شرعت مديرية التجارة وترقية الصادرات بولاية قسنطينة، في حملة تحسيسية واسعة لحث أصحاب المقاهي على خفض أسعار كوب القهوة بعد دعم الدولة لأسعارها، حيث صار ثمن الكيلوغرام مسقفا بـ 1300 دينار للكيلوغرام من القهوة المحمصة، كما سيتم إلزام المعنيين بتقديم الفواتير ، لكن غالبية التجار أكدوا بأن الأسعار ماتزال على حالها ولم تنزل عن سقف 1600 دينار ، متحدثين عن سيطرة الوسطاء على السوق، كما أن تحديات التكاليف قد تمنعهم من تطبيق أي تخفيضات مستقبلا.
ورافقت النصر، يوم أمس الأول الخميس، فرقة من مديرية التجارة مكونة من المحقق الرئيسي بن يحيى منير والمفتش الرئيسي سراب وليد، في حملة تحسيسية بوسط مدينة قسنطينة، حيث كان الهدف منها حث أصحاب المقاهي على تخفيض سعر كوب القهوة بعد أن دعمت الدولة سعر هذه المادة، وسقفت ثمن القهوة المحمصة بـ 1300 دينار كيلوغرام.
بداية جولتنا، كانت من شارع مسعود بوجريو المعروف بحركيته الكبيرة ، حيث تم الحديث إلى صاحب مقهى، عن التدابير المتخذة من طرف الدولة والتي سقفت فيها أسعار القهوة، غير أن التاجر لم يكن على علم بالأمر، إذ أكد بأنه يقتنيها من متعامل جملة بسعر يقدر بـ 1700 دينار للكيلوغرام، قبل أن يؤكد له ممثلا مديرية التجارة، بأن سعرها يقدر حاليا بـ 1300 دينار، وهي متوفرة لدى عدة متعاملين قدما له أسماءهم وعناوينهم التجارية، كما أكدا له بأن أعوان الرقابة سيطلبون منه في المرة القادمة، تقديم فاتورة الشراء.
وفي مقهى آخر، بذات الشارع علق صاحب مقهى لافتة حدد من خلالها سعر كوب القهوة بـ 60 دينارا ، وحين استفسر منه عونا الرقابة، عن سبب اعتماد هذا السعر، أكد بأن سعر الكيلوغرام مايزال مرتفعا ولا يقل عن 1680 دينار كان قد دفعها قبل يوم فقط ، مشيرا إلى أنه لم يسمع عن التخفيضات، إلا في وسائل الإعلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأبدى صاحب المقهى استعداده لتخفيض سعر كوب القهوة ، حيث قال بأنه ومنذ ارتفاع أسعارها فقد تراجع عدد الزبائن بشكل كبير ، كما استفسر عن السعر، الذي حددته الدولة لبيع الكوب الواحد، لكن عوني التجارة، أكدا له بعدم وجود أي سعر مقنن حاليا، لكن وجب التخفيض من سعر الكوب طواعية، تماشيا مع إجراءات الدعم، التي اعتمدتها الدولة، فيما لاحظنا أن السعر المعتمد في جل المقاهي هو 50 دينارا ، باستثناء ثلاث مقاهي كانت تطبق سعر 60 دينارا.
وسطاء يعرقلون تنظيم نشاط سوق القهوة
وتطابقت أقوال كل أصحاب المقاهي، الذي شملتهم الحملة التحسيسية حول الأسعار المتداولة في السوق حاليا، في حين ذكر تاجر بأن تجار الجملة سيتجاوبون في الأيام الأولى ويعتمدون البيع بالفوترة لكنهم سرعان ما يعودون إلى تصرفاتهم، التي يمتنعون من خلالها إصدار الفواتير مثلما حدث في حالات سابقة، كما تحدثوا عن وجود وسيطرة فئة الوسطاء على السوق بما يصعب تطبيق قرار التسقيف أو الفوترة، مطالبين بحماية قانونية كافية تحميهم من شجع تجار الجملة، إذ سيمتنعون لا محالة بحسبهم، عن بيعها بالفوترة .
