الأحد 27 أفريل 2025 الموافق لـ 28 شوال 1446
Accueil Top Pub

مختصون يحذرون من خطورته على الصحة العمومية: "تحدي البراسيتامول " كابوس يثير المخاوف في البيوت والمدارس

اجتاح مؤخرا "تحدي الباراسيتامول" منصة تيك توك وعدة مواقع افتراضية أخرى، وتحوّل إلى كابوس حقيقي يرعب الأولياء ويشكل خطرا على صحة الأبناء قد يصل إلى حد الوفاة، حسب مختصين، شددوا على ضرورة التوعية بالتبعات الصحية لهذه التحديات التي تترصد المراهقين الفئة الأكثر هشاشة في المجتمع.

ولقد لقي تحدي "البراسيتامول" الذي انطلق من دول أجنبية، صدى في أوساط المراهقين بالجزائر، حيث يقوم المشاركون فيه بابتلاع جرعات كبيرة من دواء "الباراسيتامول" في ما يعرف بـ"اختبار التحمل"، وسط ترويج خادع بأن من يتحمل أكثر يعد "فائزا"، غير أن الفوز هنا قد يكون تذكرة نحو الموت.
تهديد حقيقي للصحة العمومية
وحرك التحدي هيئات رسمية، التي دقت ناقوس الخطر في بيانات رسمية، في مقدمتهم وزارة الصحة التي حذرت من خطر انتشاره في شكل "ترند" يتم خلاله تناول الباراسيتامول دون إشراف طبي ولغير الغاية التي وجد لها وبجرعات مفرطة، خصوصا من طرف الشباب، مؤكدة في بيانها أن هذه الممارسات تشكل تهديدا حقيقيا للصحة العمومية، لما لها من آثار قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة تصل إلى ما لا يحمد عقباه، داعية مدراء الصحة والصيادلة إلى التحلي بأقصى درجات اليقظة، والمشاركة في حملة تظهر مساوئ الاستعمال السيء والمفرط لهذا الدواء دون مراعاة الشروط الطبية لاستعماله،
كما أبدت وزارة التربية قلقها العميق إزاء انتشار الظاهرة داخل المدارس، وطلبت من مديري المؤسسات التربوية تنظيم حملات تحسيسية للتلاميذ وأولياء الأمور، وهو الأمر الذي جعل جمعية الصيادلة أيضا تصدر بيانا، محذرة فيه من تفشي هذه الظاهرة، ووصفتها بـ"السخيفة والخطيرة"، مؤكدة أنها رصدت انتشار التحدي بين صفوف المراهقين عبر مواقع التواصل، منبهة الأولياء، والمربين، ومهنيي الصحة بالتحلي باليقظة والتحرك العاجل، فيما اعتبرت منظمة حماية المستهلك الظاهرة دخيلة وغريبة عن المجتمع الجزائري، مطالبة بتشديد الرقابة على بيعه لمن هم دون السن القانونية.
خوف شديد وسط الأولياء
و لاحظنا عند متابعة ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي، تعليقات كثيرة لأولياء تفاعلوا مع الأخبار المتداولة حول "تحدي الباراسيتامول"، وعبروا عن خوفهم الشديد من تفشي هذه الظاهرة في صفوف التلاميذ والمراهقين، من بينهم السيدة ليلى، التي قالت في تعليقها بأنها لم تكن تعلم "بتحدي البراسيتامول"، إلى حين اكتشاف أقراص براسيتامول داخل محفظة ابنها، الذي اعترف بعد أن واجهته بالأمر، بأن بعض زملائه في المدرسة طلبوا منه المشاركة في تحد منتشر على تيك توك.
أما السيد فؤاد، أب لفتاة في الطور المتوسط، فأكد بأن ابنته عادت إلى البيت وهي في حالة نفسية سيئة جدا، والدموع تملأ مقلتيها لتروي له ما حدث لزميلتها خلال الاستراحة المدرسية، بعد أن تناولت عدة أقراص من الباراسيتامول، فيما كتب ولي آخر في تعليقه، قائلا "بات من الضروري مراقبة ما يشاهده الأبناء على هواتفهم، لا يمكن أن يتم تركهم يواجهون هذا الكم الهائل من المحتوى الخطير دون رقابة".
أعراض خطيرة ومضاعفات قاتلة

