يؤكد مسرحيون في فن العرائس من الجزائر و تونس، على أهمية اعتماد الماريونات في علاج الأمراض النفسية وبعض الإعاقات الناجمة عن مشاكل بسيكولوجية عند الأطفال. وتحدث مختصون في المجال، قابلتهم النصر بقسنطينة خلال فعالية مسرحية دولية بالركح الجهوي الحاج محمد الطاهر الفرقاني،عن تجارب ناجعة في مجال علاج المشاكل السلوكية و بعض صعوبات التعلم عند الصغار، كما كشفوا عن نوع جديد من مسرح العرائس موجه للرضع، وعرضوا تطبيقات ذكية لتعليم هذا الفن للناشئة.
أسماء بوقرن
* مريم زياني فنانة تونسية في فن العرائس
أداة لمعالجة الخوف لدى الطفل
أبرزت الناشطة في ثقافة الطفل، والمختصة في مسرح الدمى بتونس مريم زياني، الدور الكبير والفعال لمسرح الدمى في تربية الناشئة، وفي علاج بعض المشاكل النفسية والتعليمية لدى الصغار، وفي مقدمتها الخوف من التمدرس، ونقص التواصل البيداغوجي، وهاجس الصعود إلى منصة القسم والحديث أمام الزملاء، أو الكتابة على الصبورة وأمام المعلمة.
وتحدثت الفنانة، عن تجارب قامت بها على مستوى عديد المؤسسات التربوية في بلادها و أثبتت نجاعتها، على غرار تجربة خاضتها مع مجموعة من التلاميذ، من بينهم تلميذة من ذوي الهمم، تعاني من إعاقة بسبب مشكل بسيكولوجي، وقد تحسنت حالتها بعدما بدأت في تعلم تقنيات استخدام الماريونات، حيث جاءت النتائج المحققة إيجابية جدا، مع عودة التلميذة إلى حالتها الطبيعية، وهو ما جعلها كفنانة تصر على مواصلة العمل لتعميم تجربتها ومشاركتها دوليا.
وقالت، إن خبرتها في عالم مسرح الدمى أهلتها لتكون من بين المكونين الرئيسيين للمربيين في مجال استخدام الدمى، وفي تنشيط العروض على مستوى المؤسسات، فضلا عن المساهمة في برنامج إدماج هذا الفن في المنهاج التربوية وضبط آليات اعتماده بشكل فعال.
مشيرة، إلى أنها قدمت عديد العروض الهادفة على مستوى المدارس، أين كانت على اتصال مباشر مع مدرسين مهتمين بتوظيف الفن في مواد تعليمية، للوعي بدوره المهم في تنمية القدرات وخيال الطفل، وتشجيع روح الابتكار. وحسب المتحدثة، فإن استخدام فن الدمى في تعليم اللغة الإنجليزية للصغار، من الآليات التي يتم اعتمادها حاليا، وقد حققت نتائج مبهرة حيث تساعد الدمى في فهم اللغة بطريقة أسرع وفي تعليم نطق الحروف بسهولة والتحكم في مخارج الحروف، وعلاج صعوبات التعلم وخاصة مشكل عدم الثقة بالنفس والتردد والخوف لدى الطفل.وقالت، إنها كفنانة ومربية أيضا، لاحظت خلال تنشيطها لحصص بيداغوجية باستخدام تقنيات مسرح العرائس، أن هناك تلاميذا يبدون خوفهم من الصعود إلى المنصة وقراءة المحفوظات، أو الكتابة في الصبورة، وتوصلت بعد حصص إلى علاج هذه الصعوبات لدى كثير من الحالات.
والوعي بأهمية مسرح العرائس في علاج الصعوبات البيداغوجية وتسهيل العملية التربوية التعليمية، جعل مختصين في المجال كما أكدت، يبدلون جهدهم لإدماج استعمال بعض هذه الأساليب في المنظومة التعليمية في بلادها. وكانت البداية بتعاون دور الثقافة ووزارة التربية، من خلال تخصيص ساعات عمل لناشطين في هذا الفن بين دور الثقافة والمدارس، فضلا عن تنظيم ورشات تكوينية في رياض الأطفال والمدارس والمعاهد العليا لتنشيط الأطفال، قصد تعليم طرق توظيف الدمية في التدريس، وكيفية استخدامها في تلقين درس القراءة باعتماد فن الدمى الورقية، وهذا ما يضفي حسبها نوعا من المتعة على الحصة ويجعل العملية التعليمية أكثر سلاسة، ويساعد على سرعة الحفظ.
استحداث مسرح الرضع
وتحدثت الناشطة المسرحية مريم زياني، عن عدة أنواع لفن العرائس يمكن توظيفها في علاج مشاكل الأطفال وفي العملية التعليمية، كالمسرح الورقي، حيث يتم رسم شخصية من الشخصيات على الورق المقوى ومن ثم استعمالها للتواصل، وهناك أيضا مسرح خيال الظل. وقالت، بأن فن العرائس يشمل مختلف الفنون، مثل النحت، و فن الرسم وفن الموسيقى، وفن الرقص، والتي تمكن الطفل من رسم شخصيات وتصور مشاهد، وتساعد على سرعة الحفظ. كاشفة، عن تحضيرها لمشروع فني خاص بمسرح للرضع، يشمل آليات التواصل مع الرضع بواسطة الماريونات، باستخدام عروسة الخيط وعروسة الصوف وعروسة الطبعة، والتي تساعد على تطوير خيال الطفل واكتشاف مواهبه، وتعلم السمع والانتباه. مردفة، بأنها تسعى دائما لمتابعة أحدث التطورات في هذا الميدان، من خلال تحميل تطبيقات لتعليم فن العرائس للناشئة كتطبيق»برين تاست» الذي يقدم قواعد استعمال الفن في تعليم الأطفال حيل التفكير، فضلا عن متابعة مربين عبر الإنستغرام في عديد الدول ككندا، وإنجلترا للاستفادة من تجاربهم.
