجت مؤخرا في أحد التخصصات الطبية وتعيش عند جدتها لوالدتها في الجزائر أين تدرس، حيث لم تر عائلتها منذ قرابة العامين نظرا لانشغالها بالدراسة قبل أن تؤخرها الجائحة عاما آخر عن العودة إلى أهلها، معبرة عن فرحتها بالعودة إلى بلدها.
وذكر مدير مؤسسة تسيير مطار قسنطينة، عصام بن الصيد، أنه قد تم توفير كل الظروف الملائمة للمسافرين، ويتعلق الأمر بأجهزة قياس درجة الحرارة و تعقيم الحافلة التي تقلهم إلى المطار وكل القاعات وهي إجراءات اتخذت منذ استئناف الرحلات الداخلية، مشيرا إلى أن عدد الركاب في رحلة أول أمس قدر بـ 250 مسافرا.
وسخرت شرطة مطار قسنطينة، تشكيلة أمنية لتأمين المسافرين حيث عملت على تسهيل وتسريع إجراءات العبور والمراقبة مع التكفل بفئة المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، كما ستعمل على مرافقة الوافدين من الخارج إلى الفنادق المخصصة لإيواء المسافرين القادمين من خارج الوطن، إذ تم تخصيص 4 فنادق لاستقبال الرحلة التي قدمت في ساعة متأخرة من تونس، ويتعلق الأمر بفندقين بعلي منجلي واثنين بمدينة قسنطينة.
لقمان/ق