حذر المختص في الصحة العمومية الدكتور محمد كواش، من خطورة ما يعرف بـ "تحدي الباراسيتامول" الذي انتشر مؤخرا بين أوساط المراهقين عبر منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن التسمم بهذا الدواء قد تكون له عواقب وخيمة تصل إلى حد الوفاة.
وأوضح كواش، أن الباراسيتامول، رغم كونه من أكثر الأدوية استهلاكا ومبيعا في العالم بصفته مسكنا للآلام وخافضا للحرارة، إلا أن تناوله بشكل عشوائي ودون وصفة طبية يعد خطرا كبيرا، مضيفا أن الدواء يطرح في الأسواق بجرعات مختلفة، لكن التسمم يحصل عند تجاوز الجرعة الموصى بها، مشيرا إلى أن تناول ست حبات فقط، أي ما يعادل 6 غرامات، كفيل بإحداث تسمم حاد تظهر أعراضه بعد 24 ساعة من الاستهلاك.
وذكر المختص جملة من الأعراض التي قد ترافق حالات التسمم، أبرزها، آلام شديدة في المعدة، اضطرابات في التوازن، الغثيان، نزيف معوي، تلف حاد في خلايا الكبد، اختلال في وظائف الكلى قد يؤدي إلى القصور الكلوي، فضلا عن إمكانية الإصابة بأمراض في القلب والشرايين، وحتى الموت المفاجئ.
كما شدد المتحدث في سياق متصل، على أن التسمم الناتج عن الباراسيتامول من النوع غير العكسي، أي أن الشفاء منه صعب ومضاعفاته طويلة المدى.
"ترندات" قاتلة تستهدف فئة حساسة
ووصف كواش هذا "التحدي" بالترند القاتل الذي يستهدف فئة حساسة من المجتمع، وهم المراهقين والشباب، الذين يسهل التأثير عليهم نتيجة رغبتهم الظهور وجلب الانتباه.
متابعا بالقول، أن من يروجون لهذه التحديات مجرمون في حق هذه الفئة، فقد سبق بحسبه، استهدافهم بتحديات خطيرة مثل تسلق المرتفعات، التدخين، السهر المفرط، وها نحن اليوم أمام تحد أكثر فتكا، مشددا على ضرورة تحلي الأسرة بمسؤوليتها وتوعية الأبناء بمدى خطورة التحديات المنتشرة على مواقع التواصل، تفعيل الحوار داخل الأسرة للكشف المبكر عن أي سلوك غير طبيعي.
التطبيب الذاتي خطر قائم
وألح كواش على منع استهلاك أي دواء دون وصفة طبية، بما في ذلك الباراسيتامول، مشددا على أن "التطبيب الذاتي" بات ظاهرة خطيرة، تسببت في انتشار أمراض نادرة ويصعب علاجها وتستلزم تكاليف باهظة.
وفي حال ملاحظة أعراض التسمم، نصح المتحدث بتقديم الإسعافات الأولية بسرعة، من خلال مساعدة المصاب على التقيؤ، ثم إعطائه أدوية خاصة بامتصاص مفعول الباراسيتامول، إلى حين نقله لأقرب مرفق صحي لتلقي العناية اللازمة، محذرا من خطورة الاستهلاك العشوائي للأدوية والانجرار وراء الظواهر الاجتماعية السلبية، داعيا إلى ترسيخ ثقافة الوقاية والتربية الصحية في المجتمع، وتفعيل دور المؤسسات التربوية والصحية في توعية التلاميذ بخطورة هذه التحديات.
استغلال الهشاشة النفسية والاجتماعية للمراهقين