وأكد عونا الرقابة، بأن مصالح الدولة ستعمل على متابعة هذا النشاط وتطبيق التعليمات بحذافيرها، كما طلبا من التجار عند توجههم لسوق الجملة ، تقديم السجل التجاري ورقم التعريف الجبائي، غير أن أصحاب المقاهي، أبدوا تخوفات كبيرة من استغلال معلوماتهم التجارية من طرف تجار الجملة واستخدامها لتضخيم الفواتير، مشيرين إلى أن الكثير من القضايا، هي الآن محل معالجة قضائية على مستوى المحاكم.
وما لفت انتباهنا، هو تأكيد أحد أصحاب المقاهي بشارع بلوزداد، بأنه قد عرض عليه قبل أسابيع قليلة فقط اقتناء مادة القهوة المدعمة بـ 1000 دينار للكيلوغرام، علما أنها مخصصة للتعليب وموجهة للاستهلاك المنزلي، مشيرا إلى أنه قد رفض العرض جملة وتفصيلا، إذ يعلم ما يليها من متابعات ومخالفات، وهو ما يعزز حسبه وجود تلاعب كبير من طرف فئة الوسطاء.
تأكيد على صعوبة تراجع الأسعار في ظل ارتفاع التكاليف
وقد أكد أصحاب مقاهي، بأنه وحتى ولو اقتنوها بالسعر المسقف، فإن الأسعار لن تتراجع، حيث أن السعر المعتمد حاليا في جل المقاهي والمقدر بـ 50 دينارا، قد طبق حين ارتفعت أسعارها إلى ألف دينار للكيلوغرام، حيث ذكر تاجر بأن الكيلوغرام الواحد ينتج ما يقارب 63 كوبا أضف إليها تكاليف العمال والسكر والأكواب والملاعق ومواد التنظيف والإيجار ، مؤكدا بأنه من غير الممكن، أن تتراجع أسعارها في ظل كل هذه التكاليف حسب تعبيره.
وما يلاحظ، من خلال الحديث إلى أكثر من 10 أصحاب مقاهي، بأن سوق مادة القهوة غير منظم على الإطلاق، حيث أن تجار الجملة أو الوسطاء كل يسوقها على هواه وبالطريقة التي تناسبه، كما أبرزوا بأن منطق العرض والطلب وهو الأصل في العملية التجارية قد غاب عن السوق، بما تسبب في خسائر، لهم نتيجة عزوف المواطنين عن استهلاك القهوة بالمقاهي ، إذ أقسم تاجر بأغلظ الإيمان، بأن هامش الربح قد تراجع بقرابة ثلاثة أرباع عما هو معتاد في السنوات السابقة.
وطمأن ممثلا مديرية التجارة، أصحاب المقاهي، بأن الأجهزة الرقابية الخاصة بالمديرية ستمارس دورا حاسما في تطبيق القوانين والإجراءات المتعلقة بتسقيف أسعار القهوة وضمان إصدار الفواتير من قبل تجار الجملة والتجزئة على حد سواء، حيث ستتواصل الحملات التحسيسية و ستكثف حملات التفتيش المفاجئة على تجار الجملة والمقاهي، مع متابعة شكاوى التجار والمستهلكين على حد سواء، كما أكدا بأنه وفي حال رصد أي تجاوزات ستطبق عقوبات صارمة على المخالفين، وذلك لتعزيز الشفافية وحماية السوق من المضاربة والاحتكار.
وتجدر الإشارة ، إلى أن وزير التجارة الداخلية وضبط السوق، الطيب زيتوني، قد أكد في تصريح لوسائل الإعلام من ولاية المسيلة الأسبوع الماضي، بأن الدولة قد أنفقت مايزيد عن 53 مليار سنتيم، كتعويضات لمستوردي ومحولي ومحمصي القهوة، من أصل 150 مليار سنتيم خصصتها الدولة لدعم السوق الجزائرية، مشيرا أن عملية التعويض تسير بسلاسة، وأن الأموال متوفرة لكل من يقدم ملفه للحصول على الدعم، مشددا على أن قرار دعم أسعار القهوة نهائي، مضيفا أن الدولة ستتخذ إجراءات صارمة لمعاقبة كل من يحاول التلاعب بالأسعار، داعيا أصحاب المقاهي إلى خفض سعر كوب القهوة، محذرا من اتخاذ تدابير قانونية في حال استمر الوضع الحالي.
لقمان قوادري