* المسرحي القسنطيني نور الدين مرواني
الماريونات متنفس للصغار الذين يعانون من اضطرابات
من جهته، قال الممثل المسرحي والمسؤول الفني بمسرح قسنطينة الجهوي، نور الدين مرواني، بأن مسرح الدمى متنفس حقيقي لفئة الأطفال وبالأخص من يعانون من مشاكل نفسية، أو عاشوا ظروفا صعبة حيث يمكن الطفل الصغير من تفريغ ما بداخله من تراكمات تقف وراء معاناته النفسية، داعيا إلى تقديم أنشطة متنوعة في فن العرائس وورشات تكوينية لتعلم تقنياته.
وقال ابن مسرح قسنطينة، أنه من بين أوائل من مارسوا هذا الفن في الركح الجهوي الحاج محمد الطاهر الفرقاني، حيث كان يقدم عروضا متنوعة للأطفال، منها ما تنظم بالتنسيق مع مديرية الشبيبة والرياضة، فضلا عن تخصيص مهرجانات للطفل لمشاهدة هذا النوع من العروض. لكن نوعا من القطيعة، حدث بين الطفل والمسرح في فترة التسعينات ولم يتمكن القائمون على هذا اللون المسرحي من مواصلة النشاط، قبل أن تعود الحركية من جديد في السنوات الأخيرة، بفضل جمعيات ثقافية تسعى إلى مد جسر الوصل بين الطفل والخشبة، وبخاصة مسرح العرائس، الذي يعد الأهم لدوره الفعال في علاج المشاكل التعليمية والنفسية، وهو ما يجعله من بين أصعب أنواع الفنون المسرحية.محدثنا أوضح كذلك، بأنه حان الوقت لاستخدام مسرح الدمى كأداة علاجية تستدعي اهتمام علماء النفس، وكذا القائمين على قطاع التربية ورياض الأطفال، مشيرة إلى أن هناك عديد الدول التي قطعت أشواطا في استخدام هذا النوع من المسرح في نقل رسائل تربوية.
وقال، إنه فن يساعد على ضبط بوصلة التركيز، كما يعد أداة فعالة لترسيخ المعارف، خاصة عند الصغار الذين يعانون من صعوبات التعلم، وهي كذلك، فسحة للتفريغ والتنفيس واكتشاف المواهب، وأداة لتعلم تقنيات التعبير الجسدي والاندماج الاجتماعي، والتفتح على العالم الخارجي.
* جيهان اللجمي، مختصة في مسرح العرائس من تونس
الدمى وسيط فني وبيداغوجي ونفساني
قالت جيهان اللجمي، مختصة في مسرح العرائس بدولة تونس، بأن الدمى عالم واسع وأسهل أداة لاختراق عالم الطفولة، كما تعد وسيطا فنيا وبيداغوجيا ونفسيا، وأداة فعالة في تحريك مشاعر الطفل واكتشاف مشاكله النفسية مبكرا وعلاجها، وقد وجب توظيفها في الميادين التي تحتضن هذه الشريحة لضمان تكفل أمثل.
وتحدثت جيهان، عن نجاعة فن العرائس في تمرير رسائل تربوية هادفة، واقترحت الاعتماد على بعض أساليبه في قطاع التربية، من خلال تحويل دروس تعليمية بسيطة إلى عروض مسرحية، تقدم بواسطة الدمى كدرس الإيقاظ مثلا. كما يمكن توظيفه في مجالات عدة أخرى، كأن تلعب الدمية دور النبتة موضحة أن الدمى عالم واسع وأسهل أداة لاختراق عالم الطفولة. وتساعد هذه العرائس كذلك، في تحريك مشاعر الطفل، واعتماد الفن في المناهج التعليمية بات حتمية كما عبرت، مقدمة تجربة تونس في المجال أين تم إدماج بعض تقنيات الماريونات في إطار اتفاقية مشتركة بين وزارة الثقافة ووزارة المرأة، وذلك بإطلاق دورات تكوينية لتدريب إطارات الطفولة على استخدام تقنيات الدمى في التواصل البيداغوجي بين المربي والطفل.وقالت، إنه تم إنشاء برنامج يسمى بـ « الدمية..وسيط بيداغوجي وفني»، يركز على قوة تأثير الدمية، وقدرتها على نقل رسائل مبطنة، وسهولة تمرير المعلومة وكذا سهولة تقبلها من طرف الطفل. فالدمية حسبها في نظر الصغار صديق وفي، لذلك يتقبلون المعلومة عن طريقها بسلاسة وهي وسيلة فعالة لترسيخ المعارف. أ ب