وأكدت المختصة في علم الاجتماع، سارة زقاد بأن من أبرز سمات المجتمع الحديث هو التغير الدائم، وهذا التغير أصبح اليوم مرتبطا ارتباطا وثيقا بالتطور التكنولوجي، لا سيما في ظل الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها تطبيق تيك توك.
فمنذ ظهوره، بحسب الأخصائية، أصبحت المجتمعات عرضة لظهور ترندات متتالية، كثير منها لا يخلو من الخطورة، بل يمكن وصف بعضها بالمرعبة، على غرار تحدي الباراسيتامول الذي يهدد حياة المراهقين بشكل مباشر.
وأوضحت زقاد أن هذا التحدي يقوم على تناول المراهقين كميات كبيرة من الباراسيتامول دفعة واحدة، بهدف اختبار قوة التحمل، دون أي اعتبار للخصوصيات الفسيولوجية لكل فرد أو لقدرة الجسم على تحمل مثل هذا التسمم الخطير، فالخبراء والأطباء بحسبها مجمعون على أن الباراسيتامول لا يمنح الشعور بالنشوة أو التخدير كما تفعل المخدرات، بل يُعد تناوله المفرط سببا مباشرا لتسمم حاد، وقد يؤدي إلى الوفاة خلال ساعات قليلة.
وترى الأخصائية أن انتشار هذا التحدي بين فئة عمرية معينة، خاصة فئة المراهقين، لا يمكن فصله عن ما تعانيه هذه الفئة من هشاشة نفسية واجتماعية، فالمراهقون هم الأكثر عرضة للتأثر بالضغط الاجتماعي الذي تمارسه الأسرة، المدرسة، والمجتمع بشكل عام، ويبحثون دائما عن فضاء بديل يعبرون فيه عن أنفسهم، ويجدون فيه من يشبههم ويشاركهم أزماتهم، وفي منصات التواصل الاجتماعي، يجدون ذلك الفضاء الذي يفتح لهم المجال لخوض تجارب جديدة، ولو كانت خطيرة، لإثبات الذات أو التمرد على القواعد الاجتماعية.
ثقافة جماعة الأقران والضغط الاجتماعي الرقمي
تؤكد زقاد أن الانخراط في مثل هذه التحديات ناتج أيضا عن رغبة المراهق في الانتماء إلى جماعة الأقران، وهي جماعة عمرية لها تأثير كبير في توجيه السلوك، فالانضمام إلى مثل هذه الجماعات يكون مشروطا بالخضوع لقواعدها، والتي قد تشمل خوض تحديات خطيرة، كالباراسيتامول، ورغم إدراك المراهقين، تضيف الأخصائية، لمخاطر هذه السلوكيات، إلا أنهم يفضّلون تحدي الخطر بدل الشعور بالعزلة أو الرفض.
وأشارت الأخصائية إلى أن الجيل الحالي، المسمى بـجيل زد، هو جيل نشأ في ظل الثورة الرقمية والتكنولوجيا الحديثة، فقد تفتح على مختلف الثقافات العالمية دون وجود ضوابط واضحة تنظم هذا الانفتاح. فنلاحظ تأثره بالموضات، وأنماط اللباس، وطريقة الكلام، وحتى التصرفات اليومية، بحسبهاهذا ما جعل سلوكياته تختلف جذريا عن الأجيال السابقة، وتتمرد على كثير من القيم الاجتماعية والدينية التقليدية.
وتحذر زقاد من أن بعض أساليب التربية الحديثة قد تتحول إلى سلاح ذو حدين، فمحاولة الأولياء بناء شخصية مستقلة لأبنائهم، عبر منحهم حرية مفرطة دون ضوابط، قد يؤدي في النهاية إلى نوع من الانفلات السلوكي.
وشددت المتحدثة، على ضرورة تفعيل الرقابة الأسرية الاستباقية، ورصد التحديات المنتشرة، والتأكد من مدى ارتباطها بالفئة العمرية لأبنائهم، فإذا كان التحدي موجّها للمراهقين، وجب اتخاذ كافة إجراءات الوقاية والمراقبة وتكثيف الحوار الأسري حول مخاطره.
لينة دلول

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com